IMLebanon

تحرّك فاتيكاني بعد مومبرتي.. دولياً وإقليمياً وداخلياً

كانت التفاتة مهمة من الفاتيكان في اتجاه لبنان، عبر إيفاده محافظ المحكمة العليا للتوقيع الرسولي الكاردينال دومينيك مومبرتي الى بيروت، حيث أمضى أياماً عدة عقد خلالها لقاءات مع المسؤولين، تناولت تطورات الوضع اللبناني، وما آل إليه ملف انتخابات رئاسة الجمهورية.

وأكدت مصادر ديبلوماسية بارزة، ان التحرك الفاتيكاني في اتجاه لبنان، يعتبر أكثر من زيارة وأقل من مبادرة متكاملة العناصر. لذا تندرج المباحثات التي أجراها الموفد الفاتيكاني في إطار ثلاثة أهداف هي:

– إظهار اهتمام الكرسي الرسولي بوضع لبنان، وبموضوع الرئاسة تحديداً، ان لا يمكن للفاتيكان إلا أن يبرز استعداده ومسعاه واستمراره في الوقوف الى جانب لبنان ومؤسساته الدستورية. وبالتالي، الزيارة مهمة في توقيتها حيث عبرت عن التفاتة خاصة للبنان في مرحلة من جمود الاتصالات الدولية والاقليمية وتلك اللبنانية في هذا الشأن.

– استمع الكاردينال مومبرتي، الى آخر تفاصيل المواقف السياسية اللبنانية بالنسبة الى الاستحقاق الرئاسي، ومدى استعدادات الأطراف في هذا الإطار. الفاتيكان يدرك كل الظروف وتطورات هذا الملف، لكنه أراد الاستماع الى آخر المستجدات حولها ومعرفة انطباعات الأفرقاء.

– تقديم تقرير الى البابا حول ما سمعه في لبنان تمهيداً لأن يقوم الفاتيكان بتحركات دولية وإقليمية وداخلية لإعادة تفعيل البحث بالملف الرئاسي. وسيقوم الفاتيكان في أقرب فرصة باتصالات مع كل الأطراف الدوليين والاقليميين لتحريك الموضوع. ما يعني أن سيتحرك على المستويات الثلاثة: الدولي والاقليمي والداخلي.

الفاتيكان يمكنه أن يوصي، ويأمل من الدول المساعدة، كونه قوة معنوية لكن ليست لديه قوة عسكرية لفرض ما يريده. كما أنه لا يمكن لأي جهة دولية أو إقليمية مهما كانت قدراتها أن تتجاوز موقف الفاتيكان في ما خص الملفات اللبنانية لا سيما انتخابات الرئاسة. لذا موقفه مهم، وهو يأتي في إطار الحلقة الدولية الاقليمية التي يجب أن توافق على الرئيس وتنسق حول هذا الملف.

مصادر ديبلوماسية واسعة الاطلاع، أوضحت أن مهمة الكاردينال مومبرتي، استطلاعية، وهي تأتي في إطار الجهود التي يبذلها الفاتيكان حول لبنان نظراً للأهمية التي يوليها لأوضاعه، لكن لم يحمل الكاردينال أية مبادرة، إنما هناك متابعة خاصة للشغور الذي يطال رئاسة الجمهورية، لا سيما وان رئيس الجمهورية هو الرئيس المسيحي الوحيد في المنطقة، وهو جاء مستطلعاً ومستمعاً وسط تحرك له طال مختلف القيادات. وبعد عودته الى الفاتيكان اطلع البابا على نتائج زيارته للبنان، ومن ثم قد يكون للفاتيكان موقف ما، بناء على تقويم هذه النتائج.

يرغب الفاتيكان بالاهتمام بالموضوع الرئاسي في اطار اهتمامه بالشأن اللبناني، وهذا يتم بالتشاور والاتفاق مع الرئاسة الفرنسية. فكرة مجيء موفد فاتيكاني للمعاونة في الشأن الرئاسي مطروحة منذ أكثر من سنة. إنّما الذي ساهم في تأخيرها هو عدم تفضيل الكرسي الرسولي الدخول بمبادرات ذات افق مقفل، وسط الوضع الاقليمي المعقّد المحيط بلبنان. لكن عاد الفاتيكان ليقرر الاستطلاع، وعبر الكاردينال القريب من البابا، ولينقل إليه تفاصيل الجو الرئاسي اللبناني.

كما أن إيفاده يأتي بعد العديد من الموفدين الدوليين المباشرين وغير المباشرين بالنسبة إلى الاهتمام بالملف الرئاسي. منهم الموفد الفرنسي الديبلوماسي جان فرانسوا جيرو. مع الاشارة الى ان الفاتيكان مرجعية معنوية لا مصلحة له اطلاقاً إلا مصلحة القيم في لبنان، في حين ان لدى الدول مصالح تنعكس على سياساتها الخارجية، عندما تقرر دولياً ضرب العراق برئاسة صدام حسين، لم يوافق الفاتيكان على الأمر، فأبلغ موقفه الى الأميركيين، وقدم الصلوات لكي يلهم الله الأميركيين العودة عن قرارهم، لكن ذلك لم يحصل.

هناك حرص فاتيكاني كما أبلغ مومبرتي، على ان لا تتعرض المؤسسات اللبنانية للاهتزاز، وعلى الاستقرار وتجنيب تعرضه للأخطار، وهي سياسة ثابتة لا تتغير بتغير البابوات.

ويُذكر ان الكاردينال مومبرتي كان حضر حفل قسم اليمين لرئيس الجمهورية السابق ميشال سليمان في موقف واضح حول دعم الرئاسة. ولدى الفاتيكان دور مؤيد ومتفهم لكن مقومات البنية السياسية من خلال صيغة لبنان المميزة، وهذا يتجلى في مواقف البابوات واوصافهم للبنان لا سيما على انه «رسالة» و»نموذج». وبالتالي، يهم الفاتيكان الحفاظ على ذلك لا سيما في ظل القلق حول الاوضاع المسيحية شرق وغرباً، خصوصاً أوروبياً.