Site icon IMLebanon

الفاتيكان على خط الرئاسة.. بلا مبادرة

مواقف مسيحية تستبق زيارة مامبرتي إلى بيروت

الفاتيكان على خط الرئاسة.. بلا مبادرة

سبقت التكهنات والتوقعات وصول وزير خارجية الفاتيكان السابق والرئيس الحالي لمحكمة العدل في الفاتيكان الكاردينال دومينيك مامبرتي على رأس وفد فاتيكاني الى لبنان، لجهة ربطها بمصير ملف رئاسة الجمهورية، علما أن الهدف المعلن للزيارة هو الاطلاع على سير عمل المحاكم الروحية في لبنان، والمشاركة في لقاء جامع يقيمة البطريرك الماروني الكاردينال بشارة الراعي بحضور بطاركة ومطارنة الشرق يتطرق الى الوجود المسيحي في المنطقة. لكن ما هو غير معلن هو تلك اللقاءات التي سيعقدها مامبرتي مع القيادات السياسية المسيحية والتي ستركّز على سماع وجهة نظرهم من الملفات المطروحة.

من أية خلفية تأتي زيارة مامبرتي؟

المعلومات الخاصة بـ «السفير» تقول انه قبل مجيء المسؤول الفاتيكاني مامبرتي الى لبنان، قام السفير البابوي المونسنيور غابرييل كاتشا سرّا بجولة على كل القيادات المسيحية مستكشفا إمكانية الأخذ والعطاء في الملف الرئاسي، وهذه الجولة سبقت سفره الى الفاتيكان التي عاد منها امس لاستقبال مامبرتي والوفد المرافق. وما طُرح خلال جولة كاتشا انه اذا كانت هناك مبادرة بابوية فكيف سيتم التعاطي معها، لأنه ليس من الوارد على الاطلاق إدخال البابا بمبادرة مصيرها الفشل، ولم يخرج السفير البابوي بانطباع ان هناك بطاقة بيضاء أو إبداء استعداد كامل غير مشروط لإنجاح المبادرة، انما كل فريق طلب من كاتشا تفهّم موقفه، فتأبط السفير البابوي الملف الذي كوّنه وذهب الى روما عارضا مع المعنيين في الفاتيكان ما خلص اليه.

تؤكد المعلومات انه لا مبادرة فاتيكانية، ومن يقول بذلك فهو مخطئ، انما هناك قراءة واستبيان ميداني، والامر ليس مفصولا عن زيارة البطريرك الراعي الاخيرة الى فرنسا واللقاء الذي عقده مع الرئيس فرانسوا هولاند، حيث تبيّن انه ليس لدى هولاند أدوات حسم الملف الرئاسي، وانما كان الاتفاق على فرصة للحراك البابوي، ولذلك يحضر مامبرتي الى لبنان.

من حيث المبدأ، سيواجه مامبرتي سيناريوهان: الاول سيناريو قوى «14 آذار» الذي عبّر عن نفسه في بكركي عبر لقاء النواب المسيحيين في هذا القوى، وما حصل لا يمكن فصله عن زيارة مامبرتي. والثاني سيناريو عون، لان ما أعلنه من مواقف على مدار الشهر الجاري وصولا الى إطلالته التلفزيونية الاخيرة، ليس مفصولا ايضا عن زيارة مامبرتي. اذاً الطرفان بعثا برسائل واضحة ومسبقة الى الفاتيكان بأن ما ينتظر مامبرتي هو المواقف التي أعلنت قبل وصوله.

ولأن مامبرتي لا يحمل مبادرة واضحة ولا اسماً محدداً لرئاسة الجمهورية وليس في صدد تقديم ضمانات ما لأي من الأطراف، فإن الاستطلاع الفاتيكاني يفترض أن تكون له تتمة في مكان ما وبصيغة ما.

الفرنسيون يرتاحون لتحرك مامبرتي لأنه فرنسي، ووزير لخارجية الفاتيكان لعدة سنوات وله خطوط اتصال مع الجميع. ورغم تعيين وزير خارجية جديد هو الكاردينال بول ريتشارد غالاغر، فإن البابا فرنسيس ترك الملف اللبناني بيد مامبرتي لان الوزير الجديد انكلوساكسوني وليس ملماً إلماماً كبيراً بالملف اللبناني، كما ان مامبرتي معروف عنه واقعيته وإلمامه بتفاصيل التفاصيل، ورغم قربه من الجميع لكنه متحفّظ جدا ولا يبالغ في تقدير الموقف ويتعاطى مع الامور على حقيقتها وليس كما يتمنى، أي انه نموذج المدرسة الفاتيكانية التقليدية.

سينجز مامبرتي جولته ولقاءاته، وسيصدر كلام كثير حول نتائجها وتفسير فحواها. ولكن الاكيد انه لا يمكن فصل ما جرى خلال الايام الاخيرة عن زيارته، ان لجهة الاستنفار العوني منذ مواقف عون في قصر المؤتمرات في السادس من أيار حول المسيحيين ودورهم، ولا التحرك باتجاه بكركي لنواب «14 آذار» المسيحيين ومحاولة انتزاع موقف من البطريرك ثم تأويل موقفه، ما اضطره الى إصدار توضيح سريع أتبعه باتصال أجراه بالعماد عون أبلغه خلاله ان ما صدر لا يعبّر عن مواقفه، لذلك كان عون إيجابياً جدا مع البطريرك في مقابلته التلفزيونية الأخيرة.

هنا تبدو الإشارة مفيدة إلى أن العماد عون يحاول توسيع ملف الرئاسة من خلال وضعه في سياق الوجود والدور المسيحي في لبنان واستطرادا في الشرق، وما دام هذا الوجود والدور تلاشى في الشرق، فإن عون يعتقد انه اذا أعيد الحضور والدور المسيحي في لبنان فبالإمكان إعادته تدريجيا في الشرق، خصوصا ان المشروع الكبير الذي يعمل عليه هو المجيء بمجموعات المسيحيين الى لبنان من الذين يستحيل عودتهم في المدى المنظور الى العراق وسوريا.