تقاطعت المعلومات المختلفة المصادر الواردة من منطقة القلمون في سوريا عن صحة تعرض “حزب الله” لخسائر كبيرة في الآونة الاخيرة، حيث يحكى عن تحول المنطقة ومحيط دمشق التي ترابط فيها ميليشيا الحزب منطقة استنزاف دائم لمسلحيه، وذلك بالرغم من اعلان الحزب الانتصار هناك قبل اشهر دعما لنظام بشار الاسد. وبحسب المعلومات، فإن حجم خسائر الحزب يزداد من دون ان يتمكن من “تطبيع ” المنطقة التي توازي مساحتها محافظة البقاع اللبناني. وفي اليوم الذي يؤدي فيه بشار “قسم الدم” لولاية دموية جديدة، يسقط مزيد من اللبنانيين المستقدمين لخوض حرب ليست لهم ولن تكون، أياً تكن مبررات قيادة الحزب.
إن “حزب الله” يتمتع بقدرات عسكرية كبيرة، لكنه في بحيرة الدم السورية ان حقق “انتصارات” فلن تكون اكثر من انتصارات محدودة في المكان والزمان، وبالتالي لن يخرج منتصراً، بل ان المستنقع السوري سوف يبتلع اجساد مئات الشبان اللبنانيين الذين خدعوا ويخدعون ليقدموا حياتهم في سياق مشروع اقليمي لا لبناني. ان “حزب الله”، وبالاخص قياداته العليا، مسؤولان عن كل قطرة دم لبنانية تسقط، والمسؤولية اكبر عندما تكون دماء البيئة الحاضنة في الميزان.
لا شك لدينا في ان “حزب الله” يتجه الى هزيمة كبيرة في سوريا، ولا شك لدينا في انه سيترك خلفه مئات المساكين قتلى. والحق ان هزيمة الحزب المذكور محتومة لانه يقاتل على أرض ليست أرضه، ويقاتل من اجل السلطة، كما انه يدفع بآلاف الشبان لمقاتلة شعب سوري ثائر بأسره، مهما قيل في مآلات الثورة، واحوالها الراهنة السيئة.
مع اننا ندعم الثورة في سوريا، فإننا نحزن لسقوط شبان لبنانيين في بحيرة الدم السورية، ونحزن لاستمرار فئة لبنانية كبيرة في منح خيار الدم المهدور في سوريا تغطية شعبية. فهذه البيئة الحاضنة لا تكتفي بتغطية سفك الدم السوري في سوريا، بل انها تغطي هدر الدم اللبناني في سوريا، واستدراج هدره على ارض لبنان ايضا. وخوفنا ليس ان يهزم “حزب الله”، بل ان يحول لبنان نفسه بحيرة دم اخرى.
إن الناظر الى خريطة المنطقة من غزة الى العراق لا بد له ان يلاحظ اننا نعيش في بحيرة كبيرة من الدم، فمن غزة المتروكة لحالها تحت قنابل الاسرائيليين، الى سوريا التي يتسابق الكل لسفك دماء اهلها فيها، فالعراق الممزق بوحشية داخلية وخارجية. اما لبنان فعلى حافة الهاوية، لا ينقصه سوى من يدفعه، فيسقط هو الآخر في بحيرة الدم. وهنا خطورة ما اقدم عليه “حزب الله” عندما تورط في قتل السوريين، كما تورط في شن حرب مذهبية طائفية لن يتخلص من عواقبها ولو بعد مئة عام.
إن خيار توريث الاحقاد للاجيال القادمة جريمة كبرى ترتكب بحق اللبنانيين، وخصوصا بيئة الحزب الحاضنة! ولذلك جاء الوقت لتقول هذه البيئة كلمة حق وترفض أن تجرّ الى بحيرة الدم السورية.