IMLebanon

متغيّرات المواجهة العسكريّة المقبلة مع إسرائيل

حدثان أساسيان يسترعيان الاهتمام شهدتهما إسرائيل في الأيام الأخيرة. الأول عسكري تمثل في المناورات المكثفة التي اجراها الجيش الإسرائيلي للتدرب على خوض مواجهة مع “حزب الله” وتنظيمات الجهاد الإسلامي سواء في لبنان أم في سوريا. والحدث الثاني سياسي استراتيجي هو المؤتمر السنوي لمعهد دراسات الأمن القومي الذي يستخدم عادة منصة يعرض من خلالها القادة السياسيون والعسكريون رؤاهم الاستراتيجية.

في الحدثين المشار اليهما برزت حقيقة اساسية هي أن “حزب الله” هو الخطر الأساسي الأول الذي تواجهه إسرائيل هذه السنة. هذا ملخص ما قاله رئيس أركان الجيش الاسرائيلي غادي أيزنكوت في المؤتمر، وهذا هو الهدف الاساسي الذي تدرب عليه الجيش الإسرائيلي في الأسبوعين الأخيرين على الحدود مع لبنان.

وفي الواقع أن المواجهة المقبلة مع “حزب الله” لن تكون مثل سابقاتها، نظراً إلى المتغيرات الأساسية التي طرأت. فمن وجهة نظر إسرائيل، ثمة متغيرات مهمة يجب أخذها بجدية في طليعتها الخبرة القتالية الهائلة التي اكتسبها الحزب من خلال مشاركته في الحرب السورية بحيث صار قادراً اليوم على استخدام الخطط الهجومية والمزج بين أسلوب قتال حرب العصابات والجيوش النظامية، الى جانب استفادته من أساليب القتال التي تستخدمها القوات الروسية في سوريا، وحصوله على كميات من السلاح الروسي المتطوّر مثل صواريخ “ياخونت”، والصواريخ الموجهة باللايزر، وسلاح جديد مضاد للمدرعات.

ولكن في مقابل هذه المتغيرات، ثمة عوامل أخرى لا تعمل لمصلحة “حزب الله” في المواجهة المقبلة، في طليعتها رغبة الحزب في تجنب مواجهة على الحدود اللبنانية قد تؤدي الى تحويل الجنوب اللبناني، معقله السياسي، ساحة حرب ودمار كما جرى في حرب تموز 2006، قد تنعكس سلباً عليه داخلياً ويمكن ان تضعف قبضته على الحياة السياسية اللبنانية. إلى جانب غرقه في مستنقع الحرب السورية والخسائر البشرية التي تكبدها من خيرة مقاتلية، وعدم مصلحته في الوقت الحاضر في خوض حرب على جبهتين في وقت واحد، وخصوصاً في ظل فشل مساعيه حتى الآن في بناء بنية تحتية عسكرية في هضبة الجولان السورية يمكن ان تشكل منطلقاً لعملياته ضد إسرائيل.

بيد ان المتغير الإسرائيلي الأكثر أهمية في أي مواجهة محتملة مقبلة مع “حزب الله” هو الرؤية العسكرية – الاستراتيجية لرئيس الأركان غادي أيزنكوت التي تركز على أمرين أساسيين: الجهد الاستخباري في اختراق الحزب، وتعزيز قوة “الفتك” للجيش من خلال عمل عسكري مشترك بين جميع أذرعته العسكرية.

إن أي استفزاز من “حزب الله” لإسرائيل يجب أن يأخذ في حسابه كل هذه المتغيرات.