IMLebanon

«الضحية إيران»

 

تستحقّ الصورة المقززة التي أشار إليها النائب الإيراني الإصلاحي بهروز بنيادي ـ برأينا الإصلاحي والمتشدد الإيراني هما وجهان لعملة واحدة ـ التأمّل والتساؤل: كم يستطيع هكذا نظام فاسد مفسد الصمود بعد؟ «في مطلع الثورة لم يخطر على بال الناس والمسؤولين أن يروا الاختلاس، والواسطة، والفساد الإداري، والفقر، والمحسوبية، والدعارة، والرياء، والكذب، والتحرش، وضرب الزوجات، والاغتصاب في المدارس وصفوف القرآن (…) المظلومون من الشعب الإيراني تحملوا المشاكل، ومنحوا المسؤولين فرصة 40 عامًا»، فعلاً، هكذا نظام فاسد ومفسد كم سيطول عمره بعد؟!

 

عام 2017 أبلغ المرشد الإيراني علي خامنئي شعبه بمناسبة عيد النوروز أن السنة هي سنة اقتصاد المقاومة وأنه يدرك ظروف الشعب المعيشية ويشعر بسببها بالمرارة، وفي كانون الأول من نفس العام 2017 كشفت وكالة «رويترز» عن أنشطة متشعبة للمؤسسة العملاقة «هيئة تنفيذ أوامر الإمام» يسيطر عليها المرشد علي الخامنئي، وتعرف اختصارًا بـ «ستاد» ـ هيئة لمصادرة العقارات والأراضي ـ تضع تحت تصرفه الشخصي ما يقترب من 100 مليار دولار بين ثروة في حسابات سرية وأصول غير خاضعة للرقابة تقريباً، وفي كانون الثاني عام 2018 قدرت دراسة أجرتها مؤسسة بورغن العالمية المعنية بمكافحة الفقر، ثروة علي الخامنئي بحوالى 95 مليار دولار، ومع هذه الملايين يموتون جوعاً في إيران، والأمر إلى تفاقم بعد انهيار الريال الإيران إلى ما يزيد عن سعر صرف الدولار بـ 85 ألف ريال إيراني!

وفي كانون الثاني 2018 نشرت صحيفة «لاستامبا» الإيطالية تقريراً تحدثت فيه عن إنفاق الحكومة الإيرانية عشرات المليارات من الدولارات كي تتمكن من بسط نفوذها في الشرق الأوسط، ونوهت الصحيفة إلى أن البنوك الإيرانية المملوكة للدولة أقامت خطوط ائتمان لحكومة بشار الأسد بقيمة 3.6 مليار دولار في سنة 2013 ومليار دولار في سنة 2015؛ للسماح لدمشق بشراء النفط والغاز والسلع الأخرى من إيران، كلّ مليارات الشعب الإيراني مهدورة في المنطقة من لبنان ومليارات الدولارات المصروفة على حزب الله إلى العراق وسوريا واليمن ونيجيريا وهذه هي الجبهات المعلنة، هذا من دون أن نتحدّث عن ترسانات السلاح والصواريخ وتكاليفها الباهظة من جيب الشعب الإيراني ولقمة عيشه.

الحديث عن «ثورة خضراء» و»ثورة جياع» في إيران مضجر، أربعة عقود من القمع والقتل والتخويف والأذى، وشدّ الحبال بين إصلاحي ومتشدد لم يوصل إلى نتيجة، «البازار» هو الحلّ، لا يزال تحرّك بازار طهران خجولاً جداً، وصوت القمع أقوى من صوت التظاهر حتى الآن، بالتأكيد لم يصدّق الشعب الإيراني أمين عام حزب الله عندما قال إنّ راتبه 1500 دولار أميركي، في محاولة لتهدئة الدّاخل الإيراني عندما علت صرخاته «الموت لروحاني»، و»الموت للديكتاتور»، و»لا غزة ولا لبنان»، و»فداك إيران».

بالتأكيد إيران ليست ضحيّة كما يعتقد النائب بهروز بنيادي القلق من وقاحة بشار الأسد الجاحد الذي ينكر دور إيران في سوريا لمصلحة الروسي فلاديمير بوتين، والخائف من أن يتنازل الأسد ـ بوتين عن إيران لمصلحة أميركا وإسرائيل، التباكي على «إيران الضحيّة» من باب استذكار مآسي الشعب الإيراني وعلى جميع المستويات لا تجدي نفعاً، خصوصاً وأنّ الرئيس «الإصلاحي» حسن روحاني كان يُهدّد بالأمس بتركيع الولايات المتحدة الأميركية على ركبتيْها!