IMLebanon

طريق «داعش» من رأس بعلبك الى طرابلس على الخريطة فقط

تراقب المراجع الأمنية والديبلوماسية المطلعة بدقة متناهية ما تشهده الحدود اللبنانية – السورية في البقاع الشمالي، وترصد ردّات الفعل عليها في الداخل والخارج، وتستغرب السيناريوهات التي تتحدث عن خطط لوصول المسلحين منها الى طرابلس، فتسخر من مضمونها وتؤكد أنّ الطريق الى رأس بعلبك مقطوعة، فكيف الى طرابلس؟!

تواكب المراجع الأمنية والديبلوماسية بدقة الحوادث المتنقلة على طول خطوط المواجهة الجديدة على الحدود اللبنانية – السورية في البقاعين الأوسط والشمالي، وتراقب التدابير التي تتخذها وحدات الجيش في تصدّيها لمحاولات تسلل المسلحين وتُنهيها خلال ساعات، ما حال حتى الآن دون تكرار تجربة «غزوة عرسال» التي انتهت الى خطف عسكريين ومدنيين من المنطقة.

وفي قراءة للمراجع الأمنية والديبلوماسية الغربية، انّ ما حصل حتى الآن يدفع الى رفع مستوى النظرة الى الجيش في أدائه ونوعية مهماته، ما يدفع الى الإسراع في توفير الأسلحة والذخائر التي يحتاجها سريعاً.

وأوصَت المراجع الديبلوماسية بتعزيز قدرات الجيش سراً وعلناً، ووضَع بعضها قدراته الإستخبارية في تصرفه، وعزّزت من وسائل التواصل بين المعنيين في بلادها وبين الجيش بما يضمن استمرار سيطرته على الحدود بالقدرات المتوافرة على أمل تعزيزها في الأيام المقبلة، وقد وضِع بعض الأسلحة والذخائر التي اشتراها الجيش بموجب هبة المليار السعودي الرابع على سكة الاستعجال في نقلها الى مستودعاته وثكنه، وستشهد حركة المطار نقلاً سريعاً لأسلحة ومعدات من مخازن الجيش الأميركي في المنطقة، وخصوصاً في الأردن والإمارات العربية المتحدة وقطر.

وسخرت المراجع نفسها من السيناريوهات التي تدّعي انّ المسلحين ينوون السيطرة على قرى بقاعية تمهيداً للوصول الى طرابلس، ونسبتها الى طرفين، أحدهما يعبّر عن أمانيه بهذه العملية على رغم صعوبتها، وآخر يريد تعزيز السيناريوهات السابقة التي نسجها عن الوضع في طرابلس قبل إقفال «الإمارات الإسلامية» التي توسّع في الحديث عنها من دون أن يكون لها أيّ مقومات لوجستية او سياسية او امنية.

وهي سيناريوهات وهمية تهاوَت بين ليلة وضحاها بمجرد زوال «قادة المحاور» والمربعات الأمنية، والتي تبيّن عملياً أنها إمارات ومربّعات كرتونية عندما توحدت المواقف السياسية لألف سبب وسبب لا يَتسِع المقال لتعدادها مجدداً، خصوصاً بعدما انتهت «أسطورة رومية»، و»غاب الثلج وبان المرج».

وأضافت هذه المراجع انّ كل هذه المعطيات لا تعني إهمال ما يخطط له قادة «داعش» و»النصرة» ومسلحيهما، وشددت على وجوب أن لا تتجاوز ردات الفعل والتوقعات ما يقول به المنطق، فتتحوّل المخاوف، المعبّر عنها من زوايا سياسية، وقائع أمنية على الأرض. فالحديث عن سيناريو سيطرة المسلحين على القرى البقاعية للإنتقال في مرحلة لاحقة الى طرابلس، مثلاً، فيه كثير من الأوهام.

إذ إنّ البلد غير متروك وليس هناك من لا يقف في مواجهة هذه المشاريع التي لا تعدو الى اليوم كونها أكثر من سيناريوهات وهمية لا يمكن ان تمرّ على الأرض ولا في أذهان المعنيين بالملف الأمني. فالطريق الى القرى البنانية القريبة من الحدود وعرة وصعبة، فكيف بالنسبة الى طرابلس حيث انّ كل الطرق اليها مقفلة، ومَن هي القوى التي يمكنها أن تجتاح لبنان لتصِل الى ساحل طرابلس؟

لذلك، تُبدي المراجع الأمنية والديبلوماسية الغربية ارتياحاً الى عقم هذه السيناريوهات التي لا يمكنها أن تمحوها من خرائط «داعش»، ولكن شتّان بين ما يرسم على الخرائط وما يمكن ان يعوق تنفيذها على الارض. وعلى رغم هزال الوضع السياسي وهشاشة التضامن الحكومي، فإنّ في البلد مؤسسات عسكرية وأمنية ستمنع كل هذه السيناريوهات وتجعلها مجرد أضغاث أحلام.