IMLebanon

موفد فاتيكاني في لبنان لمتابعة أوضاع المسيحيين الكرسي الرسولي : لوصول رئيس توافقي الى سدّة الرئاسة

البيان الديبلوماسي الذي صدر عن بكركي بعد اجتماع البطريرك مار بشارة بطرس الراعي وضمّ سفراء الدول الخمس الدائمة العضوية في مجلس الامن والسفير البابوي غابرييل كاتشيا وممثلة الامين العام للامم المتحدة في لبنان سيغريد كاغ، جاء على قاعدة «في الاعادة افادة»، علّ «المعرقلين» يتعظون من الخطر المحدق، بعد الرسالة الاميركية الواضحة في هذا الاتجاه، فان انعقاد اللقاء معطوفا على زيارة البطريرك الراعي الى باريس، حمل في طياته مؤشرات مهمة، لجهة وجود اكثر من اقتراح يتم تداوله في عواصم القرار لفصل ازمة لبنان عن ازمات المنطقة وتأمين ظروف انتخاب رئيس، بحسب مصادر دبلوماسية واسعة الاطلاع، اذ تكشف المصادر ان زوار الفاتيكان يلمسون قلقا فاتيكانيا جديا وانزعاجا واضحا من اداء بعض القيادات اللبنانية التي تتعاطى مع ازمة الرئاسة بخفة، ولم تستبعد المصادر ان ترسل الفاتيكان موفدا الى لبنان للاطلاع عن كثب على ما آلت اليه الامور في الداخل، في موازاة دفع في اتجاه الدول الكبرى لاخراج الازمة الرئاسية من عنق الزجاجة قبل شهر حزيران المقبل.

فالعائدون من الفاتيكان يجمعون، بحسب مصادر مسيحية، على اعطاء صورة تتقاطع فيما بينهم رغم اختلاف موقعهم السياسي وانتماءاتهم، عند الحديث عن رؤية الكرسي الرسولي المتشائمة والغاضبة مما آل اليه مسار الاستحقاق الرئاسي اللبناني نتيجة تخاذل الاطراف السياسية اللبنانية الخاضعة لاهوائها الاقليمية والخارجية، وسط تعنت واستهتار القادة المسيحيين، الذين فضلوا مصالحهم الشخصية على ما عداها، ما ادى الى مراكمة خسائرهم واضعافهم وفقدانهم لمواقعهم وحيثيتهم في تلك المنطقة التي تتعرض اقلياتها لحرب لا ترحم في ظل احتدام الصراع الاقليمي والدولي بشكل غير مسبوق.

وتشير المصادر التي عملت على الملف اللبناني طوال سنوات، الى ان النقمة الفاتيكانية واضحة وعلنية، يسمعها زوار الحاضرة عند تطرقهم الى الوضع اللبناني، وبخاصة تجاه القيادات المارونية المتخاذلة عن القيام بمهامها ومسؤوليتها الوطنية، متذرعة بالحفاظ على الوجود المسيحي واعادة حقوق هذه الطائفة، فيما الواقع يدل الى مزيد من التراجع والانهيار نتيجة هذه السياسات.

وتنقل المصادر ان الفاتيكان يتابع ملف الفراغ الرئاسي كجزء من اهتمامه بالوضع المسيحي في منطقة الشرق الاوسط، نتيجة ما اصابهم في العراق وسوريا ومصر والسودان، حيث تقوم لجنة من الاختصاصيين بشؤون تلك المنطقة بجمع العناصر ودرس ظروف وتداعيات التطورات المتسارعة، بشكل دوري، ومن بينها تعثر انجاز الاستحقاق الرئاسي اللبناني حتى الساعة، رافعة تقاريرها بشكل دوري الى قداسة البابا، الذي يشرف شخصيا على الملف بكل دقائقه، حيث ينتظر ان يعمد قداسته الى التحرك في اتجاه معين لتسهيل الانتخابات حيث يمكن ان يكون له دور فاعل.

وتكشف المصادر ان الفاتيكان ابلغت بوضوح، مراكز القرار العالمي، استعدادها لمواكبة اي تحرك بخطوات عملية ولكن بعد الحصول على موقف مؤيد لوصول رئيس توافقي الى قصر بعبدا، بحيث يمكن انذاك ان يفعل التأثير الفاتيكاني فعله في الداخل، خصوصا حيث يملك قوة نفوذ على المستوى المسيحي من زاوية الحفاظ على وجوده في لبنان كمنطلق لثبات مسيحيي الشرق خصوصا في ظل موجة الاضطهاد والتهجير التي يتعرضون لها من الجماعات التكفيرية والمنظمات الارهابية في العراق وسوريا وغيرها من الدول.

واشارت المصادر الى ان مسؤولا لبنانيا كان شارك في اجتماعات دولية عقدت في نيويورك سمع من مسؤول فاتيكاني رفيع ردا على سؤال عن سبب عدم تحرك الفاتيكان لتسهيل الاستحقاق وممارسة الضغط على المسيحيين لازالة العراقيل، «اننا اوكلنا المهمة الى البطريرك الماروني الكاردينال مار بشارة بطرس الراعي الذي يتخذ الموقف المناسب باعتباره مطلعا على التفاصيل وعلى صلة بالقيادات المسيحية كافة وهو يتحرك بتوجهات الفاتيكان». وتربط الأوساط هنا بين الموقف المشار اليه ومواقف البطريرك الراعي الذي رفع سقفها الى أعلى درجة مع تسميته الفريق السياسي المعرقل، نتيجة عاملين اساسيين، الاول تمثل في رفض رئيس تكتل الاصلاح والتغيير اعطاء جواب واضح لبكركي عن المهلة الزمنية التي يعطيها لنفسه قبل اعلان انسحابه من السباق الرئاسي، والثانية رفض حزب الله للطرح الذي حمله موفدا البطريرك الذين زارا حارة حريك ناقلين طرحا واضحا للخروج من دوامة تعطيل النصاب الا ان الاجواء جاءت سلبية.

تبعا لهذه الصورة القاتمة، تبقى الآمال معلقة على الجهود الخارجية المبذولة مع الجهات الاقليمية، بهدف الحفاظ على الستاتيكو السياسي والامني والاقتصادي القائم والحؤول دون تدهوره، في موازاة «جس النبض» المتكرر لحمل «المعطلين الاقليميين» لاخراج ورقة الرئاسة من المزايدات، وسط التساؤلات عما اذا كان الضغط الغربي للوصول الى هذه النتيجة سيتم على البارد ام على الساخن.