تركت زيارة مساعدة وزير الخارجية الأميركي لشؤون الشرق الأوساط فيكتوريا نولاند، إنطباعاً مفاده بأن لبنان بات يذكّر المجتمع الدولي بالمراحل السابقة التي مرّ بها بفعل الحروب والأحداث والتطوّرات التي اجتازها حينذاك، إذ يُنقل عن مقرّبين من السفارة الأميركية، أن نولاند أبدت قلقها حيال الإضطرابات التي تشهدها الساحة اللبنانية، وكان هذا الموضوع من الملفات التي فرضت نفسها، والأمر عينه انسحب على الفرنسيين المعنيين بشكل أساسي بالوضع الداخلي، وهم الذين أنتجوا التسوية مع إيران، وكان لهم الدور الأساسي في تشكيل الحكومة الحالية، كذلك متابعتهم للإتصالات مع الدول المانحة بغية الإستحصال على مساعدات عاجلة للبنان في ظل ما يشهده من أوضاع إقتصادية صعبة.
في هذا الإطار، تشير معلومات، نقلاً عن مصادر سياسية عليمة، الى أن ما جرى في الشارع بالأمس، والذي لا زال قابلاً ومرشحاً للتصعيد، بدّل من أجندة المجتمع الدولي تجاه الملف اللبناني على كافة المستويات، على خلفية حجم التطوّرات وخطورتها، وبالتالي يجزم أحد الوزراء السابقين بأن معلوماته تؤكد أنه لا مساعدات للبنان، والتي كان من المتوقع أن تأتي للحكومة، وتوقّفت على خلفية متابعة ومراقبة ما سيؤول إليه الوضع الداخلي، ليُبنى على الشيء مقتضاه دولياً وإقليمياً وعربياً، لأن الساحة الداخلية باتت قابلة لكل أنواع التطوّرات الأمنية والسياسية.
ويشير الوزير السابق الى ان هناك أجواء عن تحرّكات ستحصل في الساعات المقبلة، بغية وقف الأعمال الميدانية وإعادة الحوار السياسي من خلال الحكومة والقيادات السياسية، لأن المؤشّرات تنبئ بحرب أهلية ظهرت معالمها في الساعات الماضية، باعتبار أن ما جرى في الشارع حرب حقيقية وتشبه المعارك التي جرت في مناطق كانت خطوط تماس وساخنة، لذلك، هناك تدخل فرنسي قد تتوضّح معالمه في الساعات القادمة مع الرؤساء والمرجعيات والقيادات السياسية، نظراً لدقّة الوضع وخطورته في آن، والمخاوف من دخول طوابير خامسة وسادسة على الخط وتزكية نار الفتنة الطائفية والمذهبية، وصولاً الى عوامل أخرى من خلال تواجد تنظيمات أصولية وغير لبنانية، وأيضاً الى عامل النازحين، بمعنى أن كل الإحتمالات واردة لإشعال نار أي فتنة.
وفي سياق متّصل، ثمة معلومات، عن اتصالات جرت، وبقيت بعيدة عن الأضواء، بين الرؤساء الثلاثة ورئيس الحزب التقدمي الإشتراكي وليد جنبلاط، وأيضا مع قيادة الجيش وقوى الأمن الداخلي لرفع الغطاء عن المخلّين بالأمن، وترك المسألة بعهدة الجيش اللبناني، منعاً لانتقال هذه الإشتباكات الى مناطق أخرى، أو افتعال أحداث لجرّها الى صراع طائفي ومذهبي، وربما تعقد في الساعات المقبلة لقاءات سياسية مفتوحة أو قمة روحية مصغّرة من أجل التهدئة ومعالجة الوضع قبل أن تتفلّت الأمور من عقالها، وهذا ما استدعى من بعض الجهات السياسية التحذير من مسلسل دموي يُخَطّط له في بعض المطابخ الداخلية والإقليمية لإشعال البلد لجملة اعتبارات، إن على صعيد تصفية الحسابات السياسية والإنقسام العامودي القائم بين معظم الأطراف، ومن ثم تطيير الإستحقاقات الدستورية، وحصول فراغ رئاسي، بمعنى العودة الى حقبات الماضي، وهذا ما سيؤدي الى حرب وإعادة النظر بالتركيبة السياسية وبالطائف، الأمر الذي يتخوّف منه مرجع سياسي منذ فترة، وكان سبق وأن أشار إليه في أكثر من مناسبة وفي مجالسه وأمام الحلقة الضيّقة المقرّبة منه.
لذا، تؤكد المعلومات، بأن التوافق، ومن خلال الإتصالات بين الرؤساء وبعض القوى السياسية كان جامعاً للتهدئة، والتشدّد في حسم الأمر، لأنه ليس باستطاعة أي منهم في حال توسّعت رقعة الإشتباكات من لجمها، خصوصاً أمام هذا الإنهيار الإقتصادي البالغ الخطورة بدوره، ناهيك الى قراءتهم بأنه لا دعم للبنان في مثل هكذا ظروف من الأقربين والأبعدين.