ألهب فيديو جلسة استجواب وزير الدفاع الأميركي أشتون كارتر في الكونغرس المهتمّين بالشأن السوري، لما كشفه السيناتور ليندسي غراهام من أسرار، وما أدلى به من مواقف أحرجت الوزير الأميركي ووصلت الى حد توبيخ صانعي القرار في واشنطن.
–السر الأول هو اعتراف بأن «الإستراتيجية الأميركية تتهاوى».
–السر الثاني هو أن البنتاغون لن يوفّر الدعم العسكري لإطاحة الرئيس السوري بشار الأسد.
–السر الثالث هو أن وزير الخارجية جون كيري «عندما يذهب الى جنيف فإنه سيسلّم سوريا الى روسيا وإيران.»
تلعثم وزير الدفاع الأميركي، وارتبك، واختصر في إجاباته، وصَمَت، فيما واصل غراهام هجومه.
والحقيقة أن واشنطن رغم تكرار دعواتها الى تنحّي الأسد منذ اندلاع الحرب في سوريا، لم تفعل شيئاً لتحقيق ذلك، لأنها تريد أن تتجنّب الفوضى التي عمّت في كل من العراق عام 2003، وليبيا عام 2011، بعد إسقاط صدام حسين ومعمر القذافي.
لكن الخطير أن كارتر لم ينفِ ما قاله غراهام مرّتين «إن كيري سيُسلّم سوريا الى روسيا وإيران»، بل التزم الصمت. غير أن مُحللين مُحايدين يكشفون أن الرئيس الأميركي باراك أوباما يُراهن على أن الرئيس الروسي فلاديمير بوتين سيتخلّى عن الرئيس السوري بشار الأسد. إلاّ أنّ أحداً سواه لا يُصدّق هذه النظرية.
وقد أكد طوني بلينكان نائب وزير الخارجية الأميركي الذي شغل منصب نائب مستشار الرئيس أوباما لشؤون الأمن القومي، في لقاء في المنامة، «أنها مسألة وقت قبل أن تلاحظ موسكو أنها أخطأت في تدخّلها العسكري المباشر في سوريا، وأنها تخطىء في دعمها الأسد. وبعد ذلك سنرى أن الكرملين قد يدعم عملية سياسية تتضمن استبدال الأسد».
هذا الضياع في الإدارة الأميركية نتيجة التحولات العسكرية والميدانية في سوريا، دفع واشنطن الى قيادة عملية ديبلوماسية معقدة بحثاً عن حل للنزاع السوري، وإنقاذ ماء الوجه. وما إجتماع فيينا الأول وما سيليه من إجتماعات، إلّا محاولة أميركية لإقناع روسيا بتغيير موقفها من الأسد. غير أن كل ممثلي الدول التي شاركت في لقاء فيينا يشكّكون في تحقيق هذا الرهان.
إن تراجُع النفوذ الأميركي في الشرق الأوسط أصبح أمراً واقعاً، وكل محاولات إدارة أوباما للردّ على تنامي القوة العسكرية لروسيا لا يرتقي الى المستويات المطلوبة.
ولعل استجواب السيناتور غراهام لكارتر خير دليل على الإفلاس السياسي لإدارة اوباما، عندما قال له: كيف تريدون سقوط الأسد عندما تكون هناك روسيا وإيران و«حزب الله» يقاتلون من أجله، ونحن لا نحرّك ساكناً. وكلنا يعلم أنه عندما يذهب وزير الخارجية كيري الى جنيف فإنه سيُسلِّم سوريا الى روسيا وإيران.
وعندما سأل غراهام كارتر: هل سنوفّر الدعم العسكري لإطاحة الأسد؟
أتاه الجواب: كلا، كلا، كلا.
أضاف غراهام: سلّمتم سوريا الى روسيا وإيران، وقلتم للناس الذين ماتوا بمئات الآلاف في سوريا إننا مهتمّون بحل سياسي أكثر مما نحن مهتمّون بما سيحصل لاحقاً.
وكل ما يمكنني قوله إن هذا يوم حزين لأميركا. والمنطقة ستدفع ثمناً باهظاً بسبب هذا، لأن العرب لن يقبلوا بهذا والشعب السوري لن يقبل أيضاً، وهذه استراتيجية حمقاء.
وفيما ينشغل الأميركيون بتبرير تراجُع نفوذهم وإطلاق الشعارات والرهانات الكلامية، يزداد التدخّل العسكري الروسي في سوريا. وفيما يشكو حلفاء واشنطن سياساتها وتقلّباتها، يشكر مؤيدو الأسد «أبو علي» وهو الإسم الذي أطلقوه تحبُّباً على الرئيس بوتين.