Site icon IMLebanon

موفد بابوي الاحد في بيروت: الفاتيكان وبكركي على موجة واحدة 

 

 

فيما الانظار متجهة الى الحدود الجنوبية، وما ستؤول اليه الامور مع قرب انجاز «اسرائيل» لعمليتها في رفح نهاية الشهر الجاري، حيث التطورات مفتوحة على اكثر من احتمال، وعلى وقع الغموض المسيطر بعد محادثات الوسيط الاميركي اموس هوكشتاين المكوكية، بين بيروت وتل ابيب، يحط أمين سر دولة الفاتيكان الكاردينال بيترو بارولين، في بيروت، وسط حديث عن خلافات بين بكركي وروما.

 

واضح ان الزيارة الفاتيكانية تأتي في وقت حساس، سياسي وامني، وبعيد لقاء الكاردينال بالموفد الرئاسي الفرنسي لودريان، بناء على نصيحة اميركية، منذ ايام في روما، حاملا اليه اكثر من مقترح، غامزا من قناة بكركي، ومواقفها العالية النبرة، على ما تشير مصادر متابعة، وهو ما تقاطع مع بعض الاصوات والجهات العاملة في «الليل» على التشكيك في دور بكركي، وحديثها عن ملفات وارتكابات سلمت للحاضرة الفاتيكانية، في مسعى جديد لازاحة سيد بكركي عن واجهة الاحداث.

 

وتشير المصادر في هذا الخصوص، الى انه درجت العادة انه عند اي خلاف بين بكركي والحاضرة الفاتيكانية، كانت الاخيرة تسعى الى «تفعيل» دور سفيرها ودفعه الى واجهة الاحداث، وهو ما لا يحصل حاليا، اذ قلما اهتمت روما بدعم اطراف سياسية لمواجهة الكنيسة، بحسب ما تبين التجربة . فهل يعني ذلك ان العلاقة بين البابا والبطريرك سوية؟

 

وتتابع المصادر بان زيارة بارولين التي تحمل طابعا راعويا، انما تحمل في طياتها ما هو ابعد من ذلك لجهة تأكيد الدعم للبطريرك الماروني ولخياراته السياسية ولخطابه الوطني، هو العالم «اكثر بشعاب مكة»، مشيرة الى ان امين سر الدولة سيطلع المطارنة الموارنة خلال لقائه بهم، كما الشخصيات التي سيلتقيها، على موقف الفاتيكان الثابت، في دعمها للكنيسة في لبنان، والوقوف خلف خياراتها، كون الحاضرة البابوية تقاسم الكنيسة اللبنانية مخاوفها وهواجسها.

 

واعتبرت المصادر ان الاخطر والذي يقلق عاصمة الكثلكة، هو ان ثمة خطة واضحة بدأت ملامحها تتضح، هدفها ضرب المسيحيين في الدولة، بعدما كانت استعيدت بعض الحقوق وخف الاحباط الذي ولدته احداث بداية التسعينات، وما لحق بالقيادات المسيحية يومذاك، معربة عن القلق من هذا المخطط ونتائجه التي ستؤدي في النهاية الى تغيير هوية ووظيفة لبنان، الذي قال عنه البابا القديس بولس الثاني انه «وطن الرسالة.»

 

واشارت المصادر الى ان الفاتيكان يدرك جيدا ان الخارج لم يمارس ضغوطا كافية لكسر التوازنات القائمة راهنا، رغم ان البطريرك الراعي وخلال زيارته الاخيرة الى فرنسا نجح في تحويل مسار التسوية التي كان يعمل عليها، واعاد المسيحيين الى الطاولة، بدعم فاتيكاني واضح، وهو ما سيتابعه خلال زيارته الى الدوحة ان حصلت.

 

من جهتها تؤكد اوساط مقربة من الكنيسة بما لا يقبل الشك، ان بكركي تتكلم باسم روما، التي تدرك جيدا المخاطر التي تتهدد الوجود المسيحي في لبنان، وهي واعية لاسبابه واهدافه، فللفاتيكان تواصل دائم واحتكاك مباشر بالملف اللبناني، عبر اكثر من دائرة، من خارج الاصطفافات اللبنانية ببعديها الداخلي والخارجي، ترفع تقاريرها الدورية الى المعنيين في الحاضرة الرسولية، ويطلع عليها البابا شخصيا حول الاوضاع في لبنان والمنطقة، وهي تؤدي دورها الاساس في تحديد سياسة الفاتيكان تجاه لبنان، نافية بكل تأكيد ان تكون «كلمة بتاخذ وكلمة بتجيب» الفاتيكان، التي يبقى بابها مفتوحا امام الجميع.

 

ورأت الاوساط، وجود اتفاق دولي واضح من عواصم القرار في اعطاء حيّز وهامش للفاتيكان في اطار الحلول المطروحة في المنطقة، تجلى منذ زيارة البابا للعراق ولقائه السيد السيستاني وما حملته تلك الخطوة من قلب لموازين القوى، وهو ما تجلى ايضا في الدعم الدولي لطرح فكرة الحياد التي يتبناها البطريرك الراعي، ما يعني عمليا وجود اتفاق حول الثوابت والخطوط الحمر.

 

وختمت الاوساط بان الجهة التي تتكل عليها بكركي والتي جعلتها «رضعانة حليب سباع»، هي انها اولا وقبل كل شيء تطالب بما هو مرتبط بالحقوق الدنيا للانسان وكرامته، وثانيا ان البطريركية معنية «بتعلية» الصوت ليسمع العالم اجمع، خصوصا ان الصرح «ام الصبي» في ما خص قيام لبنان، وعليه، بالتأكيد لا تنكر بكركي علاقاتها بالفاتيكان وبدول الغرب وبصداقاتها العربية، التي تشكل رافعة طبيعية ودعما معنويا لطروحاتها.