في فندق “جورج الخامس” في باريس انتقل محدثي وزير الخارجية العربي الذي زرته هناك قبل ايام، الى الحديث عن “الملف اللبناني”، عن “التهدئة” وعن الاهتمام العربي ومدى انخراط العرب في مواجهة إيران التي يعتقد الوزير انها تسيطر على لبنان بشكل أو بآخر.
قال: “انت تعرف أن لبنان دخل اثر اغتيال الوزير محمد شطح بنهاية ٢٠١٣ في تجربة جديدة متعددة المستويات محلية – اقليمية – دولية تقوم على تجميد الخلافات الكبرى والعمل على تهدئة الوضع منعاً لانفجاره. وقد شكل اغتيال الوزير شطح محطة فاصلة بين الانزلاق نحو انفجار داخلي، والعمل بسرعة لمنع هذا الانزلاق على قاعدة أن جميع الأطراف كانت لهم مصلحة في تحييد لبنان عن الانفجار: الإيرانيون عبر “حزب الله” تحييداً لقاعدتهم الخلفية التي ينطلق منها الحزب نحو سوريا، والقوى المناهضة للحزب اعتبرتها فرصة لالتقاط الأنفاس، والعودة الى مؤسسات الدولة تحت شعار منع “حزب الله” من احكام سيطرته التامة على الدولة بعد ثلاثة أعوام على حكومة الرئيس نجيب ميقاتي التي اعتبرت من الناحية العملية حكومة تابعة للحزب. أما النظام العربي المتمثل عملياً بدول مجلس التعاون الخليجي وعلى رأسها السعودية، فقد رأت انه في ظل وجود بركاني العراق وسوريا وقلاقل اليمن (لم يكن انقلاب الحوثي قد حصل بعد) لا يجوز تحميل لبنان وزر مواجهة غير متكافئة مع المشروع الإيراني، ولا التسبب بتفجير هذا البلد الهش القابل للاشتعال في اي لحظة. الأميركيون أمنوا مظلة دولية لـ”التهدئة” مما سمح بقيام حكومة ائتلافية بين أطراف لا يجمعهم سوى كراهية بعضهم للبعض الآخر. كنا نعرف أن “حزب الله” كذراع أمنية للإيرانيين يقف خلف اغتيال محمد شطح، وقبله اللواء وسام الحسن وان يكن لاسباب مختلفة، ولكن كان لا بد من منع انزلاق لبنان نحو جحيم جديد يضاف الى جحيم سوريا والعراق”.
ويصل محدثي الى المرحلة الراهنة فيقول: “اليوم أنا غير قادر على الجزم بانكم في لبنان ستبقون محيّدين عن المشاكل. فحرب اليمن وصلت الى مرحلة مفصلية حيث يوشك تحالف الحوثي – صالح على الانهيار عسكريا، وقرار النظام العربي حاسم: لن نقبل بأقل من إخراج إيران من جنوب شبه الجزيرة العربية. أما في سوريا فقد وصلنا أيضاً الى ساعة الحقيقة حيث بدأت روسيا إرسال قوات على الأرض بعدما شعرت أن بشار الأسد يكاد ينهار في المناطق المحاذية للساحل أي عقر داره. أما الإيرانيون فتقديرنا انهم بعد الاتفاق النووي سيضاعفون من عدائيتهم في الإقليم وليس العكس، وهم مقبلون على مرحلة جديدة من الضغط الأمني والسياسي في لبنان، لانهم يشعرون انهم قادرون على توسيع سيطرتهم على مختلف المستويات. انهم يريدون تغييراً جذرياً في التركيبة اللبنانية تضع لبنان نهائياً على سكة “تشييعه” سياسياً ومؤسساتياً، والمدخل اهتزازات أمنية وسياسية كبيرة نخشى حصولها تحت مسميات عدة في المرحلة المقبلة”.
لكن أين النظام العربي من اندفاعة إيران في لبنان؟