IMLebanon

تحرُّك الفاتيكان وحظوظ نجاحه

 

ليس سراً، ان زيارة امين سر حاضرة الفاتيكان الكاردينال بترو بارولين الى لبنان، في هذا الظرف بالذات ،تحصل استنادا إلى وقائع الظروف الصعبة التي يواجهها اللبنانيون، جراء تداعيات الفراغ الرئاسي وتعطيل انتخاب رئيس جديد للجمهورية، واهتراء مؤسسات الدولة عموما، وعوامل القلق الشديد التي تنتاب الكرسي الرسولي على لبنان ومستقبله، والخشية من تطورات الاوضاع المتدهورة جنوباً، جراء تصاعد المواجهة العسكرية بين حزب الله وقوات الاحتلال الإسرائيلي،وتمدد الحرب الإسرائيلية على قطاع غزّة الى لبنان، بعد تصاعد التهديدات الإسرائيلية في الايام الاخيرة.

حرص الكاردينال بارولين خلال زياراته ولقاءته مع المسؤولين والسياسيين اللبنانيين، على نقل قلق البابا من مجريات الاحداث والازمات الصعبة التي يتعرض لها لبنان منذ سنوات، وحرصه الشديد على بذل الجهود والمساعي الممكنة، لمد يد المساعدة، لكي يستطيع لبنان تجاوز هذه الازمات بتعاون اللبنانيين،بين بعضهم البعض،محذرا من المخاطر التي تعصف بلبنان حاليا، وركز على ثلاثة أمور اساسية، أولها التمسك باتفاق الطائف، باعتباره ينظم اسس العيش المشترك بين كافة مكونات الشعب اللبناني وادارة الدولة اللبنانية وسلطتها الشرعية، وثانيا التزام الدستور بانتخاب رئيس للجمهورية، ودعوة كل  الاطراف للمشاركة في جلسات الانتخاب وعدم المقاطعة لأي سبب كان، وشدد  على  إنهاء الانقسام السياسي الداخلي، والتلاقي بين الاطراف السياسيين، او التشاور في ما بينهم قبل جلسات انتخاب الرئيس، او خلالها،لانهاء واقع الانقسام وتسريع انتخاب رئيس الجمهورية ، لاجل إعادة النهوض بالدولة ومؤسساتها المشلولة، وثالثا التأكيد على الدور المسيحي في لبنان، الذي يجسد نموذجا فريدا  في المنطقة، وداعيا الاطراف المسيحيين للعب الدور المنوط بهم مع كافة الاطراف، لتسريع انتخاب رئيس للجمهورية والمشاركة بفاعلية بانتخاب رئيس الجمهورية، كما دعا الاطراف المسلمين وتحديدا رئيس المجلس النيابي للعب الدور المطلوب منه بموجب الدستور ، لتسهيل عقد جلسة لمجلس النواب  لانتخاب رئيس للجمهورية.

 

اعادت زيارة امين سر دولة الفاتيكان الى لبنان، بعض الحرارة للواقع السياسي الخاوي، ووضعت النقاط على الحروف، وحمَّلت مسؤولية تعطيل انتخابات رئاسة الجمهورية بالتساوي بين الاطراف السياسيين، وليس لطرف دون الاخرين، والاهم تأكيد حرص البابا على الاهتمام بلبنان والتمسك بصيغة العيش المشترك،ولعب دوره التاريخي في الحفاظ عليه، بمواجهة ازمات الداخل ومخاطر الاعتداءات الإسرائيلية والمطامع الخارجية، بينما يبقى السؤال المطروح، هل ينجح الكرسي الرسولي، بهذه الزيارة في مساعدة لبنان للخروج من مأزق الفراغ الرئاسي وانتخاب رئيس للجمهورية، والخروج سالما من الحرب الإسرائيلية الايرانية على حدوده الجنوبية؟

يبقى الجواب بما تحمله الايام المقبلة، ومدى تجاوب الاطراف السياسيين مع  نصائح الكاردينال بارولين ودعواته، وفاعلية الاتصالات التي يتابعها الكرسي الرسولي مع الدول المؤثرة، للمساعدة بانقاذ لبنان وحل ازماته ومشاكله.