تأخير موعد الجلسة النيابية الإنتخابية الرئاسية شهراً كاملاً يشكل دليلاً قاطعاً على أن الإستحقاق الرئاسي بات اليوم أبعد من أي يوم مضى… ولعلّ الرئيس نبيه بري كان قد استبق وقائع يوم أمس الخميس بإعلانه في «الأربعاء النيابي» في عين التينة أنّ المبادرة الرئاسية باتت في «الفريزر».
وفي تقدير أنصار «المبادرة» إنّ هذا القول هو عنصر إيجابي وليس سلبياً. فأن يقول رئيس مجلس النواب إن المبادرة في «الثلاجة» يعني أن هناك حرصاً على إبقائها «صالحة للإستعمال» في الوقت المناسب. إذ انه لم يقل «إنتهت صلاحيتها». طبعاً لمعارضي المبادرة وجهة نظر مختلفة، فهم يؤكدون انها إنتهت وأنّ رئيس المجلس نعاها بديبلوماسية… وما سوى ذلك فلا يغير من الواقع شيئاً. وبعيداً عن التفسيرين أعلاه نسجّل أن السنة 2016 بدأت حيث إنتهت سالفتها في أمور عديدة، وبالذات في أمر الإستحقاق الرئاسي الذي ليس في الأفق ثمة بوادر الى أنه سيجد باباً لإنجازه. ولا شك في أن مفاعيل التصعيد بين المملكة العربية السعودية وإيران قد إنعكست سلباً على المبادرة، جراء ما للبلدين من امتداد سياسي ونفوذ فعلي مباشر عندنا في لبنان. وفي تقديرنا أن المبادرة أولى ضحايا التطورات السلبية في الإقليم… لدرجة أنه لم يعد يدور أي كلام حول توجه الرئيس سعد الحريري الى إطلاق المبادرة «رسمياً» وهو الذي أطلقها «جديا» كما قال النائب سليمان فرنجية في حينه مضيفاً أنه ينتظر الإعلان الرسمي.
الى ذلك تتوافر معلومات نأذن لنفسنا أن نقول إنها «جديّة» هي أيضاً، تشير الى أنّ «المحادثات الرئاسية» بين الدكتور سمير جعجع والعماد ميشال عون قد قطعت شوطاً بعيداً وسجّلت خطوات متقدّمة جداً وأنّ وقائع هذه الخطوات وتفاصيلها باتت معلومة من الأطراف المعنية ذات الصلة، وبالذات من الرئيس سعد الحريري وكذلك من السيد حسن نصراللّه وقيادة حزب اللّه.
في المقابل يتولى «اصدقاء مشتركون» الحراك بين سليمان بك والحزب على قاعدة ترميم العلاقة التي أصيبت برذاذ المقابلة التلفزيونية الشهيرة التي واجهها الحزب بتعمد إعلان تمسكه بالعماد عون من بكركي بالذات، بعدما تبيّـن ان خلافاً في وجهات النظر سجل في لقاء وفد الحزب مع غبطة البطريرك الراعي في الصرح البطريركي. فلا الحزب أقنع البطريرك بـ«التريث» إزاء المبادرة التي أيدها غبطته ولا يزال… ولا سيد الصرح أقنع الحزب بتأييد المبادرة.
وعلى صعيد الثنائي المسيحي (عون – جعجع) فإنّ المعلومات «الدقيقة» تشير الى أن قيادات وكوادر وقواعد وأشخاصاً مسؤولين في القوات باتوا في أجواء حزبية مفادها أنّ إمكان إعلان الحكيم ترشيح الجنرال هو قرار «جدّي»، أما إعلانه رسمياً فمرهون بالإعلان «الرسمي» عن المبادرة الرئاسية…
وفي الأساس: هل يمكن أو هل يجوز أن يبقى لبنان دائراً في دوّامة الفراغ الرئاسي أو غارقاً في هاوية لا قعر لها، فيدوم الفراغ في بعبدا، ويدوم ويدوم، على ما يقول الموارنة والمسيحيون عموماً ليلة الـ«دايم دايم» التي إحتفلوا بها ليلة الأربعاء – الخميس الماضية والمتوافقة عندهم مع عيد الغطاس؟! طبعاً ذلك لا يجوز ولكنه ممكن، كما يثبت مما يجري على الأرض، بالرغم من أن تداعيات هذا الفراغ الممكن قد إنعكست تعطيلاً وشللاً وكربجة تامة في مختلف نواحي الحياة التشريعية والتنفيذية. وثمة ملاحظة سريعة:
إنّ الخارج (البعيد والقريب) لم يعد متحمساً لملء الفراغ الرئاسي… وهو لم يكن متحمساً أساساً… وإلاّ فإنّ المرشح الوفاقي موجود وكفوء وله قدرة عقلانية وثقافية توافقية واسعة على التحاور مع الجميع ووصل ما انقطع هنا وربط ما أفلت هناك.
من هو؟
إسألوا الرئيس نبيه بري.