Site icon IMLebanon

فراغان يدمّران لبنان!

فراغان لا يصنعان سوى الخراب، والخراب في لبنان اما فوضى شاملة تقود الى انهيار الانتظام العام، واما فلتان مسلح يعيد البلاد الى حرب جنون القبائل اللبنانية التي سبق لها ان استمرت 17 عاماً.

انهيار الانتظام العام وسقوط هيبة الدولة وتلاشي قدرتها على حفظ الأمن وحماية القانون وصون الحقوق والملكيات، تعني الدخول مجدداً في شريعة الغاب حيث لن يكون في وسع المواطن ان يغادر عتبة منزله، وفي ظل الأزمات المعيشية المتفاقمة وازدياد الفلتان، قد نصل الى وقت لا يستطيع المواطن ان يأمن على نفسه وعياله حتى داخل بيته.

هل هناك من نسي الحرب الأهلية التي جعلت كل محافظة جمهورية وكل مدينة محافظة وكل حي مقاطعة تديرها شلل من المسلحين والشذاذ والسارقين، وهناك من هؤلاء في هذه الايام الصعبة، أكثر بكثير مما كان عندما انفجرت الحروب العبثية الانتحارية الغبية عام 1975.

أعود الى الفراغين:

اولاً: الفراغ المتمادي في السلطة وهو الذي يجعل لبنان دولة فاشلة بكل معنى الكلمة. من الواضح تماماً ان الاصرار على المضي في سياسة التعطيل التي تراكم الفراغ في رئاسة الجمهورية والشلل في السلطة التشريعية، ثم الآن في السلطة التنفيذية، سيجعل البلد مزبلة سياسية الى جانب جبال النفايات، التي جعلت أحدى الصحف الفرنسية تصف لبنان بأنه “مزبلة المتوسط”.

كان من المضحك – المبكي أول من أمس ان يقول الذين يعطلون انتخاب رئيس للجمهورية منذ 459 يوماً، باصرارهم على تعطيل النصاب ورفضهم الاتفاق على مرشح توافقي: “تمت استباحة آخر صلاحية محفوظة لرئيس الجمهورية”، وذلك اعتراضاً على قرار الحكومة معالجة أزمة النفايات المتفاقمة والتي تبيّن انها بمثابة قطعة من الجبنة تتناتشها معظم المرجعيات السياسية، بما يعني دفع البلاد الى مزيد من الشلل والتعطيل يضعها على حافة الانهيار الكامل.

ثانيا: الفراغ المخيف في الشارع المزدحم بالمتظاهرين، الذين يريدون اسقاط النظام والحكومة ومجلس النواب ومحاسبة السياسيين والزعماء، الذين يديرون شركة الفساد والسمسرة والرشوة ويجعلون البلد مزبلة… وكل هذه الصرخات والشعارات محقة وجوهرية تنم عن عمق المعاناة عند اللبنانيين.

لكن المقصود بكلمة فراغ الشارع هو ان المواطنين الذين طفح كيلهم ويندفعون عن حق الى التظاهر، ليس أمامهم أو وراءهم أي برنامج واضح ينظم حركتهم المطلبية الاحتجاجية، ولا هناك من بدائل واضحة لليوم الثاني اذا انهارت السلطة كلياً، ولهذا تنشط الطوابير الخامسة لاشعال الصدامات والعنف، سواء أكانت طوابير تديرها السياسة الفاسدة لإفساد الحركة المطلبية، أم كانت طوابير تعمل وفق أجندات خارجية لزجّ لبنان في الآتون الإقليمي الملتهب كعلبة بريد للرسائل النارية أو كسور حساب في التسويات المحتملة!