رب ضارة نافعة. وما نعنيه ﺑ «الضارة» تلك الإجراءات التي بدأ الرئيس دونالد ترامب بها عهده وإستهدفت مواطنين مسلمين عرباً في معظمهم الأمر الذي أعطى إنطباعاً بأن مشاعر الرئيس الأميركي ليست ودية ضمناً تجاه المسلمين، مع الأخذ في الإعتبار أن دوافع إتخاذ الإجراءات تتصل بما أحدثتْه تصرفات مسلمين مارسوا عمليات إرهابية شملت بلاداً إسلامية قبل بلاد أوروبية وكذلك لم تسلم من أفعالهم المدانة الولايات المتحدة وغيرها. لكن هذه العمليات لم تقتصر على أفراد مسلمين وإنما مارس البعض من غير المسلمين وفي الدول الذين يحملون هويتها من الأعمال الإرهابية ما يندرج ضمن الإدانة.
أما الذي نعتبره «نافعاً» من إجراءات الرئيس ترامب فإنه يتمثل في أن رد الفعل في الدول العربية والإسلامية عموماً على الإجراءات كان سريعاً وغاضباً، فضلاً عن حالات غضب رسمي وجماهيري داخل أميركا وفي دول أوروبية. وعندما يبادر الرئيس ترامب إلى التشاور هاتفياً مع الملك سلمان بن عبدالعزيز في أمور كثيرة من بينها تلك الإجراءات، فلأن سلمان بن عبدالعزيز بصفتيْه: صفة الملك ورمز المرجعية العربية وصفة كونه خادم الحرميْن الشريفيْن بما تعنيه الصفة لمليار ونصف مليار مسلم، رأى في الإجراءات ما يوجب التبصر في تداعياتها فأسدى النصح لرئيس الدولة الصديقة.
ونرى أنه في ضوء هذا التشاور لا بد أن يعيد الرئيس ترامب النظر في صياغة إجراءاته وبحيث لا تعود هذه الإجراءات تتسم بمشاعر غير ودية تجاه كل ما هو مسلم.
وإلى ذلك ثمة بعض «النفع» من الإجراءات الضارة التي بدا الرئيس ترامب على درجة من السرور وهو يضع توقيعه المتميز عليها، ذلك أنه إذا كان رد الفعل لدى الدول العربية والإسلامية على قراراته التي إتخذها وتتسم ﺑ «الإجراءت» التي يمكن للمسؤولين في الوزارات الأمنية إتخاذها وليس الرئيس شخصياً، وبحيث أن رد الفعل عليها يكون صاخباً وموضع إستنكار الحكام والمواطنين على حد سواء، فإن الرئيس في هذه الحال يلغي ما تم إتخاذه وبذلك تلقى خطوته الترحيب. لكن على ما هو واضح يريد الرئيس ترامب متعمداً ربْط كل الإجراءات بشخصه ومن دون أن يتأمل في ما يفيد وفي ما يعود على عهده بالضرر.
وأما «النفع» الأهم الذي نراه فهو أنه إذا كان رد الفعل العربي – الإسلامي على الإجراءات والمسانَد لدوافع أُخرى من دول كبرى مثل فرنسا والمانيا وكندا وبريطانيا، على نحو ما بدا واضحاً في المشهد الإحتجاجي، فكيف سيكون رد الفعل هذا في حال ألحق الرئيس ترامب بإجراءاته التي إتخذها، تنفيذ الوعد الذي يقضي بنقْل السفارة الأميركية إلى القدس الشرقية المحتلة ملبياً بذلك طلبات إسرائيل.
ولأن رد الفعل العربي- الإسلامي في حال حدث ذلك سيكون عبارة عن إعصارات وليس مجرد تظاهرات أو عبارات إستنكار، فإن الذين حول الرئيس ترامب سيهمسون في أُذنيه من النصح..هذا إذا كانوا من أُولي إسداء النصيحة المخلصة، من الكلام ما فحواه: من الأفضل ألاَّ تأمر بنقل السفارة. وأما إذا كنت تتطلع إلى إستقرار داخلي وسمعة طيِّبة وعلاقات جيدة مع مليار ونصف المليار مسلم منتشرين من لبنان إلى الصين مروراً بكل أصقاع القارات الخمس، فمن المستحَب وضْع توقيعك على قرار يقضي بالتعهد بتنفيذ صيغة الدولتيْن. وكفى العالم شرور الصراعات.