IMLebanon

وادي الكفور: ذهب النفايات الكسارات

أثار الحديث عن ترشيح ممثلي حركة أمل منطقة وادي الكفور في النبطية، لتكون مكاناً لمطمر يستوعب جزءاً من نفايات جبل لبنان والضاحية الجنوبية امتعاضاً كبيراً في المنطقة، علماً بأن الوزير علي حسن خليل نفى أمس على نحو قاطع كلّ ما قيل عن أماكن اعتمدت للمطمر الجديد.

صباح أمس، تسلمت شركة «دنش ــ لافارجيت» رسمياً إدارة وتشغيل معمل معالجة النفايات في وادي الكفور، على أن يبدأ العمل نهاية العام الجاري، لكن هذا المعمل لا يكفي سوى لنفايات اتحاد بلديات الشقيف (قضاء النبطية)، الذي أعلن سريعاً نتيجة المناقصة التي فازت بها شركة دنش القريبة من «أمل». وللتذكير، فإن «دنش» كانت مشتركة في مناقصة تلزيم نفايات المناطق التي ألغاها مجلس الوزراء.

فوز الدنش بالمعمل يوحي باكتمال سيطرة «أمل» على الوادي الذي يشغله إلى المعمل، المكب العشوائي لنفايات منطقة النبطية، ومعمل لإنتاج علف الدجاج ومطحنة عظام ومساحة لتجفيفها تستقطب الكلاب الشاردة والجرذان، ومعمل لتذويب وحرق الألومنيوم، ومعمل لتكرير المياه المبتذلة، ومعمل للمفرقعات النارية و6 مجابل باطون، ومزرعتا بقر ومزرعتا دجاج برخصة مشتل ورد! وهذه المنشآت جميعها ترتفع فوق خزان المياه الجوفية الذي يغذي آبار فخر الدين التي تشرب منها المنطقة، إضافة إلى الكسارات الضاربة فيه منذ الثمانينات قبل أن تقتصر أخيراً على ثلاث. تلك الكسارات أنتجت فجوة عميقة في سفح تلة صخرية بارتفاع 30 متراً، فبدأ أهالي الكفور في عام 1994 برمي نفاياتهم داخلها. وبعد سنوات، تعاقدت بلدية الكفور مع «شركة الجنوب للمقاولات»، لصاحبها علي عياش، على جمع نفايات بلديات المنطقة ورميها في المكب لقاء بدل مادي. وبات رسمياً مكباً بمساحة 80 دونماً، استُخدمت منها 5 دونمات لتشييد المعمل. لاحقاً، تبين أن رئيس البلدية حسين درويش انقلب على تحالفه مع حزب الله الذي رشحه للبلدية، فأجرى عقداً سرياً بينه وبين عياش، سمح من خلاله للأخير بأن يستقدم نفايات من خارج المنطقة، منها من بلديات جزين وجزء من نفايات صيدا ومستشفياتها وتبنين…

تحت وادي الكفور

يقع الخزان المائي الذي يغذي آبار فخر الدين

وعند انكشاف الفضيحة، استقال نصف أعضاء البلدية احتجاجاً وأحالوا القضية إلى القضاء. ومع ذلك، لا يزال عياش نفسه يتولى المهمة ذاتها. إشارة إلى أنه ليس واضحاً حتى الآن من سيشغل المطمر، إذا صحّت الأحاديث، مع تشغيل المعمل.

«القصة مش قصة زبالة فقط» يجزم كثيرون في البلدة. «وادي الذهب، كما يسمى، لن ينتج أرباحاً خيالية من الذهب الأسود أو النفايات فحسب، بل من الكسارات الجديدة أيضاً». وتلفت مصادر في البلدية في الكفور إلى أن «المكب العشوائي الحالي الذي بدأ على أنه مطمر صحي، قائم على العقار الرقم 1117 التابع للدولة». وإذا كان صحيحاً الحديث عن مطمر على هذا العقار، فإنه يثير تساؤلات عدة. هل سترمى نفايات بيروت كما هي في المكب العشوائي، أم سيُستحدث لها مطمر صحي جديد؟ واذا تقرر توسعة المكب الحالي او استحداث مطمر، فهذا يستلزم إجراء أعمال شق في سفح الجبل لتكبير الفجوة. بنتيجتها، سيحظى متعهد الحفر أو سواه، بكميات هائلة من الصخر العالي الجودة لتصنيع البحص المخصص للبناء بما يساوي ملايين الدولارات، ولجيوب من ستذهب؟ وفي حال استبدال المكب بمطمر، ما مصير المكب الحالي؟ هل هناك خطة لمعالجته وإزالته؟

بعد اندلاع أزمة النفايات قبل ثلاثة أشهر، «سحب حزب الله يده من معمل الكفور»، يقول أحد المصادر في المنطقة. وفي المعلومات، أن «بلدية النبطية المحسوبة على الحزب، تستعد للإستقلال بنفاياتها عن الاتحاد، وجهزت مبلغاً مالياً وقطعة أرض وبدأت بتشييد معمل لفرز نفاياتها، مدعوماً بحملة توعية للفرز من المصدر».

والحديث عن المطمر أثار جملة انتقادات شعبية في النبطية طاولت «أمل» والحزب، ويردّد الأهالي «هل يكافأ أهل المقاومة بنفايات العاصمة؟»، فيما وجد البعض في «معادلة الضاحية ـــ الجنوب» حلاً طائفياً مقبولاً! لكن أهالي الكفور لم يوافقوا على تلك المعادلة. وذكّر البعض بـ«كنيسة البلدة التي أشرف على بنائها الرئيس بري»، وبأن «بلدتهم تمثل نقيضاً للحل الطائفي، إذ إن نصف سكان البلدة من المسيحيين والباقي من الشيعة».

ولم يتلق اتحاد البلديات حتى مساء أمس، قراراً رسمياً باعتماد مطمر الكفور، إلّا أن الأندية والهيئات في النبطية عقدت لقاءً في نادي الشقيف لبحث الأمر، وأصدر المجتمعون بياناً رفضوا فيه استقبال نفايات من خارج المنطقة «التي بالكاد توصلت الى قرار فتح المعمل الخاص بنفاياتها»، مؤكّدين «عدم السماح لأي جهة سياسية مهما بلغ نفوذها بأن تفرض علينا قراراً كهذا». وتقرر التجمع عصر اليوم احتجاجاً لإعلان خطوات تصعيدية، منها رفع شكوى أمام مجلس شورى الدولة، وقطع الطريق أمام الشاحنات التي قد تنقل النفايات.