في ظل الحراك السياسي الفرنسي والروسي والمصري حيال الازمة اللبنانية، بحثاً عن حلول لا يجدونها، في ظل تناحر المسؤولين اللبنانيين وخصوصاً المعنيين بالتشكيلة الحكومية، اتت دعوة قداسة البابا فرنسيس الى لقاء في الفاتيكان، في الاول من تموز المقبل مع القادة الروحيين المسيحيين في لبنان، لتشكل مفاجأة عنوانها المبطّن مناقشة الوضع المقلق على مصير لبنان والمسيحيين فيه، علّ الدعوة التي لم توجّه الى القادة السياسيّين المتناحرين اينما حلوّا، تخرق جدار الازمة المستعصية. وقد نقلت الدعوات السفارة البابوية منذ اكثر من اسبوعين الى بكركي والمعنيّين، اي الى بطاركة لبنان، وهنالك شبه تأكيد بأنّ الجميع سيشارك في هذا اللقاء، في ظل معلومات بأنّ الدعوة نتجت عن مخاوف البابا فرنسيس على التعايش المسيحي – الاسلامي، الذي يدعو للحفاظ عليه دائماً ومنع إهتزازه، على ان يكون الاول من تموز المقبل مخصصاً لمناقشة شؤون وشجون الوضع اللبناني في الفاتيكان، والبحث عن حلول واجراءات لإنقاذ لبنان، مع إمكانية وصول موفد من الفاتيكان الى بيروت للتحضير للقاء المرتقب.
الى ذلك، اتى هذا الاهتمام اللافت بعد نقل البطريرك الماروني بشارة الراعي، هواجس القيادات الروحية والطوائف اللبنانية، من تدهور الاوضاع في سابقة لا مثيل لها، وعلى الاثر بدأ التحرّك من قبل الفاتيكان، خصوصاً بعد الزيارة لتي قام بها البطريرك الراعي والرئيس المكلف سعد الحريري الى هناك، وتبعها رسالة وجهّها البابا الى رئيس الجمهورية ميشال عون، حيث ابدى تعاطفه مع اللبنانيين ومعاناتهم، واعداً بمساعدتهم في حل الازمات التي تعصف ببلدهم، وبأنّ الملف اللبناني سيكون ضمن اولوياته . كما انّ التقارير التي تصل الى الفاتيكان إن من قبل السفير البابوي او من بكركي، اوجدت قلقاً كبيراً لدى البابا على اللبنانيين عموماً، الذين يقفون امام ابواب السفارات بالالاف طلباً للهجرة، وبصورة خاصة المسيحيين منهم، لانّ عددهم الى تزايد وفق ما اشارت اليه مؤسسة «لابورا»، بحيث ترتفع النسب المئوية لهجرتهم الى البلاد البعيدة ومنها كندا واميركا واوستراليا، وهذا يعني ان لا عودة بل هجرة نهائية، إضافة الى معاناة الكنيسة بعد تردّي الأوضاع الصحية والتربوية ضمنها، على أثر انفجار مرفأ بيروت في الرابع من آب الماضي، فضلاً عن المشاكل الناتجة عن خلافات وانقسامات الطبقة الحاكمة، حول كيفية تشكيل الحكومة المنتظرة منذ ثمانية اشهر ، وما انتجته من صدامات ومعارك سياسية بين رئيس الجمهورية والرئيس المكلف، والتي لا تزال مستمرة حتى اليوم.
في غضون ذلك يشير النائب البطريركي العام الاسبق المطران بولس صيّاح، في حديث ل» الديار» الى انه ينظر بتفاؤل الى هذا اللقاء، الذي يقتصر على القيادات الروحية فقط، كاشفاً بأنّ المبادرة هذه اتت بطلب من كاثوليكوس الارمن ارام الاول كيشيشيان، الذي وجّه كتاباً الى البابا فرنسيس، متمنياً عليه جمع رؤساء الكنائس في لبنان، للصلاة اولاً ومناقشة الوضع اللبناني المتأزم عبر حوار فعال للوصول الى حل، يُبعد الانهيارات التي تتوالى على البلد وشعبه، إضافة الى مساهمة قام بها في هذا الاطار ايضاً سفير لبنان في الفاتيكان فريد الخازن.
ولفت المطران صيّاح الى انّ البطريرك الراعي سينقل خلال مشاركته في هذا اللقاء، كل المخاوف التي يشير اليها في عظاته، وسوف يتحدث بإسم جميع اللبنانيين وليس فقط المسيحيين. على ان يُفتح باب الحوار امام الجميع لسماع كل الآراء، والاشارة لن تكون فقط الى الهواجس، انما ايضاً الى التطلعات الايجابية.
ورداً على سؤال حول مدى وجود قلق لديه على وضع المسيحيين في لبنان، قال:» لا خوف على المسيحيين، فهنالك عبارة « لا تخافوا» تتكرّر في الكتاب المقدس، ونحن في بكركي نتكلم بإسم كل الشعب اللبناني، والجوع ليس لديه دين بل يطال الجميع، لكن علينا العمل جميعاً مسيحيين ومسلمين للمساهمة في إنقاذ وطننا >.
وعن إمكانية تشكيل حكومة قريباً، ختم بالقول:» انا متفائل اكثر من اي وقت مضى».