تكشف أوساط سياسية مسيحية، أن الزيارة التي قام بها الرئيس المكلّف سعد الحريري إلى الفاتيكان، قد خرقت جدار المراوحة المحيط بعملية تأليف الحكومة على المستوى الداخلي، وإن كانت النتائج العملية لن تظهر في وقت قريب، نظراً للإنشغال في الملفات التي برزت بشكل مفاجىء على السطح في الآونة الأخيرة، وبشكل خاص الجانب القضائي منها، وما حملته الحركات الميدانية الإعتراضية من انعكاسات على مجمل الوضع الداخلي. وتوضح هذه الأوساط، أن رسائل عدة كانت قد سبقت اللقاء الذي حصل بين البابا فرنسيس والرئيس الحريري، واتّسمت بالسلبية، وذلك لجهة تقارير ديبلوماسية جرى التداول بها، والتي تستند إلى أطراف داخلية، وقد تحدثت عن تباين في النظرة ما بين الفاتيكان من جهة، وبكركي من جهة أخرى بالنسبة للملف الحكومي، حيث أن الموقف الذي عبّر عنه قداسة البابا لدى استقباله الحريري في الفاتيكان، لم يتطرّق إلى أي تفصيل يتصل بالمبادرة البطريركية في اتجاه تأمين التسوية والتوافق على تأليف الحكومة.
ومن هنا، تضيف الأوساط، أنه على العكس وخلافاً لكل ما تردّد من أجواء في بيروت حول هذه القضية، فإن البابا فرنسيس، أكد عل أولوية تأليف الحكومة ولم يتطرّق إلى التفاصيل التي يتم «التراشق» بها على الساحة اللبنانية، كما إنه اعتبر أن ولادة الحكومة العتيدة، من شأنها أن تسرّع في تحديد موعد لزيارة البابا فرنسيس إلى لبنان وفق ما كان قد أعلن عنه، خلال زيارته الأخيرة إلى العراق.
ومن ضمن هذا السياق، تنقل هذه الأوساط عن مقرّبين من بيت الوسط، أنه لم يتم تسجيل أي اختلاف في التوجّهات إزاء العنوان الحكومي بشكل خاص ما بين الفاتيكان والبطريركية المارونية، خصوصاً وأن هذه التوجّهات لا تتعارض أيضاً مع المبادرة الفرنسية التي كان قد أطلقها الرئيس إيمانويل ماكرون من بيروت، والتي لا تزال تشكل الأساس لكل المشاورات التي سُجّلت خلال الأشهر الماضية، ولكنها توقّفت عند حدود الخلافات السياسية اللبنانية الداخلية.
وتوضح الأوساط السياسية المسيحية نفسها، أن القلق الذي عبّر عنه قداسة البابا في مواقفه المعلنة في العراق، كما في بيانات الفاتيكان حول لبنان، لا يرتبط بمسائل تفصيلية، بل يتخطاها إلى الخوف على مستقبل لبنان في ظل الصراعات الدائرة في المنطقة، وذلك في الوقت الذي يعاني فيه لبنان من أزمات مالية واقتصادية واجتماعية تهدّد معيشة كل اللبنانيين من دون استثناءات.
كذلك تلاحظ الأوساط ذاتها، أن حرص قداسته على لبنان ومستقبل أبنائه تمثّل من خلال تحديد ضوابط من قبل الفاتيكان لأية عملية استهداف للبنان من خلال تركه غارقاً بالأزمات، وبالتالي، فإن الفاتيكان سيسعى، ومن خلال اتصالاته مع عواصم القرار الغربية، ولا سيما الولايات المتحدة الأميركية، على الدفع باتجاه تقديم الدعم للبنان، لا سيما على مستوى المساعدات التي تسمح للبنانيين من الإستمرار والصمود في وجه الخطر الداهم، علماً أن الوصول إلى تحقيق هذا الهدف متصل بشكل وثيق بعملية تأليف الحكومةالجديدة في الدرجة الأولى.