هل نذهب بعيداً إذ نستميح سماحة السيّد حسن نصراللّه عذراً، لنطالبه بأن يكون كلامه، اليوم، إشارة جدّية إلى فتح الطريق أمام تشكيل الحكومة؟!
أجل إننا نتطلع الى سماحة الأمين العام أن يمهّد في ما سيقوله اليوم الى حلّ آخر العقد التي تعترض تشكيل الحكومة.
نحن نعرف أن سماحته قادر، ولا نظن أنه سيتجه الى التصعيد كما توقع محللون ومراقبون، باعتبار أنّ كلام نائبه الشيخ نعيم قاسم الأخير، يمكن إدراجه في «السخونة» والتسخين وليس في «البرودة» والتبريد.
ما هو المطلوب من السيد ومن الأطراف الأخرى المعنية في مسألة توزير أحد أعضاء النواب السنيين الستة؟ لسنا نحن من ينصح أو من يقرر. فقط إننا نرفض أن يكون الفكر السياسي اللبناني لايزال في عقم مروّع، عاجزاً عن إبتكار الحلول لأي قضية معقدة تطرأ… فتتحول هذه الى أزمة، والأزمة الى مأزق يدخل معه المعنيون في عنق الزجاجة حتى ليتعذّر عليهم الخروج من دون كسر الزجاجة. ومن أسف فإن زجاجة الأزمة الحالية سريعة العطب، معرّضة للكسر بسهولة، ما يستوجب عناية فائقة في المعالجة وليس تعنّت الأطراف وتشبثها بالمواقف الحادّة.
إنّ البلد على حافة هاوية عميقة الأغوار في غير قضية: إقتصاداً ومالاً وسياسة أيضاً. فهل هي لعنة الزمن على الجيل الذي آلت إليه إدارة شؤوننا في مرحلة ما بعد الحرب فكان أن أصبحنا أسرى المتاهات التي يُعرف كيف يكون الدخول إليها، بينما يتعذر (ولا نقول: يستحيل) الخروج منها إلاّ بشق النفس بعدما حصلت التداعيات، وبرزت السلبيات والأضرار بلغت ذروتها.
ومناشدة سماحة السيّد أن يضمن كلامه اليوم مدخلاً الى الحل لا تعني أننا لا نطالب الأطراف الأخرى (ذات الصلة بالأزمة الحكومية في فصلها الأخير) بأن يسهموا بدورهم في العمل على الحلحلة. وسبق لنا أن تحدّثنا عن «المأزومين» في هذه العقدة. وقلنا إن في طليعتهم حزب اللّه، ثم الرئيس المكلف، فرئيس الجمهورية. وكان ولا يزال في تقديرنا أنّ الأزمة بلغت هذا القدر من التأزم لأنّ مواقف الأطراف الثلاثة كانت علنية بالقدر الذي جعل كلاً منها أسير كلامه كون المضي الى الأمام دونه إستحالة، أو شبه إستحالة والتراجع قد يصيب الهالة… بضرر!.
ونحن لا نوافق على القسم الثاني من المعادلة. فالضرر ليس في الرجوع عن العناد وعن التشبث بالمواقف، وإن كانت معلنة، إنما الضرر كله في الإيمان بالعناد والتشبث بالمواقف. وهذا أسوأ ما يمكن أن تصاب به الممارسة السياسية ليس في لبنان وحده إنما في العالم قاطبة. وفي تقديرنا أن العناد عمره لم يبن بلداناً، ولم يُنمّ بلداناً، ولم يُسفر إلاّ عن الويلات.
ونأمل أن يكون في كلام سماحة السيّد، اليوم، لقاح جاد ضدّ العقم في الفكر السياسي وفي الممارسة الوطنية… هذا العقم الذي إبتُليَ به هذا الوطن منذ عقود.