Site icon IMLebanon

الفاتيكان للمسيحيين: حاوروا الشيعة المضطهدين… وليس “حزب الله” حصراً

 

يعمل الكرسي الرسولي بكل جهد للمحافظة على الصيغة اللبنانية، ويعتبر لبنان بلد الرسالة ومركزاً لحوار الأديان والحضارات. وتُشكّل الصيغة اللبنانية القائمة على التعايش المسيحي- الإسلامي مثالاً يريد الفاتيكان تعميمه لتجنّب حروب الحضارات والأديان.

 

ويُحاول الكرسي الرسولي التوفيق بين النظرة المثالية لبلد الأرز، وبين الواقع السياسي والطائفي الأليم. ويُبدي خوفاً جدّياً من إضمحلال الدورالمسيحي بعد خلو موقع رئاسة الجمهورية وانسحاب الخلو تلقائياً على المواقع المسيحية الأخرى مثل قيادة الجيش وحاكمية مصرف لبنان.

 

لا يريد الفاتيكان أن يحلّ بمسيحيي لبنان ما حلّ بمسيحيي العراق وفلسطين وسوريا وبقية دول المنطقة، لذلك يكثّف اللقاءات مع المراجع الدولية عبر دبلوماسيته العالمية لكي يساعد اللبنانيين على إتمام الإستحقاق الرئاسي.

 

وكان البطريرك الماروني مار بشارة بطرس الراعي حطّ في الفاتيكان قبل انتقاله إلى باريس حيث التقى الرئيس الفرنسي إيمانويل ماكرون، وأعاد تصويب العلاقات المارونية – الفرنسية وتصحيح مسارها بمسعى فاتيكاني.

 

ويُحاول محور «الممانعة» منذ أكثر من سنة الترويج بأنّ الكرسي الرسولي ينصح بكركي والمسيحيين بفتح صفحة علاقات مع «حزب الله» وعدم مخاصمته، فيما يروّج قريبون من «الحزب» بأن الكرسي الرسولي مع «حلف الأقلّيات»، ويمتعض المحور من سياسة بكركي التي تطالب بقيام الدولة وتسليم «حزب الله» سلاحه وإنهاء كل مظاهر «الدويلة».

 

ويؤكّد مطّلعون على موقف الفاتيكان أنّ كل ما يروّج له «حزب الله» هو تحريف للواقع وغير دقيق، وما «فخّ مليتا» الذي نُصب لعدد من الأساقفة، إلا تأكيد على محاولة «الحزب» إظهار صورة غير صحيحة لحقيقة الواقع واستعمالها في الإعلام للقول إن المكوّن المسيحي يؤيد كل سياسات «الحزب».

 

وفي السياق، تكشف المعلومات عن دعوة فاتيكانية وجّهها مسؤول فاتيكاني زار بيروت إلى الكنيسة المارونية، وتكررت لاحقاً من السفارة الفاتيكانية، دعت المسيحيين إلى عدم الإنعزال والإنفتاح على كل المكوّنات الوطنية وعدم الدخول في صراعات ذات طابع طائفي ومذهبي، بل العمل مع الشركاء المسلمين على إنقاذ البلد بعد موجات الإنهيار التي تضربه.

 

وعندما وصل الحديث عن الشيعة، كان موقف الفاتيكان واضحاً، وهو: لا أعداء لكم داخل الوطن، تحاوروا مع الجميع، خصوصاً المكوّن الشيعي ومن ضمنه «حزب الله»، لكن لا تحصروا الحوار بـ»الحزب»، بل تقتضي الرسالة المسيحية دعم الحرية والسلام وإيواء المضطهدين كائناً من كانوا، فكيف الحال بالنسبة إلى أبناء الوطن الواحد الذين يعانون سلطة الأمر الواقع، لذلك واجب عليكم أن تساعدوا الشيعة المضطهدين الذين يفتقدون مقومات الصمود، وافتحوا الحوار معهم ومع بقية الأطراف السياسية والروحية سواء كانت موالية أم معارضة، ولا تحصروا الحوار بمن يملك السلطة والمال والقوّة.

 

وتُعتبر دعوة الفاتيكان المرجعيات المسيحية الروحية والسياسية إلى التحاور مع «حزب الله» إعترافاً صريحاً وواضحاً بـ»لبّ المشكلة»، فالموقف الفاتيكاني ثابت ولم يتغير.

 

ولا تزال الثوابت الفاتيكانية تتمسّك بالمناصفة والشراكة المسيحية – الإسلامية ورفض المثالثة وعدم قضم الدور المسيحي وحماية «إتفاق الطائف»، وحصرالسلاح بيد الشرعية اللبنانية ودعم قيام دولة عادلة تحمي جميع طبقات الشعب ومكوّناته.

 

ولا يروق للكرسي الرسولي تعطيل النواب النصاب في جلسات الانتخاب، بينما يقتضي الواجب انتخاب رئيس في أسرع وقت ممكن، لكن هذا الأمر يبدو بعيد المنال.

 

وإذا كان الكرسي الرسولي يتحاور مع إيران من وجهة دينية، إلا أنه يرفض مناقشة الملف اللبناني مع طهران من باب المساومة، لأنه يؤمن بسيادة الدولة اللبنانية وعدم تدخّل الخارج في الشؤون اللبنانية، إلا للمساعدة فقط لا غير.

 

في الفاتيكان وجهة نظر تُشدّد على وجود مخطط لقضم الدولة وضرب الدور المسيحي وكسر الإرادة المسيحية، وما الإتصالات التي قام بها البطريرك الراعي بعد عودته من الفاتيكان وباريس إلا محاولة متكرّرة لفك الألغام الرئاسية وكشف الأمور المستورة، والإستغناء عن حوار الوساطة بحوار مباشر داخل الحدود اللبنانية.