Site icon IMLebanon

الفاتيكان على خط المصالحة بين القوات والمردة

 

استأثرت مصالحة حزب القوات اللبنانية وتيار المردة، باهتمام لافت لا سيما لناحية شكلها ومضمونها وظروفها الاستثنائية مما يدل على أهميتها في هذه المرحلة المفصلية التي يجتازها لبنان والمنطقة وحيث جاءت هذه المصالحة ومن خلال رمزيتها في بكركي أمام موجة اصطفافات سياسية لا مثيل لها على الصعيد الداخلي في ظل الانقسامات السياسية العامودية بين الأحزاب والتيارات السياسية والتي تنامت في الأيام الأخيرة على خلفية الخلافات حول تأليف الحكومة وأمام فرض حزب الله واقع جديد تمثل بما يسمى بعقدة سنّة الثامن من آذار والتي فرملت التأليف، في حين تكشف أوساط سياسية متابعة أن هذه المصالحة كانت موضع متابعة يومية منذ فترة طويلة، وولدت بعد لقاءات مطولة اتسمت بالحرفية من قبل المفاوضين من الطرفين أي القوات والمردة وحيث كان كل من رئيس حزب القوات ورئيس تيار المردة يتابعون كل التقارير وتفاصيل المباحثات التي كانت تحصل بين ممثليهما في لجنة المتابعة، وذلك بدقة حول كل النقاط كي تأتي شاملة وجامعة ومتماسكة.

ولكن السؤال المطروح وبعدما باتت هذه المصالحة واقعاً، كيف سيكون مستوى التواصل والتنسيق بين القوات والمردة وإلى أي مدى ستصل هذه الأمور بينهما في ظل هذه الأجواء الحالية لا سيما ان اكثرية التحليلات والقراءات السياسية بأن إقرار المصالحة في هذا الوقت بالذات إنما جاء على خلفية استحقاقات مقبلة او تشكيل جبهة مسيحية وسوى ذلك من الاستنتاجات التي ضجت بها الساحة الداخلية، لكن المعلومات التي واكبت المصالحة أكدت بأن المفاوضين من الطرفين أكدا على ناحية أساسية منذ اليوم الأول لإقرارها وذلك بطي جرح الماضي الأليم كي لا يورثوا هذا الجيل الجديد الأحقاد خصوصاً على صعيد بشري وزغرتا والشمال بشكل عام، وقد آن الأوان لبلسمة الجراح والخروج من الماضي الأسود، ناهيك عن أن ثمة أجواء أكدت بأن الفاتيكان لم يكن بعيداً عما جرى من خلال متابعة السفير البابوي السابق في لبنان هذه المسألة إلى السفير الحالي مع الإشارة أيضاً إلى العلاقة الطيبة التي تربط رئيس حزب القوات سمير جعجع بدوائر الفاتيكان والأمر عينه رئيس تيار المردة سليمان فرنجية، في حين أنه وبعيداً عن الأضواء كان البطريرك مار بشارة بطرس الراعي من المواكبين الأساسيين لمسار المصالحة، وخلافاً لما كان يقال أنها ستحصل في أحد الأديرة في الشمال أو سوى ذلك من الأمكنة التي أشار إليها الإعلام فإن حصولها في بكركي بالذات إنما هي أيضاً ثمرة جهود البطريرك الراعي وكتأكيد بأن بكركي هي المكان الذي يجمع القيادات المسيحية خاصة والوطنية عامة، ويجب أن تبارك المصالحة من سيد بكركي وهذا ما حصل.

أما على الصعيد السياسي فإنه وخلال المفاوضات التي كانت تحصل قبل لقاء بكركي كانت تؤكد على ضرورة طي صفحة الماضي والشروع إلى التواصل والتنسيق حيثما تكون الحاجة أو يتوافق كل من المردة والقوات حول هذا الملف وذاك أو حيال هذه المسألة وتلك، وبالتالي ليس بالضرورة أن يكون هناك توافق سياسي حول ملفات إقليمية وداخلية لأن الغاية الأساسية هي الخروج من أحقاد الماضي وطي الصفحة السوداء، وبالتالي لكل مواقفه وثوابته السياسية ويجب أن يكون احترامها من كلا الطرفين.

ولكن يبقى وحيال هذه القراءة السياسية للمصالحة، فالواضح كان الإجماع اللافت من قيادات سياسية وحزبية ووطنية، ناهيك إلى دلالة اتصال الرئيس نبيه بري بكل من جعجع وفرنجية لما يربطهما من صداقة مع رئيس مجلس النيابي، ما يعني أن توافق القوات والمردة قد يؤسس في مكان ما لتوافق سياسي وربما تحالف حول استحقاقات معينة مما ستظهر معالمه لاحقاً ولكن الأهم وفق الجميع أن المصالحة تمت والحلم تحول إلى حقيقة.