IMLebanon

مشهد مختلف متوقّع أمام المجلس الدستوري متى خروج القوى المسيحية من الماضي؟

مع ان صفحة التمديد الجديد للمجلس النيابي طويت وسيتعاطى الجميع معها في الداخل والخارج كأمر واقع، فان ثمة توقعات ان يتم السعي الى ابقاء موضوع التمديد في التداول الاعلامي بعض الوقت في حال مضي التيار العوني الى تقديم طعن به الى المجلس الدستوري من اجل المحافظة على صدقية موقفه المعلن امام مناصريه على الاقل، ما لم يكن العماد عون وعد كما تردد الا يطعن بالتمديد. فليس هناك اسباب قانونية تحول دون ذلك بل اسباب سياسية ويعتقد البعض انه حين دخل معركة معارضة التمديد يفترض ان يكمل بها الى النهاية. فقانون التمديد يصبح نافذا يوم الثلثاء المقبل يمكن بعدها التيار خلال مهلة 15 يوما تقديم الطعن الى المجلس الدستوري الذي يتعين عليه ان يبته خلال شهر علما ان التمديد الاول تنتهي في العشرين من الشهر الجاري. ومع انه يعود للمجلس الدستوري ان يتخذ قرارا فوريا بوقف تنفيذ قانون التمديد في حال صوت سبعة اعضاء من عشرة اعضاء ريثما يتم بت دستورية التمديد الثاني من عدمه، فان المحصلة تبقى في يد تصويت لا يستطيع تجاهل الظروف التي املت التمديد، في ظل حرص متواصل من رئيس المجلس الدكتور عصام سليمان من اجل المحافظة على المجلس الدستوري على رغم رداءة الممارسة السياسية والعمل من اجل تجنب المجلس التحدي الذي واجهه لدى تقديم الطعن بالتمديد الاول في 2013 علما انه يستبعد تكرار مشهد ما حصل في المجلس الدستوري في التمديد الاول لهذا المجلس وذلك في الوقت الذي يعتقد انه لو قبل الطعن في المرة الماضية لما كان ثمة حاجة الى التمديد الحالي لانه كان فرض حصول الانتخابات. الا انه ايا يكن المسار او الالية لذلك بحيث لن يتوقع احد قبول الطعن بالتمديد لكونه يخضع بدوره الى تصويت سبعة اعضاء من اصل عشرة، فان احدا لن يرى مشكلة في ترجمة التيار العوني رفضه للتمديد عبر السبل القانونية والدستورية التي تتيح ذلك على غير ما شاب اداءه السياسي في رفض التمديد .

فهذا الرفض في شقه السياسي والممارسة المرافقة له يبقى امرا مشروعا الا ان المشكلة كمنت في كيفية تظهيره ما ساهم في رد فعل ازعج الحلفاء والخصوم وترك اثرا سلبيا ليس لدى المسيحيين فحسب بل لدى اللبنانيين عموما. اذ لم يحسن التيار ادارة معركته السياسية ضد التمديد وفق ما يعتبر حلفاء له خصوصا منذ اطلق الرئيس نبيه بري الدعوة الى تأمين ميثاقية جلسة التمديد عبر مشاركة القوات اللبنانية او التيار الوطني الحر في الجلسة على رغم ان مشاركته في الجلسة ومعارضته التمديد من دون قدرة على وقفه في مقابل موافقة القوات اللبنانية لم تكن لتكون سهلة ايضا عليه. لكن هذه الموافقة كانت ضرورية من اجل تثبيت الشراكة في قرار مهم ولو كان هذا القرار هو للتمديد لمجلس النواب تحت وطأة ظهور المسيحيين في موقع عدم المشاركة من جهة وعدم القدرة على تعطيل قرار من خلال اعتراضهم الجماعي من جهة اخرى ما يساهم في مزيد من اضعاف موقعهم تبعا لعجزهم عن الدفع في اتجاه اجراء انتخابات رئاسية ايضا. ونقطة ضعف التيار انه صب جام حملته على القوات اللبنانية فيما شارك حليفه النائب سليمان فرنجيه في الموافقة على التمديد فضلا عن حلفائه الاخرين في قوى 8 آذار فيما الاولى به انتقاد اهل بيته السياسي قبل خصومه. لذا اظهر تصعيد مواقفه ضد خصومه المسيحيين الى حد العودة الى الخنادق القديمة افتقادا الى الحجج المنطقية وتاليا اضعف موقعه من خلال رؤيته للامور من زاوية معينة دون اخرى وساهم في تظهير صعوبة قدرته على ان يكون توافقيا.

وبغض النظر عن الموقف من التمديد للمجلس فان الخلافات المسيحية كما التنافس السياسي امران مطلوبان وضروريان في الحياة السياسية. الا ان ما بدا سلبيا الى حد كبير خصوصا لاجيال كبرت مع هذا التنافس كما بالنسبة الى تظهير صورة عن واقع المسيحيين للخارج هو الحرص على العودة الى الماضي وعدم قدرة الافرقاء المسيحيين على الخروج من الشرخ الذي قام بينهم ولا يزال منذ ذلك الوقت لا بل يبرزون اكثر فاكثر انهم لم يعرفوا كيف يخرجوا منه ذلك على رغم ان الكثير من المتغيرات حصلت منذ ذلك الوقت فيما احوال المسيحيين لم تعد على حالها. فالمزايدات الشعبية والمكاسب السياسية من اصول العمل السياسي الا انه في المقابل لم يظهر الافرقاء المسيحيون قدرتهم على تقديم رؤية موحدة او متناسقة من اجل المستقبل بالتزامن مع تزايد المخاطر الاقليمية المهددة لمصير لبنان كما مصير المسيحيين. اذ لا يمكن هؤلاء الافرقاء الاقامة في الماضي وعدم مغادرته فيما ينبغي التعلم منه بدلا من محاسبة كل واحد الاخر على من كان على حق ومن اخطأ ونبش القبور. فهذا زمن ولى وانتقل لبنان في محطات اساسية من اتفاق الطائف الى رحيل الوصاية السورية عن لبنان وصولا الى نشوء داعش وتهديدها كيانات المنطقة بحيث لم يعد يجدي البكاء على الاطلال وتحميل مسؤوليات سابقة فيما يفتقد المسيحيون في ظل فقدان الرؤية لمصيرهم ومستقبلهم في لبنان والمنطقة اي عامل اطمئنان فعلي.

أفلم يحن الوقت لتجاوز الماضي بعد ولو بقي كل في موقعه وعلى تحالفاته؟