بأَيِّ عبارة نتقدّم من العرب والمسلمين معايدين في عيد الفطر السعيد..؟
وبأيِّ حالٍ يعود علينا وعليهم العيد سعيداً…؟
هلْ نعيّدهم بشعار الإنتصار المهزوم الذي بهِ يبتهجون في الليل كما في النهار..؟ والعرب ينتصرون شغَفاً بقرع الطبول ودوّي الأبواق الصاخبة..؟
قداسة البابا فرنسيس الذي قبَّـل في عيد الفصح أقدام زعماء جنوب السودان المتحاربين راجياً وقْـف حروبهم الأهلية…؟ هل يقتضي في عيد الفطر أن يقول لهم قداسة البابا بلسان النبي: «لا ترجعوا بعدي كفّاراً يضرِبُ بعضُكم رقابَ بعض.. إنّ دماءكم وأموالكم عليكم حرام …؟»(1)
في الحروب الدائرة في الدول العربية والإسلامية: في سوريا والعراق واليمن وليبيا والجزائر والسودان: كلُّهُمْ منتصرون على كلِّهِمْ… ولا ندري مَنْ هو المنتصر على مَنْ…؟
هل انتصر العرب على العرب، وانتصر المسلمون على المسلمين، وانتصرت أرواح مئات الألوف التي سُفِكَتْ على أيدي ذوي القربى…؟
أو انتصر الملايين من المهجّرين ومن النازحين والغارقين في البحار هرباً من النار، وملايين اليتامى والأيامى والجرحى والمعوّقين، والبؤساء التائهين نياماً في العراء، والفِراشُ ترابٌ والسماء غطاء..؟
هل انتصرت مئات المدن المدمّرة ومئات ألوف المساكن والدساكر والمصانع والمعامل والمتاجر والمستشفيات والمدارس، وملايين الأطفال المشرَّدين الذين يواجهون خطر الأميّة؟
هل انتصرت المآثـر العربية والمفاخر التي تباهت بها المنابر، فيما نشرت جريدة «صنداي تايمز» تقريراً تحدَّثت فيه عن نساء عربيات وافـقْنَ على مبادلة صورٍ عارية لهنّ مقابل مساعدات غذائية لأطفالهنّ الجياع..؟
وهل انتصرت الكرامات العربية وأعراض العرب يوم كان عنترة بن شداد في الجاهلية «يغضُّ طرفَهْ ما بدَتْ لـه جارتُهُ»، «والشرف الرفيع» في جاهلية القرن الواحد والعشرين، «يُـراقُ على جوانبِهِ دمُ» العذارى المختطفات سبايا في سجون الإغتصاب.
قرأتُ بواسطة شاشات التلفزة شعاراً في إحدى دول القتال مرفوعاً أمام المتاريس يقول: «الموت لأميركا… والموت لإسرائيل، اللعنة على اليهود، والنصر للعرب…؟
وكنتُ قد قرأت حديثاً للرئيس حافظ الأسد يقول: «الهدف البعيد للآخرين هو شطب شيء إسمه العرب…عندما نذوب كعرب حتى لو تمزَّقنا من الصعب أن نكون أمماً صغيرة(2) …».
هذه الأمم الصغيرة التي انتصرت، تحتاج إلى السنين الطوال لتقوم من تحت أنقاض الدمار وسرير الإحتضار.
وهذه الجيوش التي اندحرتْ بلعبة السكاكين أنّى لها أن تشفى من نزيف الخناجر.
وهذه المليارات التي هُدِرتْ على رصاص النصر أوقعت الأمة الخالدة في مهالك التخلّف والقهر.
وهذه الحروب المدمّرة في بلاد العرب دمّرت معها أهل المعرفة والثقافة والنُخَب الذين بهم تنهض الشعوب من الحروب.
عندما تنتصر العروش وتزول الأمم، وينتصر الملوك وتموت الشعوب، فلن نصدّق ما نسمع من بدائع الإنتصار في ذلك الشعار القائل: النصر للعرب والموت لإسرائيل.
بل يصبح موت العرب بسيف العرب، والنصر بسيف العرب لإسرائيل.
-1 حديث الرئيس حافظ الأسد: في الأهرام المصرية، والسفير اللبنانية بتاريخ: 11/10/1955.
-2 حديث نبوي.