ما زال الموضوع الرئاسي يدور في حلقة مفرغة، لا بل أن زعيماً سياسياً، أشار ضمن الحلقة الضيقة المحيطة به، أنه وبناء على معلومات من مراجع غربية، استشفّ أنه لا انتخابات رئاسية أقلّه حتى الربيع المقبل، على اعتبار أن التقارير التي وصلته من قنوات ديبلوماسية متعدّدة، إلى ما سمعه من بعض السفراء الغربيين، لا توحي بالتفاؤل، ولا سيما من خلال زيارتي الرئيس الإيراني حسن روحاني إلى كل من الفاتيكان وباريس.
هذا ما تنقله مصادر سياسية مطّلعة، والتي ترى أن حالة الترقّب والإنتظار وبناء معطيات في ضوء زيارتي روحاني إلى عاصمة الكثلكة والعاصمة الفرنسية، بات أمراً مفروغاً منه لأن الأمور ما زالت معقّدة، وهناك انتظار لمؤتمر جنيف الحاصل بين النظام والمعارضة السورية، وصولاً إلى ما ستؤدي إليه العلاقة السعودية ـ الإيرانية حيث لا توجد حتى الساعة أي بوادر إيجابية من شأنها إعادة العلاقات الديبلوماسية بينهما، لا سيما أنهما الدولتان المؤثّرتان بشكل مباشر في الملف الرئاسي اللبناني، هذا بالإضافة إلى عملية خلط الأوراق الحاصلة على الساحة الداخلية بشكل عام والمسيحية بشكل خاص، بحيث باتت الأمور أكثر تعقيداً من ذي قبل.
هذا الإستنتاج للوقائع والتطوّرات، تتابع المصادر السياسية نفسها، يؤكد بما لا لبس فيه، أن الأطراف السياسية المحلية ليس بإمكانها تمرير هذا الإستحقاق الرئاسي، وإنهاء حالة الشغور في المركز الدستوري الأول للجمهورية، وإنقاذ البلاد من تداعياته المدمّرة، والتي باتت تهزّ قواعد النظام السياسي، وتهدّد بتقويض الأسس التي قامت عليها الدولة في إطار صيغة الشركة الوطنية والعيش المشترك بأبعاده الحضارية والتعدّدية، والتي تكاد تصبح نموذجاً لدول ومجتمعات أخرى في المنطقة والعالم.
وفي سياق متصل، يقول رئيس المجلس العام الماروني الوزير السابق وديع الخازن، أن البطريرك الماروني الكاردينال بشارة الراعي حزين لهذا الفراغ الرئاسي القاتل، وهو لم يترك فرصة أو باباً إلا وطرقه من أجل انتخاب الرئيس العتيد للجمهورية، وبالتالي، تواصله مستمر وقائم مع المرجعيات السياسية كافة ومع المؤثّرين في هذا الملف، كذلك أنه حريص وداعم لأي عملية توافق وتقارب مسيحي ـ مسيحي، كما على المستوى الوطني العام.
ويلفت الخازن، أنه، ومن خلال اتصالاته المكثّفة مع دوائر الفاتيكان، يلمس مدى اهتمام عاصمة الكثلكة بالإستحقاق الرئاسي اللبناني، بحيث أن هناك اهتماماً غير مسبوق بهذا الملف، لأن الفاتيكان، وبكركي أيضاً، يدركان تمام الإدراك خطورة ما هو حاصل في المنطقة وما يعانيه المسيحيون في الشرق الأوسط من معاناة وتهجير، وكذلك يشدّدون على ضرورة الإلتزام بالتعايش الإسلامي ـ المسيحي في المنطقة، لا سيما أن هناك خصوصية لبنانية إسلامية ـ مسيحية يجب تدريسها في مجال هذا التعايش والتلاقي بين كل الديانات السماوية. ويؤكد الوزير السابق الخازن، أنه يقدّر عالياً مواقف رئيس المجلس النيابي نبيه بري، الحريص على حصول الإنتخابات الرئاسية في أسرع وقت ممكن، والأمر عينه بالنسبة لرئيس الحكومة تمام سلام، متمنياً أن تكون مناسبة عيد مار مارون في التاسع من شباط الجاري، منطلقاً لانتخاب الرئيس والتلاقي والتواصل بين جميع المكوّنات اللبنانية في سياق ما تشهده المنطقة من تحوّلات ومتغيّرات هي الأخطر في تاريخها.