أسوأ مفاعيل “منظومة الإجرام” أن نعتبرها أبدية فنتطلع الى تسويات ونناقش في “جنس الوزراء” قاطعين الأمل بإرساء دولة القانون وبتجديد للنظام يضمن السيادة والوئام والأمان… لكن “كُتِب” على اللبنانيين الأحرار “القتال” ولن ينجيهم الاستسلام لأن “البحر من ورائهم والعدو من أمامهم”.
حدثان مهمَّان يجدّدان الأمل ويعيدان الزخم الى إرادة الخلاص. لقاء الفاتيكان الذي أرسى “الحجر الأساس” لمشروع الحياد من كنيسة القديس بطرس، وقرار القاضي بيطار استدعاء “رؤوس كبيرة” في اطار التحقيق بجريمة 4 آب.
كلا الحدثين يحتاج مواكبة الشعب اللبناني في الشارع وصناديق الاقتراع لضمان الحماية والنجاح. فالبابا فرنسيس قال “لا تيأسوا” متمماً صرخة سيد بكركي: “لا تسكتوا”. وتجاوزَ الحبر الأعظم رغبة الفرنسيين في منع الارتطام حفاظاً على “الصيغة” بالتعبير عن قناعته بوجوب “إنقاذ لبنان الرسالة” عبر تطويرها بعد مئة عام من قيامها. ولأجل ذلك سيدفع مشروع البطريرك الراعي الى أمام بُغية تأمين حياد قانوني للبنان، لا يضمن بقاء ودور ما تبقى من مسيحييه فحسب، بل يعيد الحق في الحياة والحرية الى كل مواطنيه.
أما الحدث الآخر الذي يستحق “الاستنفار” فهو تجرؤ المحقق العدلي على رَكْل “الحصانات” والإدعاء على رئيس حكومة ووزراء وقادة أمنيين كانوا حتى صدور القرار “أكبر” من أن يطالهم استدعاء بعدما تمكن بعضهم من إطاحة القاضي صوان بـ”البلطجة” وحجة الارتياب!.
وللقاضي بيطار نقول: قرارك التاريخي مفخرة للبنان، فلا نريده “ابراء ذمة” قاض قام بما يتوجب عليه ملقياً الحمل على باقي المؤسسات، ولا نريده مستثنياً رئيساً أو وزيراً أو ضابطاً أو صاحب سلطان. نعلم ان مهمتك شبه انتحارية لكن قدَرك أن تحمل هذا العبء، فلا تخبرنا فقط عمَّن أهمل وتقاعس بل عمَّن أتى بالنيترات وأخرج من العنبر 12 ما شاء، عندها ستتحول كيفية الانفجار تفصيلاً إذ انها تتمة للاعتداء الأساس.
حضرة القاضي لست وحدك. صحيح انك لا ترى حشوداً في الطرقات لكن جريمة 4 آب أضخم من أن يطويها النسيان أو أن تدخل في سياق عمليات الإجرام التي حصلت في لبنان. هذه قضية يواكبها العالم الحر وسيعاقب معرقلي مسارها، وهي حاضرة في ضمير ثورة 17 تشرين وأكثرية اللبنانيين، ويتوقف على جلاء حقيقتها وسوْق المرتكبين قيام الدولة من عدمه في لبنان.
“منظومة الإجرام” ليست قدر اللبنانيين. ففي أسبوع واحد لاحَ قَبسان، واحد من ركام المرفأ وآخر من الفاتيكان.