“التيّار” يُصارع للبقاء و”القوّات” لإثبات تقدّمها
تتجه الأنظار الاسبوع المقبل، الى الانتخابات الطلابية في جامعة القديس يوسف، التي لطالما اعتبرت محطّ صراع مستمرّ بين الأحزاب المسيحية بالدرجة الأولى، ولا سيما في “هوفلان” جامعة “البشير” حيث للاستحقاق فيها طعم مختلف في رمزيته. فهل سينجح المستقلون والنادي العلماني بتغيير المعادلة فيها؟
بعد ثورة “17 تشرين”، تغير المزاج الطالبي في الجامعات وتبدلت آراء بعض الشباب وقناعاتهم تجاه الاحزاب، فيما لم يتأثر بعضهم الآخر واستمروا بولائهم محيدين أحزابهم وزعماءهم عن كل هذه المعادلة. وقد تكون انتخابات الجامعة اللبنانية الأميركية (LAU) خير دليل على ذلك، فحزب “القوات اللبنانية” فاز منفرداً بحسب القانون الانتخابي المعتمد (One Man One Vote) لأربع وعشرين مرّة على التوالي، بعدما انسحبت معظم الأحزاب من المعركة الإنتخابية. في جبيل، حصد حزب “القوات” 10 مقاعد، ونال المستقلّون 4 مقاعد، فيما ذهب مقعد واحد لحركة “أمل”. وفي بيروت، حققت “القوات اللبنانية” فوزاً بمقعدين من أصل ثلاثة مقاعد تم الترشح إليها، فيما فاز المستقلّون بـ9 مقاعد، إلى 4 مقاعد لحركة “أمل”. جو انتخابات الجامعة اللبنانية الاميركية لم يشبه انتخابات الجامعة الأميركية في بيروت (AUB)، التي غابت عنها الأحزاب واكتسحها المستقلون. وفي خطوةٍ غير مسبوقة، انسحب عدد من الأندية الطالبية التي تسيطر عليها قوى السلطة في لبنان، من سباق الانتخابات الطالبية فانحصرت المنافسة هذه السنة بين “النادي العلماني” الذي يخوض الانتخابات بـ 94 مرشّحاً مقابل عدد من المستقلين، فحازت لائحة النادي العلماني “Campus Choiceعلى 33 مقعداً من أصل 82 في مجلس الطلاب (SRC) وعلى تسعة مقاعد من أصل 19 في لجنة الجامعة للأساتذة والطلاب (USFC)، ما يجعل هذه اللائحة أكبر كتلة رابحة في الانتخابات. كما فازت لائحة “Change starts Here”، التي تضم مستقلين بـ 32 مقعداً في المجلس الطلابي وستة في لجنة الجامعة.
أم المعارك
حالياً، تتجه الانظار الى الانتخابات الطلابية في “اليسوعية” التي تبدأ في 30 الجاري مع انتهاء التعبئة العامة في البلاد، وتمتد على 4 ايام، وسيكون الحضور الى الجامعة الزامياً، لكل من يرغب بالاقتراع، فمبدأ الاقتراع “Online” ليس خياراً مطروحاً في “اليسوعية”. تتقاطع المعلومات، والاخبار بين الطلاب، فالاجواء ضبابية قبيل ايام قليلة على الانتخابات، بسبب عدم وجودهم في حرم الجامعة بسبب “كورونا”، وتقتصر الحملة الانتخابية على مواقع التواصل الاجتماعي. ولكن بشكل عام يبدو أنّ المواجهة الكبرى ستكون ضد “القوات اللبنانية”، التي تخوض المعركة منفردةً، في ظل تراجع وضعية أحزاب السلطة، ومع حفاظ “القوات اللبنانية” على قاعدتها الشبابية بعد “17 تشرين” كما اظهرت نتيجة الجامعة اللبنانية – الاميركية.
من هنا تقاطعت مصالح البعض في مواجهة “القوات” فاتجهوا الى دعم مرشحين مستقلين من تحت الطاولة، لتسجيل انتصارات شكلية. وفي سرد للوقائع، يشكل الثنائي الشيعي و”تيار المستقبل” 40 في المئة من طلاب اليسوعية. الثنائي الشيعي سيعمل على الترشّح على مقاعد محسومة أو قادر على حسمها، من دون تسجيل نقاط السقوط الانتخابي عليه، وسيعطي اصواته للمرشحين العونيين، بعد تراجع “الحالة العونية” نتيجة كل الخيارات السياسية، والازمة المالية والعقوبات، والفشل في ادارة البلد. “تيار المستقبل” أعلن امتناعه عن خوض المعركة، وتشير المعلومات الى امكانية دعمه لمرشحي حزب “الكتائب” في بعض الكليات بطريقة غير معلنة كتعبير عن التباين مع “القوات”، وهو اصلاً في وضعية الـ”إنسحاب” على المستوى الطالبي الجامعي الوطني. أمّا حزب “الكتائب”، فسيعمل على تعزيز حضوره بما لديه من أصوات المرشحين المستقلين المستعدين اصلاً للتحالف مع الجميع لابراز وجودهم. من جهة اخرى، يخوض النادي العلماني المتمثل بحملة “طالب” معركته بوجه كل احزاب السلطة التي قرّرت المشاركة في الانتخابات. ولا يخفى على أحد رغبة غالبية الشباب بتغيير واقع ما بالتوازي مع ما يشهده البلد، الّا أنّ المشكلة ان ما نراه من تضخيم قد لا يمثل فعلياً الواقع.
وإن كانت الانتخابات في الجامعتين الأميركيّتين مرّت بأجواء “سلسة”، فان للجامعة اليسوعية اعتبارات سياسية تجعل من هذا الاستحقاق مختلفاً ولا سيما في حرم العلوم الاجتماعيّة – هوفلان. فمن هناك بدأت ثورة الأرز، التي هزت عروش أنظمة عاتية، وناضل الطلّاب السياديون ضد الاحتلال السوري واعترضوا على حكم السلطة الامنية في تلك الفترة. في كلية الحقوق والعلوم السياسية ستكون المعركة شرسة جدّاً، وقد رست على 3 لوائح: لائحة “القوات اللبنانية” من جهة، “الكتائب اللبنانية” والمستقلون من جهة أخرى، ولائحة “طالب”، مع غياب واضح لأي مرشح لقوى 8 آذار. كريستينا سعد مرشحة لرئاسة الهيئة الطلابية في الجامعة اليسوعية – كلية الحقوق والعلوم السياسية عن “القوات اللبنانية”، توضح أنّ “المعركة محتدمة مع لائحة “طالب” أكثر من لائحة “الكتائب” والمستقلين، ويعود سبب ذلك الى ادعاءات “طالب” وشعاراتها الرنانة غير الواقعية، ولا سيما أنها تبرز نفسها وكأنها ولدت مع ثورة “17 تشرين” في وقت انها خاضت الانتخابات في السنوات الثلاث السابقة متحالفة مع التيار الوطني الحر. كذلك لا تكف مجموعة “طالب” عن تضليل الرأي الطلابي بحملاتها، ولا سيما انها تنسب لنفسها الانجازات التي حصلت في الجامعة، وهذا الأمر غير صحيح”.
هل تغيّر “طالب” المعادلة؟
تأسست “طالب” في العام 2017 في كلية الحقوق تحديداً، وكانت افكار شبابها تشبه أفكار ثورة “17 تشرين”، ما سمح لها بالتوسع أكثر وأكثر بعد الثورة ورغبة الشباب بالتغيير. كما ان اسماء المرشحين في لوائحها معروفة، وهم من الناشطين الذين كانوا حاضرين باستمرار في ساحات الثورة بحسب شربل شعيا، رئيس النادي العلماني في الجامعة اليسوعية، والمرشح على لائحة “طالب” في كلية الحقوق الذي اشار الى أنّ “خطابنا السياسي واضح جدّاً، فنحن ضد النظام والمنظومة”. ترشحت لائحة “طالب” في 12 كلية، وفازت بالتزكية (بعد إقفال باب الترشيح) في 5 كليات. الاّ أنّ المعركة في كلية الحقوق، مختلفة. يقول شعيا: “ما زال أمامنا 7 كليات نخوض فيها المعركة الانتخابية، والمعركة الاكثر احتداماً في “هوفلان”، فمن الصعب جدّا إحداث تغيير فيها، فهي محسوبة على قوى 14 آذار بشكل عام، وعلى القوات بشكل خاص. وهنا يهمني ان اوضح اننا نشك بأنّ القوات والكتائب على خلاف، فهدفهما الاول هو مواجهتنا. ونشك ايضاً بالمرشحين المستقلين على لائحة الكتائب، فكيف يمكن لمستقل أن يدعم حزباً من احزاب السلطة. واذا كان لحزب القوات جمهوره، فان الكتائب يستغل المستقلين لجذب بعض الاصوات في مواجهتنا. ولكن يمكننا القول إنّ الكلية قد تشهد تغييراً جذرياً هذه السنة، فحظوظنا مرتفعة جدّاً ويمكن أن نفوز بالرئاسة”.
“الكتائب”: برنامجنا همنا الاساسي!
لمرشحة لائحة حزب “الكتائب” والمستقلين جويل جبيلي رأي آخر في هذا الموضوع، فهي تعتبر أنّ لائحتها تمثل “المعارضة”، وأفكار حزبها تلاقت مع افكار المستقلين، من ناحية المطالبة بالديموقراطية، وتطبيق هذه النظريات من خلال برنامجنا بعيداً من اطلاق الشعارات الرنانة التي لا يمكن تطبيقها، بل سنترجم كل مبادئنا على الارض، وسيكون التغيير هدفنا الاساسي. والمشكلة تكمن بوضع البعض معايير لتعريف الشخص المستقل. فالشخص المستقل لديه حرية اختيار من يشبهه والتحالف معه. وأنا أتحدى أن يتقدم من يتهم “المستقلين” على لائحتنا انهم غير ذلك، بأي برهان يؤكد نظريتهم”. وأضافت: “نحن نخوض المعركة ضد “القوات” و”طالب”، ونقدم بديلاً للاشخاص غير التابعين للمنظومة الحالية، من خلال برنامجنا، وليس هدفنا تحطيم أي شخص بل تقديم مقاربة جديدة تهدف للتصويت الى البرنامج الافضل، وليس للشخص بحسب انتمائه”.
أمام كل هذه المعطيات، النتيجة في اليسوعية قد تكون غير متوقعة في الاسبوع المقبل. فحزب “القوات” يرى أنّ نتائجه ستكون مميزة على المستوى المسيحي، علماً أنّ حجمه سيتراجع بنسبة 5 في المئة في الجامعة لصالح المستقلين. حزب “الكتائب” يتكل على وعي الطلاب في التصويت ورغبتهم في التغيير. أمّا “طالب” فاستفاد من ثورة “17 تشرين” وانفجار “4 آب” ليتوسع في الجامعة، محققاً نتائجه المرجوة في بعض الكليات، آملاً في اكتساح الكليات المتبقية.