IMLebanon

في انتصار الهزيمة!

 

يتعب الروس جهدهم، على ما يُقال، من أجل تحريك الوضع السوري باتجاه الحل السياسي.. ويُسرَّب عن لسان الفرنسيين، أن إيران غيّرت رأيها، أو بالأحرى «لطّفت» من اعتراضها المبدئي والمسبق على أي بحث يتعلق بمصير بشار الأسد. أي أنها وضعت ذلك الشرط جانباً، وأبدت «انفتاحاً» على البحث في الصيغ المعروضة للحل في سوريا.

في الحالتين الروسية والإيرانية، كلام واحد بصيغ مختلفة. أي مثلما سبق وقيل أكثر من مرة في الآونة الأخيرة، وعلى لسان رئيس الائتلاف السوري السابق معاذ الخطيب وغيره، عن انتقال مهم في موقف الروس، فحواه الأكثر جذرية، هو أنهم لم يعودوا متمسكين ببقاء الأسد في مكانه.. هناك اليوم كلام قريب من ذلك المنحى عن الموقف الإيراني، وإن لم يصل إلى درجة الوضوح الروسي.

اللافت في الموقفين هو تسويق فكرة التغيير في النظرة إلى مصير الأسد، في وقت «تراخت» الإرادة الأميركية الغربية شكلاً وراهناً، حيال هذه النقطة المفصلية تحديداً! والأمر بالتالي، خارج سياقه. أي يُفترض منطقياً، أن تتسمّر موسكو وطهران في مكانهما طالما أن الغرب عاد القهقرى! وطالما أن السياق السياسي العام الروسي الغربي خصوصاً، محكوم بعودة اللغة الناشفة والمواجهات المتفرقة والاختلافات غير المسبوقة منذ انتهاء الحرب الباردة.. والمواضيع الخلافية واضحة وتبدأ من القرم وأوكرانيا ولا تنتهي في سوريا ولا في أسعار النفط!

الأمر مع طهران مختلف، بل يبدو في سياق معاكس تبعاً للانتقال الحثيث من حال العداء التام بينها وبين الغرب إلى حال التفاوض المباشر على الموضوع النووي وملحقاته الخطيرة والمهمة المتصلة بأدوار إيران وأدواتها وسياساتها في كل المدار المحيط بها، من أفغانستان إلى لبنان!

ومع ذلك، فإن ما يسري على موسكو سوريا، يسري على طهران وأكثر. أي أن العاصمتين «مرتاحتان» أو يُفترض أن تكونا كذلك، خصوصاً في ضوء السياسة الرسمية لمستر أوباما والتي وضعت مصير الأسد في مصاف أدنى من خبرية «مواجهة الإرهاب» وعلى هامش التفاوض النووي.

أي أننا إزاء حالة يمكن اختصارها كالآتي: شبه «انتصار» مرحلي إيراني روسي مقابل شبه هزيمة مرحلية أميركية غربية عربية سورية معارضة!

.. ومع ذلك فإن الطرفين «المنتصرَين» يطرحان كلاماً انهزامياً! ويشتركان في التنظير الساعي إلى تسويق قصة «الحل السياسي» وسيناريوهات التهدئة انطلاقاً من حلب! لماذا؟!

في التفسير المنطقي يمكن أن يُقال ان تكتيك مستر أوباما فشل شكلاً ونجح مضموناً. أي أنه «سلّم» لداعمي الأسد، إلى حد أنهما ما عادا قادرين على «استيعاب« كل ذلك التسليم! انخرطا ودفعا ولا يزالان يدفعان من كيسهما المفخوت ثمن إبقاء الأسد واقفاً في مكانه، فيما هو (أوباما) لم يدفع قرشاً واحداً ولم يهدر نقطة دم أميركية واحدة!

وتبعاً لذلك، بدا ويبدو واضحاً أن حجم الدفع التسليحي والتذخيري والنقدي والبشري الإيراني الروسي لا يتوازن مع البضاعة المعروضة! ولم يعد يتناسق مع الأزمات الكبيرة التي باشرها الانخفاض الكارثي في أسعار النفط.. وكان لا بد منطقياً، من تظهير قصّة الحل السياسي مجدداً.

.. وذلك الحل المأمول، لا يختلف في المحصلة، عن الحصرم الموهوم في حلب! أما اليقين فهو أن سوريا هي فيتنام، لكن ليس لأميركا هذه المرة!