من اتيح له لقاء الموفد الدولي الى سوريا ستيفان دو ميستورا الذي كان زار العاصمة السورية وبعض العواصم على اثر لقاء فيينا في 31 تشرين الأول الماضي حظي منه بتأكيدات بأن التوصيات التي خرج بها المؤتمر الدولي الذي جمع للمرة الأولى المملكة السعودية وطهران على الطاولة الى جانب قوى دولية واقليمية وكلفت من خلالها الأمم المتحدة العمل على جمع الحكومة السورية والمعارضة ورصد امكان تنفيذ هدنة امنية شاملة، ليست قابلة للتنفيذ بعد وان الأمور على حالها ولم تتبدل المواقف نتيجة للتطورات الأخيرة أكان منها ما يتصل بالوضع الميداني أم بالمفاوضات الديبلوماسية. ينبغي الإقرار ان مراقبين كثراً لا يعيرون تحرك الأمم المتحدة اي اهمية في ظل استمرار الصراع الدولي في سوريا وحولها ما يعطل اي مساع للمنظمة الدولية وتالياً عدم ايلاء اهمية لتحرك دو ميستورا انطلاقاً من استقالة سلفين مخضرمين له هما كوفي أنان والأخضر الإبراهيمي في ضوء عدم توافر الظروف الدولية المناسبة. كما ان مراقبين آخرين متابعين للوضع السوري يعتقدون ان دو ميستورا يتحرك في الفراغ في ظل عدم وجود اتفاق دولي اقليمي بعد على تسوية وان المؤتمر الذي انعقد في فيينا ارجأ في الواقع جهود الموفد الدولي لجمع النظام والمعارضة الذي كان يتحرك على اساس بيان جنيف 1 وعاد مؤتمر فيينا ليحدث بعض التغييرات بناء على مستجدات كثيرة طرأت على المشهد السوري بحيث يستبعد ان يتفاوض الأفرقاء السوريون حولها في ظل متغيرات أو رهانات لديهم على هذه المتغيرات. وتالياً فإن الأنظار ستبقى مركزة حتى اشعار آخر على ما قد ينتج من الاجتماعات الدولية على غرار اجتماعات في فيينا أو سواها من الدول الغربية وليس على التفاصيل بين النظام والمعارضة التي ستكون نتيجة للاجتماعات الدولية وترجمة لها.
لم يتوهم احد أو يتوقع نتائج سريعة لاجتماع جمع هذا العدد الكبير من الدول علما ان هناك من يعتقد ان اجتماعات مصغرة بعيداً من الأضواء هي التي ستتيح التواصل وليس اجتماعات موسعة تشارك فيها مجموعة من الدول بعضها لا تأثير لها فعلاً في الوضع السوري. الا ان الشخصيات السياسية التي التقت الموفد الدولي نقلت عنه ان المحادثات التي اجراها مع كل من الرئيس السوري كما مع المعارضة لم تكن مشجعة في اتجاه مساعدته على تفعيل الخطوات التي كان حضر لها منذ بعض الوقت على صعيد جمع الطرفين عبر لجان تبحث مسائل متعددة ولم يبد تفاؤلاً بتغييرات قريبة. ليس سهلاً بالنسبة الى النظام أو المعارضة قبول ان يتقرر مصير سوريا واتجاهات الحل فيها أو وضع الأسس لذلك من دون مشاركة اي منهم في مؤتمر فيينا على رغم ما ينطوي عليه الإجتماع من دونهما من اقرار بحرب خارجية في سوريا الى جانب الحرب الأهلية فيها. دو ميستورا قدم تقريره الى مجلس الأمن الثلثاء الماضي قبيل انعقاد جولة ثانية من المفاوضات الدولية في فيينا غداً بعدما كان زار كلاً من موسكو وواشنطن الى جانب دمشق. اما الانطباعات التي خلصت اليها هذه الشخصيات فأفادت بأن الاجتماع الأول في فيينا لمجموعة دول تقارب العشرين دولة لم تحمل ايجابيات تذكر باستثناء الجمع بين طهران والرياض مع آخرين لمناقشة سبل ايجاد حل للحرب السورية. وما بين فيينا واحد أو فيينا الثاني غداً على مستوى الاجتماع الدولي والإقليمي الشامل، باعتبار ان اجتماعاً أولياً في فيينا حصل بين وزيري الخارجية الأميركي والروسي ونظيريهما التركي والسعودي، إعادة نظر حصلت في مواقف بعض الدول من البيان المشترك الذي صدر والذي كان وفق تقويم عدد من العواصم مخيباً للآمال باعتبار انه كان اقل من بيان جنيف 2012 الذي تحدث عن مرحلة انتقالية لم يأت على ذكرها بيان فيينا كما لم يأت على ذكر موضوع حماية المدنيين الذي يعد الى جانب البند عن المرحلة الإنتقالية من العناصر المهمة التي قام عليها بيان جنيف والتي لا يمكن التراجع عنها.
تقول مصادر ديبلوماسية ان ثمة إعادة تقويم لبيان فيينا لدى بعض العواصم أظهر ثغراته الكبيرة قياساً على بيان جنيف 1 وانزلاقاً نحو رؤية للحل السوري يتم الدفع بها لمصلحة داعمي النظام اي طهران وروسيا. وهو ما أتاح المجال للعودة الى التمسك والتذكير ببيان جنيف كما حصل في المواقف والتصريحات التي أدلى بها بعض ممثلي الدول الخمس الكبرى في مجلس الأمن على اثر الاستماع الى الإحاطة التي قدمها دوميستورا للمجلس. ولا يبدو ان هناك استعداداً لدى بعض الدول للتركيز على دعم بيان فيينا في المرحلة المقبلة على رغم النية في الترحيب به بمقدار العمل على الرغبة في إعادة الاعتبار لبيان جنيف حول المرحلة الإنتقالية علماً ان الإصرار على البحث في مصير بشار الأسد والمدة التي يكون مقبولاً خلالها قد لا تجعل التوقف طويلاً عند بيان فيينا مهماً على رغم حرص روسيا على مواقف غربية داعمة لهذا البيان. وهو الأمر الذي لم يلاق رد فعل ايجابياً لدى بعض الدول الغربية الأعضاء في مجلس الأمن وهو ما عطل في الواقع صدور بيان صحافي عن مجلس الأمن مرحباً ببيان فيينا الأسبوع الماضي بعد عدم التوافق على اللغة التي ينبغي اعتمادها ازاء البيان.