IMLebanon

اجتماع فيينا.. «جنيف 3» على أساس «جنيف1»

سيؤكد لبنان اليوم أمام اجتماع فيينا الدولي الاقليمي الموسّع لحل الأزمة السورية، أهمية الحل السياسي لهذه الأزمة والحفاظ على وحدة الدولة السورية وسيادتها، وعلى ضرورة عودة اللاجئين السوريين إلى ديارهم، ومساعدة الدول لبنان في تحمّل أعبائهم التي لم يعد بمقدوره تحمّلها، فضلاً عن مخاطر هذا اللجوء على لبنان، وفقاً لمصادر لبنانية.

وتؤكد مصادر ديبلوماسية قريبة من موسكو، أنّه منذ القمّة الأميركية الروسية، في نيويورك في 28 أيلول الماضي وتسارع التطورات المتصلة بالشأن السوري، برز التنسيق الأميركي الروسي وعلى مستوى كبير لاطلاق العملية السياسية في سوريا.

العملية العسكرية الروسية التي بدأت في سوريا لم يعترض عليها أحد، بما في ذلك الدول الخليجية. ثمن استمرار الأزمة السورية بات باهظاً على كل الأطراف الدولية والاقليمية، وبالتالي هناك مسعى من الجميع للوصول إلى حل فعلي. والتنسيق الأميركي الروسي بات يفرض نفسه على كل اللاعبين ولا سيما الاقليميين. اجتماع فيينا الأول انعقد بعد استدعاء رئيس النظام السوري بشار الأسد إلى موسكو في طائرة روسية خاصة مع حماية في الجو، وأحيطت العملية بسرية مطلوبة حتى مغادرته موسكو.

وغياب إيران عن اجتماع فيينا الأول، يؤشّر إلى أنّ روسيا تدخل بقوة على خط الملف السوري، وتمسك بأوراقه على حساب إيران. العملية السياسية يبدأ العمل عليها بتنسيق كامل بين واشنطن وموسكو. وذلك على أساس عقد مؤتمر «جنيف3» بين السوريين، وبالاستناد إلى وثيقة «جنيف1». ومما لا شك حوله، انّ عناصر كثيرة استجدّت منذ صدور الوثيقة في العام 2012 سيتم أخذها في الاعتبار، وهي: ظهور المنظمات الإرهابية، وحصول تغييرات ميدانية على الأرض، والاتفاق النووي بين إيران والغرب. إنّما ستبقى وثيقة «جنيف1» هي الأساس للحل.

وتكشف المصادر أنّ الاجتماعات الدولية الاقليمية حول سوريا في فيينا والاتصالات أيضاً التي تتم في اطار هذه الحركة تبحث في مصير الأسد. لكن لا يتوقع أن يصل البحث إلى نتيجة محددة، ولن يحصل توافق من جراء عدد معين من اللقاءات.

هناك تفاوت في المواقف الاقليمية بحيث ان الخليج لا يقبل بأي دور للأسد حتى في الحل المرحلي الانتقالي. إنّما هذا الموقف لا يعني عرقلة العملية السياسية. تركيا التي تعارض النظام معارضة شديدة، تقبل بدور للأسد لستة اشهر. في المفهوم الديبلوماسي، المهم هو المبدأ. وهناك «شد حبال» على هذا الصعيد، بين الموقف الروسي والمواقف الأخرى، لا يتوقع توافق قريباً في وجهات النظر، ويلزم ذلك مزيد الجهد والوقت.

الأزمة السورية معقّدة، ومتداخلة، ومتشابكة، حيث الحاجة ماسة لمزيد من المشاورات المعمّقة للتفاهم على خيوط الحل، والذي لن يأتي إلاّ على سبيل تسوية. ولعل الهدف الأساسي للدور الروسي، هو أنّه يلمّح في إشارات واضحة إلى أنّ دور الأسد موقت، لكن في المستقبل لن يكون له دور. ورئيس الوزراء الروسي ميخائيل ميدفيدف قال ان بلاده لا تدعم شخص بشار، إنّما مصالحها القومية. وبالتالي هي تؤدي دوراً للتوصل إلى حل سياسي معين، بحيث لا يكون موجوداً في مستقبل سوريا. لذلك بدأت موسكو تطرح حصول انتخابات نيابية ورئاسية، ما يؤكد نيّتها إحداث تغيير معين في المشهد السوري.

وتشير المصادر، بالنسبة إلى الطرح الروسي دعم الجيش الحر، إلى أنّ موسكو لا تدعم النظام ضدّ المعارضة المعتدلة، إنّما سياستها هي محاربة الإرهاب الذي يشكّل خطراً على روسيا، حيث جاء إلى سوريا من الشيشان ألفا مقاتل. لذا تريد روسيا ضرب الإرهاب وليس ضرب المعارضة المعتدلة، والطرح الروسي هو بمثابة طمأنة لدول الخليج وبعض الدول الأخرى، بأنّ روسيا ليست ضدّ المعارضة المعتدلة، وهي مستعدة لمساعدتها ضدّ «داعش». ما يعني أنّ الموقف الروسي هو أنّ موسكو ضدّ الإرهاب، ولم تأتِ إلى سوريا لدعم شخص معيّن، وليس لضرب المعارضة المعتدلة.

وتفيد المصادر ان الروس يعتبرون ان العالم يعود حالياً ليعترف بوجهة النظر الروسية التي تقول ان لا حل في سوريا سوى الحل السياسي، كما تعتبر روسيا أنها من الأساس لم تقل باشتراط ذهاب الاسد وتنحيته قبل العملية السياسية الانتقالية، وهو ما يُعمل عليه الآن. في حين، كما تعتبر، أنّ الغرب والخليج وتركيا كانوا يرفضون وجوده في المرحلة الانتقالية، ما يؤشّر بحسب المصادر إلى اعتراف معين بما كانت روسيا تنادي به.

وبالتالي، انّ المبدأ الذي يسعى الروس إلى تأكيده هو وجود الأسد في المرحلة الانتقالية، ووجود دور له فيها. وهذه المرحلة هي موقتة قد تمتد لستة أشهر أو لسنة، أو لسنة ونصف السنة، حيث ان هناك مشاورات حول جدول زمني لرحيل الأسد.

كما أنّ المفاوضات حول ذلك لا تخلو من المناورات السياسية سعياً من كل طرف الى تثبيت موقفه الذي يتمسك به. على أنّ الروس في مرحلة التفاوض لن يوقفوا العمليات العسكرية في سوريا مع أنّ المكاسب ذات الصلة بالنظام بقيت محدودة، كما أنّه لا يتوقع للحرب في سوريا أن تتوقف في مرحلة التفاوض هذه.