سألت أحد الوجوه الاجتماعية مرة، لماذا الإصرار على طقم رسمي موحد في الحفلات؟ قال ضاحكاً، تصور احتفالاً يحضره كل مدعو بالزي الذي يرتئيه: واحد بالرمادي، واحد بالأحمر، واحد بأكمام قصيرة! تحسباً لفوضى الأذواق والألوان، وُضعت قاعدة يتقيد بها الجميع، فلا ينتقد أحد الآخر، ولا يسخر أحد من ذوق آخر.
وضعت القواعد والاتفاقات والمعاهدات والمواثيق، من أجل كل شيء: من أصول السهر، إلى حماية الدبلوماسيين ومعاملتهم، إلى قوانين التجارة، إلى التسلح النووي، أو الدمار الشامل. أول شيء فعلته الثورة الإيرانية أمام العالم أجمع، كان احتلال السفارة الأميركية في طهران لمدة 444 يوماً. لم يسبقها إلى ذلك أحد.
أخذت إيران العالم إلى مفاوضات دامت 12 عاماً لوضع اتفاق حول التسلح النووي مع مجموعة من الدول. قررت إحدى دول المجموعة الخروج منه، فكان رد إيران تجاهل وازدراء جميع الدول الموقعة، والإسراع في التخصيب، والتهديد بالمزيد منه. أميركا تحاربها وهي تأخذ العالم أجمع رهينة.
تقوم طهران باستعراض يومي لسياساتها الاحتقارية لكل الضوابط التي وقَّعت عليها الأمم. وإذا كان هناك ما هو أسوأ وأخطر من العبث النووي، فهو قصف المطارات المدنية الذي يتولاه يومياً، وأيضاً أمام العالم أجمع، جيشها في اليمن، المكنّى بالحوثي، والذي لا يجد وسيلة لنصر الله إلاَّ بتنظيف المصرف المركزي في صنعاء، وقصف المدنيين يومياً في مطار أبها.
ترد إيران على العقوبات الأميركية بفوضى من المواقف المتضاربة والضغوط العسكرية. المرشد يرفض أي تفاوض، والرئيس يبشر بالتخصيب وكبير الدبلوماسيين، محمد جواد ظريف، يعرض التفاوض مع «الشيطان الأكبر»، شرط أن تُظهر واشنطن الاحترام لإيران. لا تحديد لشكل الاحترام، أو صيغته.
تستهوي هذه اللعبة الخطرة مزاج الجمهورية الإيرانية. إنها لا تخسر شيئاً، فما خوفها من البلل. هي تلعب والعرب يموتون. هي تخصّب المياه، واليمنيون يموتون من شح مياه الشرب والزراعة. هي في سوريا، والسوريون في كل مكان إلا بلادهم. حيث هناك وجود إيراني لا وجود لمفاهيم القانون الدولي. ولا معنى للمواثيق والاتفاقات. هناك فقط الغطرسة والغرور والاستكبار التي كانت تتهم بها أميركا.
العالم برمّته اليوم على حافة الانفجار لسبب عبثي واحد: إيران أيضاً دولة كبرى. من باب المندب إلى «بوابة فاطمة» في جنوب لبنان. وعلى الجميع أن يدركوا ذلك، وإلاَّ، الويل لمياه الخليج، والتخصيب لمياه التسلح، والألغام لمياه الحديدة.