Site icon IMLebanon

انتصارات .. خاسرة!

طالما أن مبدأ الفسطاطين هو الذي صار حاكماً لمجمل حراك محور الممانعة الإيرانية بكل ملحقاته، وخصوصاً منها العراقية واللبنانية. وطالما انه أعلن ويُعلن يومياً وبالتفصيل المذهبي الممل اكتمال الاصطفافات وتبلور حدّتها وضمور كل ما له علاقة بالجدل والنقاش والمحاججة.. وطالما أن ذلك في جملته انزوى بعيداً لصالح خطاب التعبئة والتحشيد والضخ والتوتير والنفير وشحذ الهمم وسنّ الحراب وتمليح الجراح وتلميع سِير النزال والقتال ودربكة الخيل وإحضارها من التاريخ كأنها حصلت بالأمس.. طالما أن ذلك كله صار واكتمل ولم يعد هناك أي متسع لغير تلك اللغة، فإنه يمكن تحت عنوانها الواسع والشاسع والأسود الفحمي افتراض محصلة عامة هي أن ذلك المحور يربح في معارك متفرقة لكنه يخسر الحرب!

ومن يستمع في لبنان الى تلك السرديات الخاصة بمعارك «حزب الله» في سوريا، يتأكد من ذلك الحكم بالمليان! ويتأكد أكثر وأكثر أن الرابحين في هذه المعارك هم آخر من يصدق روايات الحسم التي يذيعونها، وأول من يعتقد أن سلطة بشار الأسد صارت من الماضي، حتى لو بقي المستقبل في بعض جوانبه، طي الغيب والتخمين.

منذ معركة القصير حتى معركة القلمون مروراً بواقعة يبرود (التي لم تقع!) كان البيان الممانع يراوح في مكانه عند ملزمة كلامية تضليلية تدّعي تأثيراً تقريرياً لكل واحدة من تلك المعارك، على مجمل جغرافية الحرب السورية.. ونفخاً ممنهجاً بخبريات صغيرة ومتفرقة للخروج منها بحصيلة كبيرة وجامعة تدّعي بدء الاندحار الأخير لقوى المعارضة السورية المسلحة.

لكن، ومثلما قيل بالأمس تحديداً على لسان الأمين العام لـ»حزب الله» السيد حسن نصرالله، من أن الوقائع الميدانية تحكي عن حالها، فإن وقائع المواجهات على مساحة سوريا كلها تحكي عن حالها. من الشمال الى الجنوب الى دمشق ومحيطها «ويرموكها» قبل يومين (مثلاً) حيث رُدّت محاولة جادة وخطيرة من بقايا السلطة الأسدية وملحقاتها للسيطرة على المخيم الفلسطيني، وأُلحقت بالمهاجمين خسائر فادحة، بكل معنى الكلمة.

لن يطول الأمر في هذه السجالات الحربية قبل أن ترد المعارضة السورية على «انتصارات» «حزب الله» في القلمون.. وقد يحصل ذلك في دمشق نفسها، أو في درعا أو على تخوم منطقة الساحل الشمالية، أو غيرها.. وذلك أ مر محتوم لتأكيد بقاء مسار هذه الحرب على سكّته ووضعيته العامة: المعارضة تتقدم والسلطة وملحقاتها تتقلّص.. ولن تغطي بعض التلال البعيدة والمتفرقة، على جبل الحقيقة القريب هذا!