IMLebanon

تباينات رافقت الحوار الصعب حول عودة المهجرين الى الجبل

قصة صدور القرار الدولي الشهير رقم ١٥٥٩

وانعكاساته السياسية في دمشق وعلى بيروت والمختارة

في كتابه محطات في ذاكرة وطن يروي العميد عصام ابو زكي قصصاً وحكايات رافقت نجاحاته وعاصرت صعوده الى القمة، وأحياناً هبوطه الى الهاوية، ولا سيما خلال حقبات الهيمنة السورية على لبنان، وخضوع بعض المسؤولين اللبنانيين خصوصاً، للوصاية السورية، ودورها في ابعاد الكفايات عن مراكز المسؤوليات.

الا ان العميد ابو زكي يثني في مذكراته على الانضباط الذي اشتهر به، هو ورفاق الدرب، في كفء الوساطات والشفاعات عن مواقع المسؤوليات.

طبعاً، كان للقيادات في الطائفة السنية الكريمة، أدوار ونفوذ، خلال وجود الرئيسين صائب سلام ورشيد كرامي في الحياة السياسية، وبعد ذلك خلال حقبة صعود نفوذ الرئيس الشهيد رفيق الحريري، وانحساره في مرحلة اخرى.

الا ان وجود العميد غازي كنعان كان له دور اساسي في النفوذ السياسي والامني، ولا سيما في اثناء بروز أدوار كبرى للرئيس نبيه بري والوزير وليد جنبلاط، ولا سيما قبل استشهاد المسؤول الامني السوري الكبير.

الا ان التعينيات خضعت في حقبة الاعداد لاتفاق الطائف وما بعده للنفوذ السوري، والذي كان القادة اللبنانيون يُضطرون الى احترام وصاياه.

واصبح مصير القادة الامنيين في لبنان شبيهاً بمصير المحقق الايطالي جيوفاني فالكوني الذي اغتالته المافيا العام ١٩٩٢.

ويورد العميد ابو زكي انه تولى مسؤوليات المصالحات، تمهيداً لعودة المهجرين واحياء التعايش والشراكة المسيحية الدرزية، التي عملت حرب الجبل على تفكيك اوصالها.

ويتابع: كان الهدف من المصالحات تشجيع المواطنين المسيحيين، خصوصاً في القرى المختلطة، على العودة اليها، ولا سيما ان الدروز وقيادتهم السياسية حرصت على حماية املاك المسيحيين وعدم التعدي على اراضيهم، وكانت مهتمة جدياً بعودة الطابع المختلط الى الجبل على اعتبار انه عامل اغناء للحياة المشتركة، كما انه يقدم مثالاً يؤكد ارادة اللبنانيين بتنوع اتجاهاتهم، وانتماءاتهم في العيش والعمل كشعب واحد.

رأس العميد ابو زكي لجنة المصالحات، وبدأ القيام بالجولات في القرى وزيارة العائلات والفاعليات والاستماع الى المطالب والمشكلات ومحاولة جمع المقيمين والعائدين لتخفيف الحدة وكسر الجفاء بين اهل الجبل، خصوصاً في المدن والقرى الكبيرة التي مرت عليها الحرب وخلّفت المآسي، وكانت مزرعة الشوف أولى القرى التي بدأ العمل على حل مشكلاتها، وهي من اصعب القرى التي اعترضته نظراً لوجود عدد كبير من الشهداء والجرحى. ان المأساة فيها عميقة وآلامها اكبر اضافة الى وجود بعض الدعاوى القضائية. وبما ان الدولة عادت لتفرض سلطتها وتتهيأ لتطبيق وثيقة الوفاق الوطني اتفاق الطائف، كان لا بد من تشكيل لجنة للعمل مع السلطة القضائية لحل هذه العقبات التي كانت تحل دون الشروع في مهمة العودة ونجاحها.

ولعب الرئيس الياس الهراوي والاستاذ وليد جنبلاط أدواراً أساسية في تقويض النزاعات، ورافق ذلك خلافات وتباينات، ولا سيما بعد الطائف، وفي مطلع تسعينات القرن الماضي.

كانت المفاجأة يومئذٍ، زيارة وليد جنبلاط لمدينة عاليه، وشنه هجوماً عنيفاً على الرئيس الهراوي. وكان عصام ابو زكي حاضراً، وشوهد وهو يصفق لكلام الزعيم التقدمي، الأمر الذي سبب عتاباً عليه لدى رئيس الجمهورية. يروي ابو زكي الحكاية على النحو الآتي:

عندما دعا وزير شؤون المهجرين وليد جنبلاط الى مصالحة الباروك عام ١٩٩٤، برعاية الرئيس الهراوي، اقام على شرفه حفل غداء في دار المختارة، وكنت من بين المدعوين، فأخذني وليد بك وقدمني الى الرئيس الهراوي قائلاً فخامة الرئيس: العميد ابو زكي كان له الدور الفعال في عملية المصالحات في الجبل.

صافحني الرئيس الهراوي قائلا: العميد ابو زكي من اهم ضباط الشرطة شجاعة.

وكانت هذه الترضية الكلامية مخرجاً مناسباً لرئيس البلاد، بغية تطويق ذيول الفعل السلبية السابقة.

ويتابع العميد ابو زكي روايته:

في مطلع ايلول ٢٠٠٤ انتشر مناخ مسموم في الاجواء السياسية اللبنانية بسبب معركة التمديد للرئيس اميل لحود، ثم صدور القرار ١٥٥٩ عن مجلس الامن والذي دعا الى انسحاب القوات السورية من لبنان وتجريد جميع الميليشيات بما فيها حزب الله من اسلحتها.

تبدل مزاج الحكم السوري من الدعوة الى لبننة القرار، وهو ما فسره اللبنانيون عدولاً عن الرغبة في التجديد للرئيس اميل لحود أو التمديد له، والى اقتناع بترك الخيار لمجلس النواب، لكي يقرر اذا اراد انتخاب رئيس جديد. لكن دمشق ما لبثت ان قررت السير بمعركة التمديد للرئيس لحود مهما كلف الأمر، ورغم الاجواء المعارضة لمثل هذه الخطوة وسط تحالف واسع من القوى اللبنانية. وقد صعّدت دمشق لهجتها الى حد التهديد وفرض الانضباط بقرار التمديد على الجميع. وكان استدعاء رئيس وزراء لبنان رفيق الحريري، الى اجتماع مع الرئيس بشار الاسد قبل ايام من موعد التصويت على التمديد، منعطفاً مهماً، اذ تسربت عن الاجتماع اجواء التهديد والاهانة التي تعرض لها الرئيس الشهيد، وأثار ذلك مناخ استياء دولي كان من بين اسباب الاسراع باصدار القرار ١٥٥٩ تحت بند الفصل السابع، وهو ما كان يعني عملياً مطالبة دولية للسوريين بالانسحاب من لبنان. وقد فوجئ الرئيس بشار الاسد وأركانه بالقرار الذي اعتبر رداً على تجاهل نصائح دولية لدمشق بعدم الضغط للتمديد، ثم بدأت تشيع في دمشق نظريات التخوين المعتادة، وكان السؤال: من الذي ساهم في صدور القرار وما هو، دور الرئيس الحريري، وأين أعد القرار، ومن شارك في صياغته الى آخر تلك التفاصيل التي لا تمس جوهر المسألة.

ويواصل روايته:

وقد نظرت القوى المعارضة للتمديد لقاء البريستول الذي كان الرئيس الحريري قد انضم اليه الى القرار ١٥٥٩ باعتباره تأكيداً لموقفها المحذر من استجلاب التدخلات الدولية، وكانت الاستعدادات جارية على قدم وساق لخوض الانتخابات النيابية المقررة في ربيع العام ٢٠٠٥، وكانت أكثر التقديرات تشير الى ان تحالف الحريري – جنبلاط وقوى المعارضة سيفوز فيها بأكثرية مطلقة، تمكنه من انتخاب الرئيس المقبل، عند انتهاء مدة التمديد للرئيس لحود.

هذه التحولات المفاجئة أربكت الحكم السوري لكنها قوت في صفوفه نزعة المعارضة على القيادات اللبنانية غير الموالية للنظام في دمشق. وقد ظهر التغير في سلوك السوري في محاولة اغتيال النائب وعضو اللقاء الديمقراطي مروان حمادة الذي كان مقرباً ايضا من الرئيس الحريري. وكانت المحاولة، التي لم تنجح منعطفاً كبيراً في الاحداث التي حصلت في البلد في ما بعد. وكان أول من لمح دلالة الحادث وليد جنبلاط اذ صرح يومها بوضوح ان محاولة اغتيال مروان حمادة ليست نهاية مرحلة انما بداية مرحلة، والملفت انه أضاف يومها محذراً الدولة وتشعباتها من محاولة اغتيال اخرى كأنه كان يدرك بحدسه السياسي ان الاعتداء على مروان حمادة كان عنوان سياسة عنيفة جديدة تجاه القادة اللبنانيين، وان آخرين سوف يستهدفون لاحقاً. لكن جنبلاط اضاف يومها على ما اذكر تحذيراً من كان يعتبرهم مدبري المحاولة وفي التصريح الأيام امامنا والأيام طويلة، مشيراً بذلك الى ادراكه ان الاجواء الدولية كانت قد تبدلت بدليل صدور القرار الدولي رقم ١٥٥٩ وان ايام السوريين في لبنان ربما اصبحت معدودة. لكن هذه النتيجة لم تكن لتحصل دون اراقة الكثير من الدماء كما تبين في ما بعد.

ويرى العميد أبو زكي ان محاولة اغتيال حمادة كانت الأولى على الصعيد اللبناني، منذ إقرار وثيقة الطائف واغتيال الرئيس رينه معوض العام ١٩٨٩،

ويعقب على الحادثة بقوله:

لذلك فقد اعتبرت نذير شؤم ودليلا على أن سلطة الوصاية بدأت تتوجس من تصاعد المعارضة السياسية والشعبية لوجودها بعد التمديد للرئيس لحود، وقررت محاولة إسكات تلك المعارضة عبر سلاح الاغتيال والتصفيات الجسدية.

وعلى الفور حضرت الى المكان دوريات من قوى الأمن الداخلي والجيش اللبناني، وضربت طوقاً أمنياً حول المكان. كما حضرت فرق الاطفاء والصليب الأحمر والدفاع المدني وأخمدت النيران. وعاين وزير الداخلية الياس المر المكان، واطلع من الضباط المعنيين على التفاصيل ميدانيا.

ويتابع: عندما علمت بالحادث، ونظراً لما أكنّه للوزير والصديق مروان حمادة من احترام وتقدير، فقد هرعت الى مكان وقوع الانفجار، وكان قد تم نقل مروان حمادة الى مستشفى الجامعة الأميركية. وعند وصولي الى آخر شارع بلس قرب مخفر حبيش، توقفت عند حاجز حديدي كانت قوى الأمن تدقق خلفه بإمعان بالسيارات والمارة، سألت عن سبب وضع الحاجز، قيل لي إن برقية وردت الى الفصيلة تفيد بتعزيز الحاجز. انعطفت بسيارتي يميناً باتجاه الأنترناشيونال كوليج ومن باب الفضولية الأمنية بدأت أبحث بحسي الأمني عن أية معطيات ممكنة للاستفادة منها. فشاهدت كاميرات على باب المدخل. توقفت ودخلت الى حرم المدرسة حيث قابلت مشرف المراقبة وهو من آل مكارم. عرفني من أكون. طلبت منه أن أشاهد ما سجلته الكاميرا، فقال لي إن عناصر من مخابرات الجيش في بيروت جاءت وأخذت الفيلم.

أواخر ثمنينات القرن الماضي تعرضت بناية الشيخ رفيق الحريري في محلة الرملة البيضاء لاطلاق صواريخ أصابتها بأضرار. وهذه البناية أصبحت فيما بعد المقر الرئاسي المؤقت في بداية عهد الرئيس الهراوي. أجرينا تحقيقات في الأمر، وتبين لنا أن مطلقي الصواريخ كانوا يتبعون احدى الميليشيات النافذة، وقد تم الاعتداء بأمر من أحد القياديين. أجرينا اتصالات جانبية مع بعض المطلعين على الأمور، فتبين لنا أن الهجوم نجم عن استياء الميليشيا المشار اليها، بسبب تأخر وصول الأموال التي كانت مخصصة لها. وكان الرئيس الشهيد الحريري يقدم في تلك الفترة تمويلا للعديد من قادة الميليشيات وللقوات السورية في البوريفاج لكي يتقي شرّهم. ويبدو ان الشباب لم يعجبهم تأخّر الدفع عن الموعد المفترض فقرروا توجيه رسالة بهذا المعنى عبر الصواريخ.

في مناسبة أخرى، كنت برفقة مدير عام قوى الأمن الداخلي في زيارة لمنزل الرئيس الحريري، عندما بادرني بالسؤال: كيف تسمحون يا عميد عصام ببناء مسبح كوستا برافا على شاطئ الأوزاعي، وهو يقع في ممر الطائرة لدى هبوطها في المطار؟. وتابع: لقد كادت طائرتي تصطدم بالمبنى أثناء هبوطها وهذا أمر لا يجوز. أجبته: دولة الرئيس، أنا لا علاقة لي برخص البناء، والشرطة القضائية لا تتعاطى بهذه الأمور، لكن الأمر يعود الى قوى الأمن، ويبدو أن الجواب أرضاه وأدرك أنني لست معنياً بالموضوع.

ويضيف أبو زكي:

عاصرت الزعيم وليد جنبلاط على مدى مسيرتي المهنية منذ أن وقعت عليه المسؤوليات الجسام بعد استشهاد والده المعلم كمال جنبلاط. وقد أتيح لي أن أكون معه في معظم الأوقات. فقد كانت لخبرتي الأمنية وصلاتي الجيدة مع هيكل السلطة وعدد من السياسيين وكثير من المواطنين والأصدقاء، خصوصا في الجبل، فائدة في معالجة الأمور والتصدي للمشكلات التي تنشأ، خصوصا عند غياب الدولة والحياة الطبيعية في البلد. وقسم كبير من وقت وليد بك ينفق في الاهتمام بالمواطن والاستماع الى أوضاعه والسعي لمساعدة من يمكن مساعدته، وكنت أسعد عندما كنت أكون الى جانب وليد بك لما يتمتع به من مناقب رفيعة هي حقيقة من صفات الأسر السياسية النبيلة، وأخصها الهيبة وشخصيته المحببة وطرافته اللماعة التي تجعل العمل معه قعلاً أمراً ممتعاً ومفيداً في آن.

سياسياً، فإن وليد جنبلاط، ورغم ترحيبه باتفاقية الطائف، إلاّ أنه وجد أنها كانت تشكو من خلل وهو البند المتعلق بالوجود السوري، أو ما سمّي قوات الردع، والتي بعد ان كان متوقعاً ان يكون وجودها انتقالياً ومؤقتاً، تحولت، بسبب السكوت العربي والدولي، وبسبب مهارة الرئيس حافظ الأسد، الى وجود دائم والى هيمنة تامة وتطويع لكل مكونات الدولة اللبنانية، بل للمجتمع السياسي والمدني اللبناني.

لذلك، عندما تسلم وليد جنبلاط المسؤولية، كان أيضا قد حدد مشروعه، وربما كان مشروعه الأول بسبب ما عاشه من مرحلة تفكيك البلد وسقوطه تحت وصاية خارجية هو محاولة تحرير البلد من ربقة الطغيان.

ويجري العميد أبو زكي مقاربة بين وليد جنبلاط كقائد سياسي وبين سواه من السياسيين ويقول ان المشروع السياسي، وهي الجزء المتعلق بالمخاطرة، والفرق بين الزعيم وبين الآخرين أنه يقبل المخاطرة، ويعلم أنه قد يربح الرهان أو قد يخسره ويخسر معه رأسه. كمال جنبلاط كذلك، قبل التحدي ومخاطرة التغيير وأيقن في النهاية أنه لم يفلح، لكنه لم يبدّل رسالته، بما في ذلك أن عليك أحيانا أن تموت شهيدا، وهو القائل: الحياة انتصار للأقوياء في نفوسهم، لا للضعفاء.

باختصار أقول إن وليد جنبلاط زعيم وسياسي من الطراز الرفيع، فريد في شجاعته ورؤيته وبصيرته وأشعر بالاعتزاز أنني عملت معه وسعيت بكل اخلاص للقيام بكل ما كان يطلبه مني، فهدفه كان دوماً مصلحة لبنان بكل فئاته والاصلاح والخير لهذا البلد.

كانت الخطوة التالية، تشكيل مجلس الطائفة الدرزية، وقد عقد اجتماع في قصر المختارة بين قادة الطائفة وتم الاتفاق على تشكيل مجلس جديد ضم العميد أبو زكي ممثلا جنبلاط والسيد مروان خيرالدين ممثلا الأمير طلال ارسلان، والقاضي أبو غيدا ممثلا النائب أنور الخليل والسيد يوسف حجار ممثلا النائب فيصل الداود.

ويواصل أبو زكي روايته:

بعد أخذ ورد وشدّ حبال، صدر في العام ١٩٩٩ القانون ١٢٧ القاضي بانشاء مجلس أمناء الأوقاف الدرزية. وكنت في زيارة لوليد جنبلاط عندما سلمني المرسوم وطلب منّي زيارة الرئيس اميل لحود – وكان يومها في مقر الرئاسة الصيفي في قصر بيت الدين – وان أطلب اليه توقيع المرسوم. توجهت الى قصر بيت الدين واجتمعت مع الرئيس اميل لحود، وأطلعته على المرسوم والأسماء الأربعة، وكان الشيخ وليد صعب مقترحا لتولي رئاسة المجلس. قرأ الرئيس لحود المرسوم ثم انتفض ورفض التوقيع ما لم يتم اختياري رئيسا للمجلس، وقال بحماسته المعهودة: اذا لم يكن العميد أبو زكي رئيساً، فإنني لن أوقّع المرسوم شكرت الرئيس لحود، وأبلغته ان التوافق الدرزي تم على اختيار وليد صعب رئيساً، ورجوته ان لا يصرّ على موقفه لأنني سأفقد مصداقيتي عند وليد بك، لأنه سيعتبر أنني طلبت من الرئيس ذلك. لكن الرئيس لحود أصرّ على ذلك، مما دفعني بعد خروجي من قصر بيت الدين الى الذهاب الى منزل الوزير مروان حمادة، وقد شرحت له الموقف، وطلبت منه العمل على معالجة الأمر وانقاذي من ذلك الاحراج.

وفي الواقع لم يستمر هذا المجلس طويلا، إذ تم بعد ذلك انشاء المجلس المذهبي بموجب مرسوم، والمجلس المذهبي هو الهيئة التمثيلية الرئيسية للطائفة، وهو يعنى بكافة شؤونها بما في ذلك موضوع الأوقاف.

صارحني وليد جنبلاط بضرورة أن نضع قانوناً جديداً ومتماسكاً بعيداً عن الهفوات القانونية، ولمنع الطعن فيه أمام المجلس الدستوري مرة ثانية. ونظرا للعلاقة الوطيدة التي تربطني بالقاضي السابق والفقيه الدستوري الدكتور حلمي الحجار، اجتمعت بالأخير وشرحت له مطلبنا وذهبنا سوية الى دار المختارة حيث اجتمعنا بوليد بك جنبلاط في الديوان الشمالي لقصر المختارة مع أمين السر العام في الحزب التقدمي الاشتراكي المقدم شريف فياض والوزير مروان حمادة. طرح وليد بك كيفية الحل للخروج من هذا الوضع وتنظيم شؤون الطائفة الدرزية وانتخاب شيخ عقل جديد. كان رأي الدكتور حجار ان يتم ذلك من خلال اصدار قانون جديد للمجلس المذهبي، لأن المجلس هو الذي يتولى شؤون الطائفة على غرار بقية المجالس في الطوائف الأخرى. وهذا الأمر كان يستدعي وضع قانون جديد يحدد الهيئة الناخبة. وبالفعل وضعنا مشروع قانون بعد التداول مع الأستاذ مروان حمادة والمقدم شريف فياض والدكتور حلمي الحجار الذي كان له ملاحظاته الهامة وصياغته القانونية المتينة، وقد تداولنا في ذلك الاجتماع بكل الأفكار، ووضعنا بعض الصيغ والاقتراحات خصوصا بالنسبة للهيئة الناخبة، وكيفية تكوين المجلس المذهبي، وصلاحياته، وصولاً الى انتخاب شيخ عقل جديد وتم تكليف القاضي الحجار بالشروع باعداد مشروع قانون جديد وانفضّ الاجتماع.

انكبّ الدكتور الحجار لمدة أسبوعين على اعداد مشروع القانون، وعقد بعد ذلك اجتماع ضمني والدكتور حجار مع وليد بك بحضور المقدم شريف فياض والوزير مروان حمادة وبعض المشايخ وتم تسليمه المشروع.