IMLebanon

الشغور في سنته الثالثة: فضيحة النظام تكتمل!

ما هي معطيات المتفائلين والمتشائمين.. رئاسياً؟

الشغور في سنته الثالثة: فضيحة النظام تكتمل!

لا يبدو أن الوقت يشكل عنصر ضغط على أي من اللاعبين المعنيين بالاستحقاق الرئاسي، بل إن كل جهة لا تزال تراهن على عامل الزمن للإتيان بالرئيس الافضل لها والأكثر مواءمة لمصالحها ومعاييرها.

وبهذا المعنى، فان دخول الشغور الرئاسي عامه الثالث لن يكون بحد ذاته سببا او دافعا لاي تبديل في معطيات المأزق الرئاسي، وكأنه لا قيمة للوقت في هذه المعركة التي لم يتمكن اللبنانيون بعد من فصلها عن واقع المنطقة وجبهاتها المشتعلة، برغم ان كل الاطراف الداخلية تؤكد في أدبياتها حرصها على لبننة الاستحقاق وعدم ربطه بحسابات الخارج.

وعليه، يصبح الاخفاق في انتخاب الرئيس بعد مضي 730 يوما و48 ساعة على الشغور، بمثابة رسوب مدو ومتماد لـ «اللبننة» في واحد من اهم الامتحانات السياسية والدستورية التي يمكن ان تخضع لها، مع ما يعنيه ذلك من تكريس لفشل الطبقة السياسية في إدارة النظام ومعالجة إشكالياته و «نفاياته»، بمعزل عن وصاية او رعاية خارجية.

ربما يكون اللبنانيون قد اعتادوا على ازمات الشغور الرئاسي بحكم تكرارها، لكن ذلك لن يكون كافيا لتلطيفها او للتطبيع معها، بل هي تبقى كالمرآة التي تواجه الدولة بحقيقتها المهترئة، وتفضح عيوبها في كل مرة.

وإذا كانت «عمليات التجميل»، بمشاركة «أطباء» من الخارج، تنجح أحيانا في التمويه على بشاعة هذا النظام الهجين، تحت شعار التسويات الالزامية، إلا ان مفعول تلك الجراحات سرعان ما يزول عند اول استحقاق لاحق، سواء كان يتعلق برئاسة الجمهورية او باختيار رئيس الحكومة او بتشكيل الحكومة او بوضع قانون الانتخاب.. او حتى بتعيين موظف في الادارة.

ويمكن الجزم بان انقضاء سنتين بالتمام والكمال على خلو قصر بعبدا من الرئيس المسيحي الوحيد في الشرق، لا يؤشر فقط الى قصور الطاقم السياسي وعجزه الفادح، وانما يقدم دليلا إضافيا وقاطعا على انتهاء تاريخ صلاحية النظام الذي لم يعد قادرا، حتى على التعايش مع أمراضه وعلاته وتنظيم الصراع المزمن بين مكوناته على السلطة، فكيف بتطوير الحياة السياسية، وبالتالي فان الاصرار على تناول أطباقه الفاسدة، لن يؤدي سوى الى المزيد من حالات التسمم في جسم المؤسسات الدستورية، مهما جرى تزيين تلك الاطباق ورش البهارات عليها، لتحسين مذاقها.

صحيح، ان سلوك الطبقة السياسية، المتفلت من ضوابط كثيرة، يساهم في تعميق المأزق الوطني وتوسيع رقعته بفعل غلوّها وإيغالها في منطق المزرعة، وصحيح ان الصراعات الاقليمية والدولية تنعكس بقوة على الداخل اللبناني الهش والمشرّع الابواب، إلا ان ذلك لا ينفي ان جذر الازمة يكمن أساسا في صيغة الحكم المعتمدة والتي تغذي الهواجس المتبادلة وتعزز الاستقطاب الطائفي والمذهبي، وتمنع المحاسبة والمساءلة، وتعمم حق النقض «الفيتو» على مراكز القوى، وتسهل التدخلات الخارجية التي غالبا ما يتم الاستقواء بها للتعويض عن الخلل في التوازن او النقص في الطمأنينة.

وما دامت هذه المعادلة هي التي تتحكم بقواعد اللعبة في لبنان، لا يمكن ان يستوي عمل المؤسسات بشكل نهائي او ينتظم نبض الاستحقاقات الذي سيبقى في صعود وهبوط، وإنما سيتواصل الهروب الى الامام، مع ما يرتبه ذلك من استنزاف إضافي وأكلاف باهظة.. بمفعول رجعي.

ولو تم فرضا انتخاب رئيس جديد للجمهورية قريبا، نتيجة تحول في هذا المعطى او ذاك، فان ذلك لن يكون نهاية المطاف بل مجرد استراحة بين شوطين في مباراة ملاكمة.

وفي انتظار استخلاص الدروس من آخر تجارب الشغور، وايجاد معالجة جذرية للخلل البنيوي في تركيبة النظام، يسود اتجاهان حيال ما سيؤول اليه الاستحقاق الرئاسي في المدى المنظور:

الاول، يرجح استمرار الفراغ لفتــرة طويــلة بعد، بفعل تصاعد حدة المواجــهة في المنطــقة، خصـــوصا ان هناك من يربط الملف اللبناني بقاطــرة الملفات الساخنة في الاقليم، على قاعــدة انه إحــدى أوراق المقايـضة او الضغط.

الثاني، يروج لامكان انتخاب رئيس جديد قريبا، وتحديدا في آب، وينطلق أصحاب هذه الفرضية من العوامل الآتية:

ـ الكلام حول تدخل فاتيكاني وازن لدى واشنطن وباريس مؤخرا للضغط في اتجاه الاسراع في انجاز الاستحقاق الرئاسي، لاسيما ان ترك الامر الى ما بعد الانتخابات الاميركية قد يؤدي الى إطالة أمد الانتظار، لانه أيا كان الفائز سيحتاج، الى مرحلة انتقالية طويلة قبل ان يصل الى البند اللبناني في جدول أعماله.

ـ الوضع المتذبذب الذي يعاني منه الرئيس سعد الحريري، على المستويين المالي والسياسي، ما يرجح احتمال ان يكون قد اصبح قريبا من تقبل خيار انتخاب العماد ميشال عون رئيسا للجمهورية، خصوصا ان من شأن ذلك ان يسهل عودته الى رئاسة الحكومة