تباين في النتائج المتوقعة للإتفاق النووي وانعكاساته على لبنان
مرحلة الانتظار مرشحة لأن تطول حتى تذليل طهران العقبات الرئاسية
إذا كان من المبكر الحكم على مدى تأثير التفاهم الأميركي الإيراني بشأن الملف النووي على الأوضاع في لبنان، إلا أن الانعكاسات الأولية لم توح بكثير تفاؤل بإمكانية أن يساهم التفاهم الذي سيوقع بصيغته النهائية في حزيران المقبل في حلحلة العقد التي لا تزال تعترض الاستحقاق الرئاسي وتمنع إنجازه في وقت قريب، باعتبار أن هناك وجهات نظر متباينة حيال ما يمكن أن يتركه الاتفاق الأميركي الإيراني من تداعيات لبنانياً، فهناك من يرى أن إيران ربما تزداد تصلباً كونها تعتبر نفسها منتصرة من هذا الاتفاق وبالتالي ليس هناك ما يدفعها لتقديم تسهيلات على صعيد الاستحقاق الرئاسي، لا بل أنها ستحاول الضغط باتجاه إيصال مرشح «حزب الله» للرئاسة الأولى النائب ميشال عون، في حين أن هناك من يعتقد أن ما بعد الاتفاق ليس كما قبله، أي أن إيران ستظهر للولايات المتحدة الأميركية والغرب حرصها على تطبيق بنود الاتفاق، ما يعني استعدادها لتقديم تنازلات في ما يتصل بالملف الرئاسي اللبناني في المرحلة المقبلة، وسط توقعات بأن يشهد الشهران المقبلان حلحلة في الانتخابات الرئاسية، بحيث يكون للبنان رئيس في مهلة أقصاها نهاية حزيران المقبل.
واستناداً إلى المعلومات المتوافرة لـ«اللواء» من مصادر نيابية بارزة في قوى «14 آذار»، فإن رصد الانعكاسات للاتفاق الأميركي الإيراني يحتاج إلى وقت لاتضاح الرؤية ومعرفة مسار الأمور على هذا الصعيد والتوصل إلى قراءة مشتركة لمضمون ما تم التوافق عليه، بعدما ظهرت في الأيام القليلة الماضية تفسيرات متباينة لورقة التفاهم التي خلصت إليها اجتماعات لوزان الماراتونية، وبالتالي فإنه لا يبدو منطقياً الإغراق في التفاؤل كثيراً ولا بد من الانتظار حتى اكتمال الصورة نهائياً والوقوف على استعداد إيران الجدي لتوفير الأرضية الملائمة لإجراء الانتخابات الرئاسية في وقت قريب، وماذا سيكون عليه موقف «حزب الله» وحليفه النائب عون.
وأكدت المصادر أنه بغض النظر عن النتائج المرتقبة للتفاهم الأميركي الإيراني على لبنان، فإن الحل للأزمة الرئاسية يجب أن يكون لبنانياً، أي أن يبادر المقاطعون إلى حضور جلسات الانتخاب الرئاسي، لانتخاب الرئيس العتيد وإخراج البلد من هذه الأزمة التي تشارف عامها الأول، دون انتظار أي تطورات خارجية، فالأميركيون والإيرانيون لا يمكن أن ينتخبوا رئيساً للبنان، لأن اللبنانيين وحدهم هم القادرون على إنجاز هذه المهمة إذا وضع الفريق المقاطع لجلسات الانتخاب مصلحة لبنان فوق أي مصالح أخرى والكف عن سياسة الابتزاز والمناورة والاقتناع بأن يستحيل انتخاب شخصية غير توافقية، مشيرة إلى أن، لا إيران ولا غيرها يمكنهما فرض انتخاب رئيس غير محايد، كالنائب عون أو غيره من فريق «8 آذار»، وكذلك الأمر، فإن قوى «14 آذار» مقتنعة أنه لا يمكنها إيصال مرشحها قائد حزب «القوات اللبنانية» سمير جعجع أو غيره إلى الرئاسة الأولى، لأن فريق «8 آذار» لن يوافق عليه، ما يعني تلقائياً أن المخرج الوحيد للمأزق الرئاسي القائم هو بالتوافق على مرشح ثالث يحظى بقبول الفريقين لانتخابه رئيساً وطي هذه الصفحة نهائياً، وإلا فإن الفراغ سيطول وستستمر معه معاناة اللبنانيين، مع استمرار الحرائق مشتعلة من حولهم.
وتشدد المصادر على أن قوى «14 آذار» ما عوّلت يوماً على الحلول الخارجية للأزمة الرئاسية، فالدستور واضح ولا يحتاج إلى عناء تفسير. هناك نص يقول بضرورة حضور النواب لانتخاب رئيس الجمهورية، وبالتالي فإن الكرة في ملعب الذين يصرون على التعطيل وكسر نصاب جلسات الانتخاب، في محاولة يائسة منهم للضغط على الفريق الآخر للقبول بالنائب عون رئيساً وهذا الأمر لا يمكن أن يحصل، ولا يظنن أحد أن عون قد يأتي رئيساً للجمهورية نتيجة للاتفاق النووي، أو لما قد يحصل على طاولة المفاوضات الإقليمية والدولية، سيما وأن القسم الأكبر من اللبنانيين لا يمكن أن يقبل بحليف «حزب الله» المرتبط بإيران رئيساً للبلد، ما يعني عودة عهد الوصاية والتبعية مرة جديدة، وهو أمر يرفضه اللبنانيون ولا يمكن أن يقبلوا به مطلقاً. ولا بد في النهاية أن يدرك الجميع هذه الحقيقة ويعملوا على البحث عن مرشح توافقي يخرج الأزمة من عنق الزجاجة ويفتح الباب أمام التسوية المنتظرة.