IMLebanon

هل يُعزز نداء الفاتيكان مساعى الراعي؟

 

«القوات» و«الكتائب» لا يستقطبان مُغادري العونيّة

 

إنطلاقا من صرخة الفاتيكان لإنقاذ لبنان وتوجيه البابا فرنسيس رسالتين بالتوازي الى السياسيين في لبنان الذي صلى من أجله، والمجتمع الدولي، حصل البطريرك الماروني بشارة الراعي على دفعة تعزز ما خرج به الى العلن قبل اشهر، خاصة لناحية دفع هذا المجتمع الى الانخراط في الشأن اللبناني.

 

هذه هي خلاصة متابعة من في بيئة بكركي لما خرج به لقاء الفاتيكان الذي كان له ما سبقه وسيكون له ما سيليه. وأهم ما خرج به لقاء الفاتيكان الذي جمع رؤساء عشرة طوائف مسيحية في لبنان والشرق واستبعد السياسيين من الحضور، أن هذا الدفع الخارجي جاء مرتبطا بتوجيه النقد الشديد الى السياسيين في لبنان وصل الى حد إدانتهم.

 

لكن الى اي حد سيتمظهر معه النداء الفاتيكاني في تعزيز مسعى بكركي الذي اطلقه الراعي في شباط الماضي واساسه الحياد والدعوة الى مؤتمر دولي للبنان؟

 

لعل التفاؤل يقتصر على أوساط البطريركية ومحيطها حيث يعكس ملتقو الراعي قبيل سفره الى الفاتيكان انزعاجه الشديد من السياسيين والمسؤولين، يصل الى حدالغضب الكبير منهم، وينقل البعض صفات قاسية يسبغها الراعي على المسؤولين «المجرمين» الذين اقترفوا الكثير في حق لبنان،مستفيضا بشرح وجهة نظره وقهره منهم.

 

إلا ان هذا «الأمل» الفاتيكان سيعزز رؤية الراعي في ان التغيير آت لا محالة. لكن في انتظار ذلك يخشى الراعي ومعه اللبنانيون من تفاقم الازمة على الامد القصير قبل الوصول الى التسوية الحل. ويراهن الرجل كثيرا على التغيير الداخلي بدفع المجتمع الدوليالضاغط في هذا الاتجاه، وهو يتأمل من الآلية الداخلية في لبنان الديمقراطي التي تعبر عنها الانتخابات النيابية وأظهرتها انتخابات نقابية وطلابية.

 

على ان البطريرك، استنادا الى التجارب السابقة، يخشى ان تضيع الفرصة مثل غيرها عبر الانانية والمصالح الشخصية وقلة الدراية. ولا يتورط الرجل بمواقف حول رئاسة الجمهورية وهوية الرئيس المقبل، مع رفض استهداف موقعها. لذا فهو لا يود الخوض في المسار الرئاسي ومعيار الرئيس المقبل مع انه الذي فرض معيار القادة الموارنة الأربعة.

 

الرهان على التغيير يأتي في ظل مشهد تغييري في الساحة المسيحية غير واضح المعالم. ذلك ان لكل فريق نتائج لاستطلاعات خاصة تظهره متقدما على الآخرين. لكن تراجع «التيار الوطني الحر» والعهد بات واقعاً من دون الذهاب الى اعتباره دراماتيكيا.

 

ففي استطلاع اخير أُجري في منطقة كسروان على سبيل المثال، وهي قلب المناطق المسيحية، يبدو هذا التراجع لكن من الصعوبة بمكان ان يستقطب حزبا «القوات اللبنانية» و«الكتائب»، الخصمان اللدودان للتيار، تلك الشرائح التي تريد اعادة المثال العوني الجميل السابق او الانخراط في مشروع سيادي من وحيه، واذا تعذر الامران فإنها ستستنكف عن المشاركة في عملية تغيير لن تراها مجدية.

 

كما ان ما يشيعه القواتيون والكتائبيون من صعود كبير في شعبيتهما، ليس واقعيا، وان كان هذا الصعود ملحوظا. وبذلك سيُترك الامر لفئة يحددها البعض بالـ 20 في المئة من الناخبين الذين سيحددون دفة الانتخابات هناك.

 

إنتخابات المهندسين ليست المعيار

 

اليوم يكبر الأمل بالتغيير بعد انتخابات نقابة المهندسين التي شارك المسيحيون فيها بكثافة وصلت الى نحو 4 الاف ناخب، اقترع اكثر من نصفهم ضد احزاب الحكم، ما يعني بمعنى آخر انتخاب قوى التغيير، وهو ما يشير الى ان موجة شعبية بدأت بالتمظهر ضد الاحزاب وبينهم «القوات اللبنانية».

 

لكن من السابق لأوانه إسقاط نتائج تلك الانتخابات على الاستحقاق النيابي العام. فالمهندسون هم من النخب الثقافية في المجتمع اللبناني وينحدرون في غالبيتهم من الطبقة الوسطى. والناخبون المهندسون المستقلون ناصروا الانتفاضة الشعبية ضداً بالمنظومة الحاكمة وأذرعتها النقابية كما حصل في اكثر من انتخابات طلابية، أكثر من كونهم أبدوا تأييدا لبرنامج ما.

 

إلا أن المشهد لن يكون مشابها في انتخابات عامة ذات قانون طائفي ستعمل فيها احزاب الحكم جاهدة لتقسيم المعارضين. وثمة رأي يلفت النظر الى ان المنظومة الحاكمة القادرة على دفع الاموال وذات القدرات الكبيرة خاصة في الرشا الانتخابية متعددة الاشكال، ستحظى بتأييد بين 60 الى 70 في المئة من الناخبين. وهو ما يعني ان امام المجموعات المعارضة وقوى التغيير الكثير مما يجب عمله للصمود في وجه منظومة بدأت تستعيد المبادرة رويداً رويداً.