“تنتظرون الخارج ليحل مسألة فراغ رئاسي ستكون مضت عليه سنة بعد شهر. نحن نرى هذا الموقف انتظاراً بلا طائل. لبنان يا للأسف ليس على أجندة الاهتمامات الدولية حالياً. منطقة الشرق الاوسط بمجملها على رغم حرائقها ومآسيها ليست على هذه الأجندة والعواصم الكبرى بالكاد تراها على الخريطة. عندما تعود الى بيروت قل للمسؤولين والسياسيين والقيمين على الكنيسة إن لا بد من تحريك داخلي، بدل الاسترخاء والاكتفاء بدعوات باردة صارت روتينية الى انتخاب رئيس للجمهورية. لا مفر من ضغط داخلي إذا كنتم تريدون فعلاً تفادي وضع جديد، أمر واقع يُفرض عليكم وعلى اللبنانيين ويغير في نظامه وتركيبته السياسية”.
هذا الكلام سمعه أحد رجال الكنيسة البارزين في لبنان من مسؤولين كبار التقاهم في الفاتيكان أخيراً. وعندما التقت به حلقة من السياسيين كان شبه اجماع بينهم على أن القيمين على الكنيسة ليسوا بالتأكيد، ولأسباب متعددة، في وارد خوض مواجهة مع النائب الجنرال ميشال عون وفريقه المقاطع لجلسات الانتخاب. يريد رجال الدين من السياسيين مسيحيين ومسلمين ان يقوموا بمهمة التعامل مع الجنرال المرشح، ولا يزالون يحضون هؤلاء السياسيين وإن عبثاً على اعتماد الصراحة مع الرجل. اذا اقتنعوا به فليمشوا في انتخابه، واذا كانوا لا يريدونه رئيساً مهما طال الزمن وتقلبت الظروف فليبلغوه. حرام أن يظل لبنان بشعبه كله مصلوباً والدولة معطلة مشلولة تتابع لعبة تذاك متبادلة، صارت مفضوحة لكنها لا تتوقف لأنها لا تجد من يضع لها حداً.
ينقسم الرأي في حلقة السياسيين حول رؤية النائب عون. هل يعتقد فعلاً انه لا يزال يحظى بفرص حقيقية للوصول الى الرئاسة على رغم كل ما سبق وتلى “عاصفة الحزم” التي قلبت الأرض على ايران وعلى ذراعها في لبنان والمنطقة “حزب الله” تالياً؟ واين الحزب من تأكيدات مسؤوليه المتعالية قبل أسابيع أنكم إذا كنتم ترفضون اليوم مرشحنا التوافقي ميشال عون فسوف تنتخبونه بفعل التطورات الآتية وأنتم صاغرون؟ وهل يستطيع الجنرال عون الخروج عن سياسة حليفه المسلح اذا كان هذا الحليف يرى أن انتخاب الرئيس لا يناسبه ولا يناسب إيران التي تتطلع الى التفاوض معها حول هذه النقطة عندما يحين أوان التوصل الى حل في سوريا؟
فريق يرى أن عون يرى ويلمس تهاوي رهانه وحظوظه وينصرف في هذه المرحلة الى تأمين استمرارية “بيته السياسي” اذا جاز التعبير من خلال ضمان موقعين مؤثرين في الدولة للرجلين الأقرب اليه. وفريق يقول إنه لم يفقد الأمل بل يتابع عملية نزع الذرائع من أيدي رافضيه وخصومه السابقين ومحاولة طمأنتهم وتقديم ضمانات لهم تتعلق بمواقعهم ومصالحهم المميزة في حال اقتنعوا برئاسته حلاً وحيداً لإخراج لبنان وشعبه من الدائرة المفرغة.
دائرة مفرغة وقاتلة أيضاً لطموحات الشباب. يروي أحد رجال الكنيسة الذي كان مشاركاً في الحلقة أن كنيسته في بيروت شهدت 80 زواجاً خلال سنة، ولاحظ أن 70 زوجاً من العرسان الجدد لا يقيمون في لبنان. يقولون هذا بلد يستحيل العمل والعيش فيه.