IMLebanon

الانتخابات انطلقت… لمن كلمة “هوفلان”؟

 

“القوات” مرتاحة و”الكتائب” وجدت حليفاً و”طالب” متحمّسة

 

…وانطلقت البارحة الإنتخابات في الجامعة اليسوعية، مزودة برتلٍ من الشعارات، التي تكررت نفسها على كلِّ الألسنة، مع فارق أن كلّ فريق، كلّ لائحة، كلّ طرفٍ، يعتبرها له، وله وحده. ولكن، هل هناك من هو ضدّ الديموقراطية أقله مجاهرة؟ هل هناك من هو مع الفساد أقله مجاهرة؟ وهل هناك شاب، الى أي مجموعة انتمى، ضدّ التغيير؟ بالطبع لا، لكن الجميع، بلا استثناء، حاول أن يستأثر بكلِّ الصورة، ليقول: أنا التغيير القادم والبقية “كلّن يعني كلّن” مع المنظومة. والى أن تنتهي الانتخابات بعد ثلاثة أيام، ستشهد الجامعة التاريخية محاولات “كسر عظام” بين مجموعة تريد، تحت عنوان “العلمنة”، الإطاحة بالحزبية، وبين أحزاب تاريخية تعلم علم اليقين أنها ثارت قبل الثورة من أجل إحداث التغيير. فماذا على أرض الانتخابات في يومها الأوّل؟

 

أحزاب طائفية، منفعة، زبائنية، ديموقراطية إيجابية، مستقلون، علمانيون، عدالة إجتماعية، أمل، لا للفساد، نعم للتغيير… كلمات ليست كالكلمات… تداعب المشاعر، وتتكرر على ألسنة الشباب والشابات في الجامعة اليسوعية- هوفلان. القوى الأمنية أكثر من عدد الطلاب. وإجراءات “كورونا” تُطبق في المحيط بشدة. ممنوع على طالب رفع القناع الواقي من كوفيد-19. وممنوع على صحافي التحدث مع طالب في حرم الجامعة. ووحدها “الفرجة” متاحة. مندوبون ينتظرون الناخبين وناخبون ينتظرون دورهم. يتقدمون برقيّ. يأخذون ورقة. يدخلون خلف الستارة. يضعون الأسماء وفق القانون النسبي مع الصوت التفضيلي للرئيس. يضعون القصاصة الورقية في صندوقة الانتخاب ويغادرون. عدد المقترعين استمر البارحة قليلاً. والشباب والشابات في الخارج يلتقون على قارعة الطريق للتباحث في الشأن الانتخابي و”ببكرا” الذي يتمنونه أجمل. ولكن، لكلٍّ غده، القائم على نظريات تنطلق جميعها من “ثقافة الديموقراطية” و”أمل التغيير”.

 

“طالب” نعرفهم من “تيشرتاتهم”. نراهم يروحون ويجيئون. يتحدثون هنا ويتحلقون هناك ويقنعون هذا و”ينتفضون” على ذاك وكأنهم “أم الصبي”. “الكتائب” فسخوا العقد مع “القوات” وتعاقدوا مع المستقلين. والمستقلون غير “طالب”. و”طالب” ضد الجميع. و”المستقبل” حلفاء “القوات” القدامى قرروا الا يشاركوا. و”8 آذار” يشاركون معاً “عونيين” و”الثنائي الشيعي” في كلية ادارة الأعمال ويعلقون المشاركة في كلية المحاماة. سيلين عقيقي ومارك أشقر من كلية العلوم السياسية “مستقلون كلياً”. فماذا يقصدون بالإستقلال الكلي؟ تجيب سيلين بأن “لا أحد يشبهنا ولا نشبه أحداً”. لكن، حين ندخل في شعاراتهم نراهم يتشابهون مع كل الآخرين. فهل يمكنهم أن يشرحوا أكثر؟ تجيب سيلين: “تعبنا من الثقة العمياء بالسياسيين. وقررنا تأمين ما يريده الطلاب ولا يعيره أحد اهتماماً ولا أحد قدر على تأمينه من قبل”. نريد تفسيراً أدق؟ يجيب مارك الذي يحمل الجنسية الفرنسية: “نريد تأمين “شوفاجات” الى الطلاب والإبقاء على الأقساط على سعر الصرف 1500 ليرة، وترميم الكافيتريا التي دمر انفجار المرفأ بعضها…”. جميلة ٌ هي هذه الشعارات لكن من أين يأتون بالمال؟ تجيب سيلين: “سنضغط على ادارة الجامعة كي تقوم بها”. ولماذا لم ينضووا في لائحة “طالب” التي تتحدث عن الاستقلالية عن “كلن يعني كلن”؟ يجيب مارك أشقر وهو يفكر أكثر “لا نعرف إذا كانت لائحة “طالب” مستقلة. فلا أحد مستقلّ بالكامل”.

 

 

شاب يدعم، “بالروح وبالدم”، “طالب” يُكرر حاله وحال لائحته “نحن مستقلون ضدّ الأحزاب السلطوية”، لكن أليست الأحزاب هي التي تخلق التغيير؟ أليست “القوات” على سبيل المثال ثورة قبل الثورة وتغييراً قبل شعارات التغيير؟ يهز برأسه ويتابع “ينغل” بين الطلاب.

 

المزايدة واضحة بين كل المنتمين الى كل اللوائح. “صوّت طالب”. شعار يتكرر. شابٌ وشابة يتكئان على حائط مجاور. هي ماريا كرم كانت “قوات” وأصبحت مستقلة. تريد تجربة جديدة. أما زميلها مارك الحاج فكان “قوات” ويستمر قواتياً وصوّت للقوات ويقول: “شعارات “طالب” تداعب المشاعر غير أنها واهية وهي جمعت ناساً كانوا مع القوات وناساً كانوا مع “الكتائب” ومع “التيار الوطني الحر”، ويرفعون شعار العلمنة علماً أننا لسنا في دولة دينية ونحن مع إجراء تغيير على قانون الأحوال الشخصية. لكن ما يحصل مع “طالب” أنهم يستخدمون الشعار في شكل خاطئ”.

 

ما رأي رئيس مصلحة الطلاب في “القوات اللبنانية” الدكتور طوني بدر في انتخابات اليسوعية؟ يجيب: “نحن نخوض معركتنا منفردين وهذا قرار، وليس حدثاً عابراً، اتبعناه في الجامعة اللبنانية الأميركية LAU وسنعتمده في كل المطارح. هذا القرار أخذناه منذ 17 تشرين 2019 فنحن لا نشبه أحداً ولا أحد يشبهنا على المستوى الطلابي. على مستوى النتائج سنحافظ على حضورنا و”فشخة زيادة” في الكليات التي نخوض فيها الانتخابات. ونحن نعرف انه سيكون هناك تقدم للمستقلين الذين نتشارك وإياهم في امور كثيرة، وسيكون هناك تراجع كبير لكثير من الأحزاب، التي لم يشارك بعضها والقسم الآخر شارك في تكتلات حزبية معروفة، بغية إسناد بعضهم، وهم غير قادرين على خوض الانتخابات منفردين. نحن امتلكنا الجرأة والايمان بطلابنا الذين يستطيعون التمييز بين الصح والخطأ”.

 

لكن، هناك من تكتلوا ليواجهوا “القوات” التي يعتبرونها جزءاً من المنظومة لا من الثورة؟ يجيب بدر: “القوات ليست فقط جزءاً من 17 تشرين بل السبب الاساسي في حدوث ثورة 17 تشرين كونها كانت وتستمر الصوت الصارخ في الحكومات، و”ضوّت” على كثير من التجاوزات ودفعت الناس لتثور على الوضعية السائدة، وبالتالي، بغض النظر عن بوصلة البعض الخاطئة، ما يهمنا نحن ان تبقى “الثورة” هوية الجامعة اليسوعية، سواء من خلال مقاعد القوات اللبنانية او من خلال المستقلين الذين يخوضون معركتهم تحت عنوان الثورة. ما يهمنا هو نجاح الثورة، أما بالنسبة الى وضعنا في خانة الأحزاب التقليدية فلا مانع لدينا و”جسمنا قاسي” ونتحمل. نحن نعتبر قضيتنا أقوى بكثير من قضية اتهامات صغيرة. مررنا بظروف أقسى بكثير وصمدنا. والشعارات التي نرفعها اليوم في الانتخابات الطالبية ثلاثة أساسية: أولها، ثورة على نظام المحاصصة الموجود في السلطة والتكتلات التي لا تشبه بعضها بشيء من اجل الوصول الى مقاعد اكثر. ثانيها، ثورة على مفهوم كلن يعني كلن. وثالثها، نعتبر ضرورة بقاء القوات في الجامعة اليسوعية حاجة وضرورة، لأنه بغياب القوات ينتهي خط الدفاع الأخير في الحفاظ على هوية الجامعة التي تمثل ارثاً كبيراً منذ ايام الرئيس بشير الجميل الى اليوم”.

 

 

ما رأي “الكتائب اللبنانية” في انتخابات هوفلان؟ يجيب الكتائبي أوليفر أبو راشد، وهو طالب حقوق: “نحن تحالفنا مع المستقلين الذين يملكون مشروعاً مثل مشروعنا. ونحن نختلف عن كل الآخرين كوننا حددنا 131 مشكلة وطرحنا الحلول لها، أما كل الآخرين فيطرحون المشاكل والشعارات لا الحلول. نحن نملك مشروع بناء الوطن اما “طالب” فلا. هم يطرحون العلمانية لكن لا يملكون كيفية تطبيقها. نحن تحدثنا عن دولة علمانية وحددنا القيَم والمبادئ لهذه الدولة”. هناك 540 طالباً في كلية الحقوق. ماذا عن وجود “حزب الله”؟ يجيب أبو راشد: “عددهم قليل لا يتجاوز 15 في المئة. وهؤلاء قد يصبون أصواتهم للنادي العلماني”.

 

الكتائبي جان بول سماحة، وهو طالب في كلية إدارة الأعمال في الجامعة، يتحدث عن 750 طالباً في ادارة الأعمال وعن خوض “الكتائب” والمستقلين الانتخابات ضد ثلاثة: “القوات” و”طالب” وأحزاب 8 آذار. ويمثل الثنائي الشيعي نحو 80 في المئة من أحزاب 8 آذار، أما العونيون فلا يتعدّون 20 في المئة”.

 

الطلاب هم نبض التغيير. كل الطلاب يعرفون ذلك. ولوائح “طالب” تشتغل على هذا المفهوم الذي رفعته أحزاب كثيرة قبلها. وفي موازاة العمل على الأرض تنشط حماوة الانتخابات الطالبية على مواقع التواصل الاجتماعي. والنادي العلماني “طالب” الذي له مئة ومرشح (101) الأكثر حماوة وصراخه يرتفع “صوّت طالب”، وقدرات النادي المادية ملفتة.

 

هناك، جنب الجامعة اليسوعية، مقولات كثيرة لشعراء كثيرين بينها واحدة للأديب الكبير أمين الريحاني تقول: “قل كلمتك وامش”. الطلاب قالوا كلماتهم فلننتظر ثلاثة أيام بعد لنقرأ فيها.