IMLebanon

الفاتيكان للمسيحيين: اختاروا رئيسكم… فردوا: صلّي لأجلنا

هل يصنع الاتفاق النووي الايراني اعجوبة الرئاسة في لبنان؟

بالامس توجهت «مسيرة رجائية» لتمثال العذراء سيدة فاطيما الى المجلس النيابي معززة بالدعوات والصلوات. من اجل انتخاب رئيس الجمهورية، لانه لم يبق لنا بعد اكثر من سنة من التفريط بالفرص ومن التجاذبات والعقد المارونية سوى الصلاة وانتظار الاعجاز من الرب او الخارج.

صار المشهد واضحا بعد كل هذا المخاض الرئاسي…. تضاءلت الفرص الداخلية لتحل محلها الرهانات على الفرج الالهي او المتغيرات الدولية والاقليمية الدافعة باتجاه انتخاب الرئيس.

ومما لا شك فيه ان كلام الرئيس بري امام زواره وقوله ان فرص الانتخاب اليوم تكاد تكون معدومة هو اصدق تعبير، لكنه في الوقت نفسه يصر ويؤكد على اهمية عدم فقدان الامل والسعي للاسراع في تحقيق هذا الاستحقاق.

واذا كانت الآمال بمتغيرات ايجابية داخلية تؤدي الى انتخاب الرئيس قد اصبحت ضئيلة، فان بعض التقارير والمعلومات والوقائع الخارجية تؤشر الى احتمال حصول تطور ايجابي قد ينعكس على لبنان، ولعل ابرزها انجاز الاتفاق على الملف النووي الايراني.

ووفقا لمصدر دبلوماسي مطلع فان المراجع المسؤولة في لبنان تلقت مؤخرا تقارير دبلوماسية تكشف عن اهتمام اكثر في الدفع نحو انتخاب الرئيس اللبناني من قبل دول فاعلة ومؤثرة.

ويشير المصدر في هذا المجال الى احد التقارير الذي يفيد بان موسكو عبرت صراحة على لسان مسؤولين كبار في الخارجية عن دعمها وتأييدها لخروج اللبنانيين من هذه المراوحة القاتلة من خلال انتخاب رئيس جديد وتجاوز البعض لمواقفهم الجامدة والمتصلبة.

وقد رأت المراجع اللبنانية المسؤولة في هذا الموقف اشارات جديدة على امكانية حصول تطور في المواقف الخارجية لصالح تحسين المناخات الملائمة لانجاز الاستحقاق الرئاسي. لكنها عبرت في الوقت نفسه عن ان هذه المناخات تحتاج ايضا لمواقف مماثلة من دول مؤثرة اخرى.

ويقول المصدر الدبلوماسي ان تفويت اللبنانيين الفرصة الداخلية لانتخاب رئيسهم وضعهم امام امتحان انتصار التوافق الدولي والاقليمي خصوصا بعد ان استهلكوا اكثر من سنة بالتجاذبات المحلية لا سيما التجاذبات المارونية – المارونية.

ووفقا لقراءة التحركات الاخيرة في شأن الاستحقاق الرئاسي، فان المبعوث الرئاسي الفرنسي الذي كلف بهذا الملف اللبناني لم يتمكن رغم جولاته على السعودية وايران والفاتيكان ولبنان، من ايجاد القواسم المشتركة التي تؤدي لانتخاب الرئيس.

اما الفاتيكان فقد ابلغت المراجع المسيحية اللبنانية انها حريصة على عدم تسمية الرئيس او اختيار مرشح معين، وقالت عبر السفير البابوي ان هذه المهمة هي من اختصاص ومسؤولية اللبنانيين انفسهم، وعليهم ان يتفقوا على الاختيار اولا واخيراً.

وبدلا من ان تأخذ المراجع المارونية هذه الرسالة بطريقة عملية وايجابية، اكتفت بالالحاح على الفاتيكان ان تصلي لنا حتى تتحقق المعجزة.

ورغم حرصه على تجنب الحديث عن الاسباب التي ادت الى استمرار هذه الازمة يرى المصدر الديبلوماسي ان الخلاف بين اللبنانيين عموما والموارنة خصوصاً هو الذي ادى الى ضياع الفرصة الداخلية لانتخاب رئيس الجمهورية، وبالتالي لم يعد امامهم سوى انتظار المتغيرات والتوافق الاقليمي والدولي.

وفي اعتقاده ان الحدث الابرز اليوم هو المفاوضات المكثفة لانجاز وتوقيع الاتفاق النووي بين ايران والولايات المتحدة الاميركية من خلال ما يسمى بمفاوضات طهران ودول الــ (5+1).

ويرى المصدر الديبلوماسي ان كل التحليلات والوقائع تدل على ان هذا الاتفاق حاصل، وفي اسوأ الحالات لن تعود العجلة الى الوراء بعد اتفاق الاطار الاول والثاني اللذين وقعا سابقاً. فالولايات المتحدة الاميركيةوايران يحتاجان الى مثل هذا الاتفاق الناجز لاسباب سياسية واقتصادية وعكسية، وهما بحاجة الى ردم الهوّة بينهما في المنطقة.

فواشنطن التي ادركت وتدرك الدور الايراني الفاعل في كل المنطقة اكان على مستوى التطورات في العراق وسوريا او على صعيد ما استجد من وقائع في اليمن، ترى ان توقيع الاتفاق النووي يحقق اهدافاً عديدة في سياق السياسة التي تنتهجها في المنطقة. فهو يمنع ايران من تحولها الى دولة نووية من جهة، ويمكن ان يطوع سياستها لتكون شريكا في رسم معالم المنطقة ومواجهة خطر الارهاب فيها.

اما طهران فتنظر الى الاتفاق على انه يشكل انجازا مهما للتخلص في الحصار المفروض عليها على كل المستويات، ويفتح الافاق لها في تعزيز حرية حركتها الاقليمية والدولية، عدا عن انه يسقط ذريعة اساسية استخدمت وتستخدم لمحاربتها واضعافها.

ويشير المصدر الدبلوماسي الى ان هناك اشارات مهمة اخرى تعزز الاعتقاد بان الاتفاق النووي حاصل ومن بينها تأكيد الطرفين الاميركي والايراني انه يمكن تمديد المهلة لانجازه من نهاية حزيران الى موعد آخر، وهذا يدلّ على تناغم مشترك بينهما وتفهم طبيعة المفاوضات وحاجاتها واهدافها.

ويقول المصدر انه اذا ما وقع الاتفاق النووي الايراني فان هناك انعكاسات ايجابية عديدة يمكن ان تحصل في المنطقة لا سيما اولا في اليمن ولبنان، وهذا يشمل بطبيعة الحال الاستحقاق الرئاسي الذي يأتي في المرتبة الاولى.

وبرأيه انه اذا نجح اللبنانيون في الحفاظ على الجوّ المقبول من الاستقرار الذي نشهده يكونوا قد حافظوا اولاً على لبنان وكيانه ورشحوا انفسهم ليكونوا الساحة الاكثر جهوزية لتلقف هذا الاتفاق التاريخي بكل ايجابياته.

ووفقاً لما هو معروف فان الاستقرار النسبي الذي ينعم به لبنان ناجم عن عوامل خارجية وداخلية، لا بل ان هناك قراراً خارجاً بابقائه تحت سقف معين من الاستقرار معزز بدعم حوار عين التينة الذي نزع وينزع فتيل التفجيرات والتوترات لا سيما المذهبية، وبالدعم الذي يحظى به الجيش من قبل الولايات المتحدة الاميركية والغرب والعرب وايران ايضاً. هذا عدا عن التعاون القائم والدور الذي تلعبه المقاومة على الحدود الشرقية في صد هجوم «داعش» و«النصرة» على لبنان.

كل ذلك يدل على ان هناك تمسكاً بلبنان وكيانه في ظل زلزال التفتيت والتقسيم الذي بدأت تظهر ملامحه بقوة في بلدان المنطقة.

من هنا، يرى المصدر الديبلوماسي ان اللبنانيين والقيادات والاطراف اللبنانية مدعوة الى الافادة من الفرصة القائمة وعدم المخاطرة بما لديهم من استقرار داخلي.

واذا ما استمرت الامور على هذا المنوال فان لبنان سيكون اول من يقطف ثمار الاتفاق النووي الايراني، وسيكون الثمرة الاولى انتخاب رئيس توافقي انقاذي للبلاد.