هي الزيارة الثانية التي يقوم بها رئيس الجمهورية ميشال عون الى الفاتيكان، منذ توّليه سدة الرئاسة، الاولى قام بها في العام 2017، وبعد غد الاحد يزورها للقاء قداسة البابا فرنسيس، الذي يولي الاهتمام الكبير بقضية لبنان، خصوصاً في هذه الظروف التي يمّر بها. وينطلق لقاء رئيس الجمهورية معه من اعتبارات عدة، ابرزها التطورات الداخلية المتعلقة بالاستحقاقين النيابي والرئاسي، إضافة الى تداعيات ما يجري على الساحة الدولية حالياً، اي الحرب الروسية – الاوكرانية ومدى تأثيرها على لبنان، في ظل ما يعاني من ازمات وانهيارات تتوالى عليه منذ سنتين.
وتقول مصاد مسيحية ان موضوع الوجود المسيحي في لبنان سيكون طبقاً دسماً على طاولة حاضرة الفاتيكان، من ناحية الدور المسيحي وضرورة الحفاظ عليه في لبنان، انطلاقاً من اسس العيش المشترك، والتعدّدية التي يتغنى بها لبنان، مع التشديد على عدم الإخلال بالتوازن الطائفي والديموغرافي، والحفاظ على المسيحيين في بلد فريد من نوعه في الشرق، حيث الاكثرية المسلمة، والتأكيد على الرسالة التي لطالما كانت عنواناً في لبنان، وسوف ترافق رئيس الجمهورية ليردّدها امام قداسة البابا: «اذا كان مسيحيّو لبنان بخير سيكون مسيحيّو الشرق كلهم بخير»، العبارة التي اعطت قوة للمسيحيين، وبدورها ساهمت في تقوية مسيحيي الشرق بأجمعهم، الذين كانوا يعتبرون لبنان ملاذهم الآمن، لكن أين نحن اليوم من تلك العبارة وما مدى واقعيتها في ظل ما يجري في لبنان والمنطقة من ارهاب وتطرّف؟.
الى ذلك، تشير مصادر سياسية مطلعة على الزيارة، الى انّ الرئيس عون سيطلب من البابا ايضاً المساعدة في ملف النازحين السوريين، من خلال طرح قضيتهم في المحافل الدولية، وامام المجتمعات بهدف المساعدة في إعادتهم الى ديارهم ، خصوصاً بعد انتهاء المعارك في بلدهم، لانّ لبنان لم يعد بإستطاعته تحمّل تداعيات بقائهم في لبنان، فيما الحجج الدولية كانت وما زالت تقف حجر عثرة امام عودتهم، ولم تكن مقنعة برفضها لذلك في اي مرة.
وتلفت المصادر الى انّ الرئيس عون سيلتقي كبار المسؤولين في الكرسي الرسولي، على ان يجتمع لاحقاً بالرئيس الإيطالي سرجيو ماتاريلا، وبمسؤولين في منظمات تابعة للأمم المتحدة في العاصمة الايطالية.
وعن إمكانية دعوة البابا لزيارة لبنان، اوضحت المصادر المذكورة بأنّ رئيس الجمهورية سبق انّ دعا قداسته لزيارة لبنان، وسوف يوجّه له دعوة رسمية ثانية، لكن بالتأكيد لن يلبيّها في هذه الظروف المأساوية، وهو سبق ان وعد بالمجيء الى لبنان حين تتحسّن الاوضاع، مع الامل بأن نحظى بها في اقرب فرصة ممكنة.
وحول وجود هواجس مسيحية لدى الرئيس عون، اشارت المصادر الى انّ الهواجس موجودة مما يحصل اليوم من تحوّلات في المنطقة، وعدم وجود جهوزية مسيحية للتعاطي مع هذه المتغيرات والتطورات المتسارعة، وسط تردّي الوضع المسيحي الذي يتطّلب عملية إنقاذ سريعة، والمهمة صعبة جداً لان الخلافات السياسية ثقيلة، خصوصاً ان إمكانية تحقيق لمّ الشمل المسيحي في ظل الاستحقاق الرئاسي المرتقب، يبدو من المستحيلات، لان الاقطاب الموارنة عينهم على الرئاسة، ورأت المصادر بأّن المشكلة الحقيقية لدى الزعماء المسيحييّن، انهم لا يستطيعون الاعتراف بأخطائهم بهدف ترميم البيت المسيحي، وسألت هل سيستيقظ الجميع من أحلام اليقظة ويتخلون عن ذنوبهم الماضية والحاضرة في سبيل وحدة المسيحيّين؟ معتبرة أن الحل الافضل اليوم هو الوصول الى وحدة في المواقف الهامة، وفي ترسيخ التنوّع السياسي على قاعدة الاقرار بحق الاختلاف وتنظيم الخلاف بعيداً عن أشكال العنف.
وختمت المصادر عينها: «الساحة المسيحية تنتظر توافقاً من قيادييّها على شخص الرئيس المقبل قبل فوات الاوان، وحدوث ما لا يحمد عقباه».