تشكيل الحكومة مطلب فاتيكاني ودولي ولبناني ولا أحد يستطيع أن يحل محلّ اللبنانيين… والمؤتمر الخاص شأن داخلي
تتجه أنظار اللبنانيين ودول العالم اليوم الخميس الى الفاتيكان حيث خصّصه رأس الكنيسة الكاثوليكية في العالم البابا فرنسيس لـ «التأمّل والصلاة من أجل لبنان» لمساعدة بلد الأرز، الحبيب على قلب قداسته، للخروج من الأزمة الإقتصادية الخانقة التي باتت تُهدّد كيانه ووجوده واستمراريته، وتُرهق بالتالي كاهل مواطنيه وتدفع عدداً كبيراً من الشباب اللبناني لطرق باب الهجرة بحثاً عن فرص للعمل… ويصف سفير لبنان لدى الكرسي الرسولي فريد الياس الخازن هذا اليوم بالتاريخي وبالمحطة المهمّة كون قداسة البابا فرنسيس سيحضره شخصياً، وسيُناقش الشؤون اللبنانية كافة مع رؤساء الكنائس الكاثوليكية والأرثوذكسية والإنجيلية. وأكّد بأنّ حصر اللقاء بالقادة الروحيين المسيحيين لا يعني بأنّه موجّه ضدّ أحد خصوصاً وأنّ البابا فرنسيس هو من أكثر الباباوات انفتاحاً ودعماً لفكرة التواصل مع مختلف الأديان، وأداؤه خير دليل على ذلك.
وأعلن السفير الخازن أنّ كلمة قداسته التي سيُلقيها في الصلاة الختامية التي ستلي جلسات النقاش الثلاث التي ستُعقد على مدار اليوم، والتي ستُقام في بازيليك القديس بطرس أمام المشاركين والسفراء المعتمدين لدى الكرسي الرسولي ستتضمّن «الخطوط الكبرى للتوجّهات المستقبلية» وستكون بمثابة البيان الرسمي للقاء، الذي ستتمّ متابعته بآليات عدّة.
وأشار الى أنّ «يوم لبنان في الفاتيكان» سيُسلّط الضوء على الوضع اللبناني في الأوساط الدولية، سيما وأنّ ديبلوماسية الفاتيكان مؤثّرة وفاعلة وناشطة. غير أنّه شدّد في المقابل، على أنّ تشكيل الحكومة هو حاجة للبنان، ومطلب فاتيكاني ودولي ولبناني، ولا يُمكن لأحد بالتالي أن يحلّ محلّ اللبنانيين أنفسهم، ولهذا عليهم الإجتماع وتشكيل الحكومة، وفي حال لم يتحقّق هذا الأمر فسيصعب مساعدة لبنان.
وتوقّع أن يكون الوضع في لبنان ما بعد لقاء الفاتيكان في 1 تموز مختلفاً عمّا قبله، وأن يُشكّل «بداية طريق نحو المزيد من العمل المثمر والهادف لمساعدة المسيحيين خصوصاً وكلّ اللبنانيين عموماً»، سيما وأنّ الفاتيكان على ما أكّد يُساعد لبنان بعيداً عن الإعلام ومستعدّ للإستمرار في تقديم الدعم له أكثر فأكثر.
وفيما يلي نصّ الحوار:
عن الأهمية التي يكتسيها تخصيص يوم للبنان في الفاتيكان يقول السفير الخازن إنّه «بحدّ ذاته يوم تاريخي، بمعنى أنّه لم يحصل في الماضي، إن كان بالنسبة للبنان أو لأي طرف آخر. وهذا طبعاً ليس «سينودوس» كون البعض في لبنان تحدّثوا عن ذلك، إنّما هو لقاء ليوم واحد يمكننا تسميته «يوم لبنان في الفاتيكان». وتكمن أهميته في حضور قداسة البابا شخصياً طوال هذا اليوم، فضلاً عن دعوة جميع رؤساء الكنائس في لبنان الكاثوليكية والأرثوذكسية والإنجيلية للإجتماع معه في الفاتيكان، بمعنى أنّه لقاء مسكوني في الإطار اللبناني. ولفت الى أنّه سيكون هناك ثلاث جلسات نقاش أو تفكير أو عمل مغلقة تُعقد على مدار اليوم، تبدأ بصلاة إفتتاحية وتنتهي بصلاة ختامية مفتوحة أمام المدعوين، تُقام في بازيليك القدّيس بطرس. وسيُلقي البابا فرنسيس خلال صلاة الختام كلمة، في حضور القادة الروحيين المشاركين ورئيس مجمع الكنائس الشرقية ورئيس المجلس البابوي لتعزيز الوحدة المسيحية، الى جانب السفراء والديبلوماسيين المعتمدين والمسؤولين الذين يُمثّلون لبنان لدى الكرسي الرسولي.
وعن استثناء القيادات الإسلامية والمسؤولين السياسيين من هذا اللقاء مع قداسة البابا، رغم أنّه مخصّص للبنان أي لجميع اللبنانيين، أوضح أنّ هذا اللقاء «يأتي في إطار السعي لمساعدة لبنان على الخروج من المعاناة الإقتصادية والإجتماعية والمالية والسياسية الكبيرة، هذه المعاناة التي تُصيب كلّ اللبنانيين من مسيحيين ومسلمين. ولهذا ليس من داعٍ لطرح مثل هذا الموضوع، سيما وأنّ كلّ الإهتمام والمسائل التي ستُطرح خلال جلسات النقاش تخصّ المعاناة الموجودة في لبنان وجميع اللبنانيين.
وقال بأنّه أمر طبيعي أن يجمع اللقاء رؤساء الكنائس في لبنان من كلّ الطوائف، ولكن هذا لا يعني أنّه موجّه ضدّ أحد، خصوصاً وأنّ الدعوة موجّهة من قبل البابا فرنسيس الذي قد يكون من أكثر باباوات الفاتيكان إنفتاحاً ودعماً لفكرة الإنفتاح على الأديان كافة والتواصل معها. والدليل على ذلك حصول لقاءات عدّة بين قداسته وشيخ الأزهر في الفاتيكان وفي القاهرة وفي أبو ظبي، وجرى الإعلان عن «وثيقة الأخوّة الإنسانية» من أجل السلام العالمي والعيش المشترك (2019). وأخيراً ذهب البابا الى العراق وأصرّ على زيارة المرجعية الشيعية الأعلى السيّد علي السيستاني في مركز إقامته في النجف. ولهذا أعتبر أنّ هذا الطرح ليس في محلّه، لا سيما وأنّ كلّ اهتمام الفاتيكان قبل هذا اللقاء وبعده، بكلّ لبنان ككلّ وكلّ اللبنانيين.
وفيما يتعلّق بعدم دعوة المسؤولين السياسيين الى اللقاء، أكّد أنّ الموضوع ليس سياسيا بمعنى أنّه يجب دعوة السياسيين، فأكثر ما هو مطلوب منهم أن يجتمعوا ويؤلّفوا حكومة، وهو مطلب فاتيكاني ودولي ولبناني.
} الفاتيكان يُساعد }
ولفت السفير الخازن الى لقاء الفاتيكان سيُسلّط الضوء على الوضع اللبناني في الأوساط الدولية، ومن المؤكّد أنّه سيكون هناك اهتمام به على مستوى الكنيسة ككلّ، وعلى مستوى الدول، سيما وأنّ ديبلوماسية الفاتيكان مؤثّرة وفاعلة وناشطة. فمنذ أيّام زار وزير خارجية أميركا طوني بلينكن الفاتيكان، وثمّة علاقة جيدة تربط بين الكرسي الرسولي مع فرنسا ودول أخرى. وكلّ هذا يصبّ في إطار مساعدة لبنان. ولكن في النهاية، هناك مسائل لا يستطيع أحد أن يقوم بها الا اللبنانيين أنفسهم، إذ لا أحد يستطيع أن يحلّ مكانهم. وإذا لم تتحقّق هذه الأمور، سيكون هناك صعوبة لمساعدة لبنان.
سئل إذا كان سيصدر في نهاية اليوم بيان ما عن اللقاء أو توصيات كنسية، وكيف ستتمّ ترجمتها على أرض الواقع، أجاب: إنّ البابا سيُلقي كلمة في ختام اللقاء تتضمّن الخطوط الكبرى للتوجّهات المستقبلية، من دون أن تُشكّل بياناً رسمياً. غير أنّها بالطبع ستكون بمثابة البيان الرسمي. كذلك فإنّ الفاتيكان الذي يدعم ويُساعد لبنان، من دون أي مقابل، منذ عقود، ولا سيما خلال السنتين الأخيرتين من خلال مساعدات تصل الى اللبنانيين من دون ضجيج وبعيداً عن الإعلام، وقد ساهمت شخصياً في بعض منها من دون الإعلان عن هذا الأمر، هو مستعدّ اليوم لتقديم المساعدة له أكثر فأكثر.
وأكّد السفير الخازن أنّه سينتج عن لقاء اليوم نوع من متابعة لمواضيع وملفات معيّنة ستتم مناقشتها، وهي الى جانب الدعم الموجود ستخلق نوع من التنظيم الفعلي. ونحن كلبنانيين، أكنّا مسؤولين سياسيين أو كنسيين، علينا مسؤولية وواجبات لا بدّ من القيام بها، فليس على دول الخارج دعمنا فقط، فيما نقف نحن مكتوفي الأيدي. فالمتابعة ضرورية جدّاً، وثمّة إنتباه لهذا الأمر من قبل كلّ المعنيين، مشيراً الى أنّ هذا اليوم سيكون بداية طريق أو بداية مرحلة نحو الإنطلاق نحو المزيد من العمل المثمر والهادف لمساعدة المسيحيين وكلّ اللبنانيين.
هل تتوقّعون أن يصدر عن البابا فرنسيس الدعوة الى طلب عقد مؤتمر دولي خاص بلبنان برعاية الأمم المتحدة، على ما يُطالب البطريرك الماروني بشارة بطرس الراعي لحلّ الأزمة اللبنانية التي باتت أزمة كيان ووجود لا سيما مع ارتفاع نسبة الهجرة بفعل البطالة والفقر والجوع؟ نفى حصول هذا الأمر كون الفاتيكان لا يتدخّل في الأمور السياسية الداخلية. الفاتيكان يضع معايير معيّنة لكنّه ليس طرفاً في الشؤون السياسية الداخلية، ولا يُمكن لأحد أن يحل مكان اللبنانيين في كلّ المواضيع المطروحة، وفي لبنان مسائل مطروحة عدّة تخصّ اللبنانيين بالدرجة الأولى.
وشدّد على أنّ تشكيل الحكومة هو حاجة للبنان في أي ظرف كان، إذ لا يُمكن لأي بلد أن يستمرّ من دون سلطة مسؤولة. وهذا لسان حال المجتمع الدولي اليوم، ومن ضمنه الفاتيكان.
من هم القادة الدينيون الذين سيُشاركون في اجتماع 1 تمّوز في الفاتيكان؟
بناءً على طلب البابا فرنسيس، يُشارك اليوم الخميس فس 1 تمّوز الجاري 10 قادة روحيين، 6 كاثوليك، 3 أرثوذكس و1 بروتستانتي، في «القمّة المسكونية للسلام في لبنان» في حاضرة الفاتيكان. من هم هؤلاء الرؤساء الدينيون، وما هي الطوائف التي يمثلونها؟
} من هم الكاثوليك؟
1-الكاردينال مار بشارة بطرس الراعي الذي يحمل صوت الموارنة. هذه الطائفة المارونية المرتبطة دائماً بروما منذ تأسيسها تُمثّل المجتمع المسيحي الأكبر في لبنان (25 % من أصل 33 % من المسيحيين).
2- الطائفة الكلدانية في لبنان ستكون ممثّلة بمطران بيروت للكلدان ميشال قصارجي. هذه الكنيسة يقودها الكاردينال ساكو ومقرّها في العراق.
3- النائب الرسولي للكنيسة اللاتينية في لبنان المطران سيزار آسيان.
4- يمثل بطريرك أنطاكية وسائر المشرق والإسكندرية والقدس يوسف العبسي الطائفة الكاثوليكية الملكية، وهو مقيم في دمشق.
5- بطريرك السريان الكاثوليك الأنطاكي البطريرك مار اغناطيوس يوسف الثالث يونان.
6- بعد وفاة البطريرك غريغوار بيار العاشر غابرويان في 25 أيّار الفائت، ستتمثّل الكنيسة الأرمنية الكاثوليكية في لبنان بمن ينوب عنه.
} من هم الأرثوذكس؟
7- بطريرك أنطاكية وسائر المشرق للروم الأرثوذكس يوحنا العاشر يازجي، ومقرّ هذه الطائفة دمشق. هي ثاني أهمّ طائفة بعد الطائفة المارونية.
8- كاثوليكوس الأرمن الأرثوذكس آرام الأول كيشيشيان.
9- بطريرك الكنيسة السريانية الأرثوذكسية اغناطيوس افرام الثاني.
} من هو ممثل الإنجيليين؟
10- لتمثيل البروتستانت ، دعا البابا فرنسيس رئيس الطائفة الإنجيلية في لبنان وسوريا القسّ جوزف قصاب.