IMLebanon

قداسة البابا قلق من إتساع الحرب في لبنان ويراهن على بعض عواصم القرار

 

 

 رسالة فاتيكانيّة لإنهاء تشرذم المسيحيين ورسم خارطة طريق تحفظ دورهم 

 

ينقل المسؤولون الروحيون في بكركي دائماً، قلق قداسة البابا فرنسيس على لبنان، في ظل الاوضاع المأساوية التي يعيشها ومن كل الجوانب، وهو لطالما أطلق رسائل شفهية في هذا الاطار، شدّد خلالها على ضرورة ان يكون لبنان في آمان وسلام، بعد كل المراحل التي شهدها على مدى عقود من الزمن، كما يطلق قداسته رسائل مكتوبة عبر موفدين الى الصرح البطريركي، على أثر التقارير التي تصله وتلقي الضوء على التطورات والمستجدات، واوضاع المسيحيين بشكل خاص واللبنانيين بشكل عام.

 

من هذا المنطلق يسجّل منذ فترة وجيزة قلق لدى الكرسي الرسولي، حيال ما يشهده الوضع في الجنوب اللبناني من معارك يومية على الحدود، ومن هنا نستذكر إهتمام الفاتيكان الذي برز يوضوح، خلال الزيارة التي قام بها السفير البابوي في لبنان باولو بورجيا، مطلع تشرين الثاني الماضي الى القرى الحدودية في بنت جبيل، دبل رميش وعين إبل، حيث تمّ البحث في اوضاع الاهالي هناك، وإستمع الى احتياجاتهم في ظل الظروف الامنية والمعيشية الصعبة.

 

وفي السياسة الداخلية المشرذمة، التي ادت الى فراغ رئاسي سيطول آمده، وفق كل المعطيات والمعلومات الصادرة عن الخارج وحتى الداخل، الامر الذي أوجد المخاوف من إستمرار التباين والانقسامات بين الافرقاء اللبنانيين، وبصورة خاصة بين المسيحيين، لذا توالت الرسائل والنصائح الفاتيكانية من جديد، الى ضرورة توافق المسيحيين على الملف الرئاسي، وإنتخاب رئيس بأسرع وقت ممكن، بهدف تحقيق الامن والاستقرار.

 

الى ذلك تطغى الهواجس الامنية من إتساع رقعة الحرب، وتخطيها المناطق الحدودية الى كل لبنان، في ظل تهديدات المسؤولين الاسرائيليين، الذين يكرّرون يومياً تلك التهديدات بإجتياح برّي، الامر الذي أدخل الفاتيكان على الخط ، وتحديداً على الخطين الاميركي والفرنسي لتحييد لبنان عن كل المساومات، التي يمكن أن تنتج عن اي تفاوض اقليمي ودولي.

 

في السياق تشير مصادر كنسية لـ” الديار” الى حضور وإهتمام فاتيكاني في لبنان، وإن لم يكن بارزاً في العلن، لكنه دائماً موجود وقد تفاقم منذ إنفجار الرابع من آب 2020، حيث ابقى الفاتيكان حضوره بشكل دائم وعلى مختلف المستويات، خصوصاً الانسانية وحتى السياسية، بهدف مساعدة لبنان والسعي الى تحقيق الاستقرار فيه، عبر جهود بعض عواصم القرار وفي طليعتها واشنطن وباريس، اذ تبدو أنظار الفاتيكان شاخصة بقوة الى هاتين العاصمتين، مع رهان على الحراك الاميركي والفرنسي في المنطقة، والحث على عدم التخلي عن لبنان ومنع إتساع الحرب ضمنه، لذا تتواصل الاتصالات الفاتيكانية لمتابعة ملف لبنان، فيما ترى عدم الاهتمام الكافي في الداخل اللبناني، لتفادي ما يمكن ان يحصل ميدانياً وعسكرياً، الامر الذي يثير القلق الكبير لدى الكرسي الرسولي، من خلال مماطلة بعض الاطراف اللبنانيين، او عدم إكتراثهم واهتمامهم لإنهاء الملفات العالقة، وخصوصاً الاستحقاق الرئاسي والإتكال فقط على جهود الخارج.

 

وفي هذا الاطار أشارت المصادر الكنسية، الى انّ البطريرك بشارة الراعي يجهد للوصول الى خيار رئيس يرضى عنه الجميع، لذا يعمل على تقريب وجهات النظر بين القيادات المسيحية، كي يكون على مسافة واحدة من الجميع، ولكونه أخذ على عاتقه مهمّة توحيد الصف، لكنه كان وما زال يصطدم بالبعض، ما جعله اليوم أمام مهمة صعبة.

 

وإنطلاقاً من هنا وصلت الى مسامع بكركي من جديد، رسالة من قداسة البابا لإطلاق دعوات لتوحيد الصفوف المسيحية، وفق خارطة طريق تحفظ لهم دورهم في لبنان كما كان سابقاً، لأنّ الزمن سينطلق نحو المصالحات الكبرى، وعندها يجب أن يكون المسيحيون ضمن هذه المصالحات، كي لا يدفعوا الأثمان من جديد، وبالتالي أن يتفقوا أولاً على اختيار الدروب الرئاسية.

 

ولفتت الى مخاوف البطريرك الراعي أيضاً، من المخاطر التي تهدّد الوجود المسيحي، وما يصله من معلومات عن زيادة طلبات الهجرة كل يوم الى أوروبا وأميركا للشباب المسيحيين، وهواجس تغيير وجه لبنان، إذا ما تقلص عدد المسيحيين وزاد عدد الغرباء. ولفتت الى أن البطريرك الراعي مستعد لمواجهة تحدّيات كبرى، في سبيل وحدة الموقف المسيحي، وهو مدرك تماماً لحجم تلك التحدّيات.