قيل الكثير وسيقال الاكثر عن الشلل المهيمن على مجلس النواب، على رغم كل ما بذله ويبذله الرئيس نبيه بري لتفعيل اعمال اللجان النيابية خصوصا وعمل المجلس عموما، لاسيما بالنسبة الى ما له علاقة باعداد قانون الانتخابات النيابية الذي لا يزال قيد البحث في فكفكة تعقيداته، الى حد القول صراحة ان هناك خوفا من اجراء الانتخابات المقبلة على اساس قانون الستين الذي يتخوف الجميع من اعتماده لعدة اعتبارات في مقدمها انه سيأتي بالنوعية عينها من النواب الذين جددوا لانفسهم مرتين من دون طائل؟!
الرئيس نبيه بري قالها صراحة انه يتخوف من اعتماد قانون الستين على رغم الشوائب والمآخذ السياسية عليه من معظم الطاقم السياسي، لان من سيصل الى المجلس النيابي من خلاله «هم جماعة البوسطة» مع العلم ايضا ان المآخذ تحتم المجيء بقانون جديد يحسن مستوى الانتماء الى المجلس العتيد اضف الى ذلك انه يلغي حكما الاعتماد على البوسطة من غير حاجة الى كثير بحث في المآخذ وما على النواب اتخاذه لتحسين الاداء الجديد للمجلس بمعزل عن بعض شوائب الانتماءات السياسية والحزبية والمذهبية.
اللافت في هذا الخصوص نسبة المطالبين بقانون جديد تتجاوز السبعين في المئة، فيما يصر الباقون على الاعتماد على من يؤمن استمرارهم في النيابة، على رغم ما تعنيه الافضلية السياسية المشكو من ادائها لان الخطأ في الاقتراع سيتلازم مع خيار الانتخاب، من غير حاجة الى الاتكال على منظومة سياسية – نيابية مختلفة عما هو قائم لاعتبارات يفهم منها ان اصحاب البوسطات لن يتخلوا عما دأبوا عليه من خيارات سياسية والا لما تأخروا لحظة عن تغيير القانون، خوفا على مصالحهم وعلى تعدد الانتماءات الى كتلهم الفضفاضة كما درجت العادة؟!
هذا الاستغراب المقرون بالتساؤل لا بد منه، طالما بقي قانون الستين هو المعمول به، بحسب اصرار بعض الاقطاب من جهة وبحسب ما يعرفه الجميع من تلاعب على الحصص النيابية على اسس مذهبية اكثر منها مناطقية كي لا تتطور الامور باتجاهات سياسية مختلفة تماما عما هو قائم حاليا، بدليل تمسك بعض القادة بالمفهوم القائل ان لا مجال لاعداد قانون جديد للانتخابات الا في حال ارضاء الاقطاب ممن يسعى الى تأمين مصالحهم السياسية اضافة الى ما هو مرتقب بالنسبة الى الانتخابات الرئاسية لذا هناك اصرار من جانب البعض على ضرورة اجراء انتخابات الرئاسة قبل اجراء الانتخابات النيابية (…)
هذا ليس مجرد رأي سياسي بقدر ما هو تصور لمرحلة ستكون حافلة بالمفاجآت ان لجهة الانتخابات الرئاسية او لجهة الانتخابات النيابية ام لجهة تشكيل الحكومة الجديدة التي من الواجب ان تحدد مسار الدولة وخطط عمل الحكومة العتيدة ومن سيأتي على رأسها، قبل ان تتطور السلبيات الى ما هو اسوأ من الحاصل الان، اقله لان الدولة لم تعد تعرف كيف تتصرف ازاء موضوع السلطة، بمختلف اشكالها وتلاوينها.
ومن الان الى حين معرفة مصير قانون الانتخابات النيابية الجديد ستبقى الامور عالقة في مستوى النظرة الى ما هو مرتقب سياسيا حيث ان الامور متشابكة بمستوى تصرف حزب الله في الحرب السورية، وفي مستوى التطورات ذات العلاقة بالوضع الاقليمي العام المرشح لمزيد من التعقيد جراء الدخول العسكري الصريح للاتراك في الحرب السورية اضافة الى ما هو مرتقب من تدخل عسكري مباشر للاميركيين في حال استمرت مفاوضاتهم مع الروس بلا طائل، لاسيما ان واشنطن زادت من مستوى تدخلها الى جانب المعارضة السورية من غير ان تقدر موسكو على تجنب مخاطر تدويل الصراع السياسي (…)
اننا في لبنان دخلنا السنة الثانية وثلاثة اشهر على الفراغ الرئاسي من دون ان يتعظ المعنيون وينتبهوا الى مخاطر هذا التوجه السياسي والشعبي السلبي، خصوصا ان رفض الفراغ في الرئاسة الاولى يعني تماما رفض الشلل المهيمن على مجلس النواب وعلى الحكومة في وقت واحد، وثمة من يجزم انه في حال تأخر البت بالانتخابات الرئاسية وفي الحالين لن يكون رئيس ولن تكون حكومة ولا مجلس نيابيا من غير حاجة الى طول تفكير بالذي سيحصل على مختلف المستويات؟!