تستبعد مصادر ديبلوماسية غربية، أن يجد المتحاورون في فيينا حلاً في وقت قريب للأزمة السويرة. لكنّ هناك عملاً جدياً بهدف تحقيق مسار ديبلوماسي لإحداث خرق في الوضع السوري، فضلاً عن أن ذلك يؤدي الى إعادة تفعيل مهمة الموفد الدولي لحلّ هذه الأزمة ستيفان دي ميستورا، الذي أحاط مجلس الأمن بمباحثاته مع الروس والسوريين.
ولم يكن من الممكن أن تنعقد لقاءات فيينا لولا التدخل العسكري الروسي في سوريا، بحسب المصادر. أي أن الوضع على الأرض دفع بالجميع الى الجلوس الى طاولة التفاوض. إنها خطوة أساسية ومُهمة، لا سيما وان أي نقاش دولي إقليمي حول سوريا لم يحصل على الأقل منذ سنة أو أكثر.
ولا يزال مصير رئيس النظام السوري بشار الأسد محور البحث، الخلاف هو على طريقة خروجه من السلطة، حيث إن الروس والإيرانيين يقولون إن الشعب السوري هو الذي يقرر مصيره، في حين ان الدول الأخرى تقول إنه يجب التفاهم على انه سيخرج حتماً من السلطة وأن يكون هناك وضوح في ما لو بقي حتى المرحلة الانتقالية، لضمان خروجه بعد انتهائها. أي أن الولايات المتحدة والخليج والغرب يعتبرون أن خروجه شرط للتفاوض، أما الروس والإيرانيون، فيعتبرون أنه يجب عدم اتخاذ أي جهة هذا القرار الذي يعود للشعب السوري. والروس يقولون إنهم طلبوا إذناً للدخول على الخط السوري عسكرياً، فيما الغرب يعتبر أنه لا يهم، مِنْ مَنْ طُلب الإذن، لكن هذا يُعدّ تدخلاً. ثم إن تدفق السلاح هو محور تباين، حيث كل دولة داعمة لطرف سوري ما، تعلّل ذلك لاعتبارات عدة.
ويدل بيان فيينا على أن الحل يلزمه على الأقل سنتين لأنه تحدث عن 16 شهراً لتنظيم انتخابات وتشكيل حكومة، بعد خطوة وقف إطلاق النار.
عملية فيينا تبقى مهمة جداً، إذ للمرة الأولى تتوسّع بهذا الشكل في المشاركة، لا سيما الإيرانية والدعم في البيان لـ»جنيف»: إنما الطريق طويل وليس بأسابيع أو بأشهر تُحل المسألة.
المحاولات لإيجاد حل جدية أكثر من أي وقت مضى، وهناك جهود روسية لجمع المعارضة والنظام في موسكو، وليس بالضرورة ضمن إطار مؤتمر «موسكو 3»، وفقاً لمصادر قريبة من روسيا. ما يعني أن موسكو تمسك بأوراق إضافية في الأزمة، وهي تعمل لبرهنة ذلك أمام العالم. لكن لا اجتماع قريباً لمؤتمر «موسكو 3».
والخارجية الروسية تبني على هذه الخطوات. ولدى الروس ورقة أفكار ثم تحضيرها للتشاور بها في «فيينا» غداً. وهي تحدد المقاربة الروسية للحل السياسي في سوريا. وتنص على: وقف إطلاق النار، ومحاربة الارهاب، وإجراء إصلاحات سياسية، وإطلاق معتقلين، ومباشرة حوار سوري سوري، واتخاذ إجراءات دستورية. ويطرح الروس أيضاً، تعديل الدستور، على أن يتم تأجيل إجراء الانتخابات النيابية التي يفترض أن تجري في الـ2016 الى حين إجراء تعديل دستوري لحصول انتخابات نيابية ورئاسية. حتى إن المعارضة السورية تؤيد تأجيل الانتخابات، لأنها إذا أجريت في ظل الدستور السوري الحالي هناك قلق من نتائج لا ترضى عنها الم
عارضة، في حين أنه إذا حصلت في ظل التعديل، فستكون النتائج مرضية لها. ويبقى ذلك كله أفكاراً مطروحة للنقاش مع الدول الأخرى، روسيا، بحسب المصادر، لا تثق بالموقف الغربي، لأنا تعتبر معاييره مزدوجة.
وصدقيته على المحك في ما خص الملف السوري، لا سيما وان الدول الداعمة للمعارضة تدعو الى حل سياسي وفي الوقت نفسه تقدم السلاح للمعارضة، ويقومون بتدريب المعارضة التي تحارب النظام.
ويدرك الروس أن لا شيء إلا التعاون مع الولايات المتحدة كفيل بإيجاد حل للوضع السوري، الروس يتقصدون الإدلاء بتصاريح متناقضة حول التدخل العسكري في سوريا. فمرة يقولون للدفاع عن مصالح روسيا، وأخرى يقولون إنهم مهتمون بسوريا الدولة وليس بسوريا الأسد. انها سياسة مقصودة من أجل عدم الكشف عن أوراقهم. الآن يقولون ان الشعب السوري هو الذي يختار المرحلة الانتقالية، وانه لا يمكن لأي طرف خارجي ان يفرض شيئاً على الشعب الذي يختار هو قيادته.
وكشفت المصادر، انه لدى كل الدول بما فيها روسيا، قناعة بأن وجود الأسد موقت، وأن رحيله بات مسألة وقت. وتؤكد المصادر، أن من المستحيل أن يكون للأسد دور على المدى البعيد، وهذا ما يشكّل قناعة روسية، وإن كان الروس لا يعلنون عنها بصراحة. لكن موسكو لن تتخلّى عن الأسد في وقت قريب ومرحلياً لأنه يمثل ورقة مصالحهم، بحيث إنه عندما يحين أوان التسوية النهائية، يتم ضمان مصالحهم.
وفي هذه الأثناء تلتقي مصالح روسيا وإيران، ولكن على المدى البعيد هناك تباين في بعض المواضيع. إيران لديها مخطط آخر للحفاظ على الهلال الشيعي. روسيا لا يهمها هذا الموضوع. انما العلاقة الروسية الايرانية مستقبلاً واضحة منذ الآن.