Site icon IMLebanon

اتفاق فيينا يقترب من النُضوج.. وخرق إيجابي إيراني سعودي

 

ترويض أميركي لإسرائيل.. والحرب الإقليمية مُستعبدة

 

يسود التفاؤل في أوساط محور الممانعة في مآل الأمور في المنطقة سواء ما يتعلق بمفاوضات فيينا أو ما يرتبط بالمفاوضات بين اللاعبين الإقليميين بما يتقاطع به العاملان المرتبطان ببعضهما البعض على لبنان، المتأثر حتماً بما يجري في الإقليم وخاصة بين الإقليم والخارج الدولي.

 

ثمة قراءة تلفت النظر الى ان مفاوضات فيينا بين الولايات المتحدة الاميركية وإيران قد قطعت شوطاً بعيداً بعد الكثير من العقبات التي لم يتبق منها الكثير، ما يشير الى ان الأمور سالكة في اتجاه اتفاق تسوية، من دون ان يعني هذا انها باتت في متناول اليد، بل أن الاتفاق ليس بعيد المنال.

 

هكذا هي قراءة مطلعين على رؤية هذا المحور الذي يربط التطورات التصعيدية في المنطقة، وبينها اليمن، بمخاض ما قبل تلك التسوية التي تطبخ على نار مشتعلة في العلن، لكن بأعصاب باردة داخل الأروقة المغلقة في اتجاه يرضي الاطراف الاقليميين الذين تأتي أية تسوية في الاقليم لمصلحتهم بعد ان تعبت المنطقة واستُنزفت جراء الحرب الدائرة في اكثر من مكان.

 

على ان البداية في كل ذلك تبدأ من فيينا في النمسا حيث البرد القارس الذي يعكس برودة المفاوضين الايرانيين والاميركيين والوسطاء الاوروبيين والروس لإنضاج تسوية لا يستعجلها أحد قبل اوانها لكي لا يعاقب بحرمانها.

 

والحال ان رأياً ساد أواخر العام الماضي بأن إسرائيل، اللاعب المتضرر الاكبر من التقارب الاميركي الايراني، ستلجأ الى اية وسيلة لإفشال الاتفاق النووي من الاستئناف او حتى توقيع تعديله باعتبار ان ما يريد الافرقاء ان يتوصلوا اليه قد يكون اقرب الى اتفاق جديد بعد انسحاب الرئيس الاميركي السابق الجمهوري دونالد ترامب الذي كانت نسبة الحرب اكبر في عهده.

 

التحليل السائد يشير الى ان المنطقة ليست ذاهبة الى حروب كبرى نتيجة توازناتها الحالية، حتى وإن كانت الادارة الاميركية الحالية برئاسة الديموقراطي جو بايدن، لم تجرِ تغييرات دراماتيكية على علاقتها مع طهران بعد ان اعتقد كثيرون انها ستعود سريعا الى الاتفاق النووي الذي شهد بايدن توقيعه (وساهم به) في ولاية الرئيس الديموقراطي السابق باراك أوباما.

 

التهدئة مصلحة للجميع

 

هذه التسويات في المنطقة على المدى المتوسط والبعيد، حسب هذه المصادر المطلعة على مسار الأمور، آتية لا محالة، لكن الدول ليست كالأفراد ولديها قدرة على الصبر حتى انتزاع ما امكنها من خصمها، وفي موضوع الاتفاق النووي هناك مصلحة لكل الاطراف خاصة الاميركي والايراني، بالتفاوض والاتفاق.

 

وما حصل ان الاميركي بعد خروجه من الاتفاق السابق، ذهب بعيدا في فرض عقوبات وبعضها عبر الكونغرس، على إيران التي كان ردها بالذهاب الى التخصيب الغزير، ما تزامن مع شروط أميركية جديدة لم يلحظها الاتفاق النووي، تم تخطي معظمها، لكن ثمة حاجة الى الوقت للاتفاق حتى لو صدقت النوايا.

 

ذلك ان اسئلة تطرح حول قدرة الاميركي على ازالة العقوبات كافة وهو ما يصر عليه الايراني. وحول ما اذا كان الايراني ينوي من ناحيته تدمير كل ما حققه؟ ثم ماذا لو عاد الاميركي وخرج من الاتفاق الجديد، فما هي الضمانات؟ وهنا نقطة تطالب بها طهران بعد خروج ترامب الصادم من الاتفاق.

 

وبعد مفاوضات دقيقة وجولات ساهم فيها خاصة اللاعب الروسي الذي طرح احتفاظه هو، بوصفه وسطيا بين الجانبين (او هكذا يعتبر) بأجهزة الطرد الحديثة، من غير المعروف الى ماذا توصل إليه المتحاورون، لكن الاكيد ان اللاعب الاسرائيلي بات مُروضا من الاميركي وهو ليس قادرا على شن حرب لوحده، لا مصلحة للإدارة الاميركية في تغطيتها، في الوقت الذي تشخص فيه انظارها الى الشطر الآخر من القارة الآسيوية حيث الصين أولا وروسيا ثانيا وسط ملفات مفتوحة مثل كازاخستان واوكرانيا والتمدد النووي، وبذلك تخاطر واشنطن بتعزيز حلف صيني روسي ايراني ضدها، وهو آخر ما يريده بايدن غير المستقر أصلا في الداخل الأميركي والذي تنتظره انتخابات نصفية للكونغرس بعد أشهر.

 

على ان هؤلاء المتابعين لمسار المفاوضات يشيرون الى ان الاتفاق ليس بعيدا «من حيث المبدأ» وهو حاجة اميركية نظرا لوضع بايدن نفسه، وهو الذي لا يثير حاليا قضايا جدلية مثل موضوع الصواريخ الدقيقة أو نفوذ ايران في المنطقة، والعثرات الحالية تتموضع حول موضوع الرفع الكامل للعقوبات وتقديم ضمانات حيالها، والسماح باستخدام طهران للدولار في كل عملياتها من دون سقف، اضافة الى الضمانات بعدم الانسحاب مرة جديدة من الاتفاق، مع العلم بأن الموضوع الاخير ليس في قدرة بايدن على التعهد به.

 

التقدم مع سوريا يعزز التهدئة

 

في هذه الأثناء يستعد المفاوضان الايراني والسعودي لجولة جديدة من المفاوضات هي الخامسة من نوعها.

 

هنا أيضا يسود تفاؤل ينقله المتابعون للعلاقة بين طهران والرياض يتقاطع مع تقدم ملحوظ سعودي سوري يغذي المسار الأول.

 

وقد اتفق الجانبان الايراني والسعودي في الجولة الاخيرة على التركيز على العلاقات الثنائية ووضع قضايا ساخنة في المنطقة جانبا، وبات الحديث اليوم حول طبيعة التمثيل الديبلوماسي بين طهران والرياض وترتيبات تطبيع العلاقات الثنائية. ويذهب احد المتفائلين الكبار وهو من المتابعين لمسار تلك المفاوضات الى التنبؤ بعودة السفارات بين الجانبين وإن بعد وقت.. وما يريده الجانبان هو التهدئة التي تنعكس إيجاباً على المنطقة في ظل واقع الانسحاب الاميركي من أكثر من موقع فيها.

 

تعزيز الصيغة اللبنانية

 

أما لبنان، اللاعب غير الرئيسي في صراعات الإقليم، فعليه الإفادة من هذا الواقع المستجد المأمول الذي سيعزز الرأي القائل بلا إمكانية انتصار فريق على آخر في بلد محكوم بالتسوية وبالتوافق للحفاظ على الصيغة اللبنانية. وأما البحث بطبيعة النظام وتلبية دعوات البعض بإجراء تعديلات تتلاءم مع واقع بعض الأفرقاء اللبنانيين على الساحة اليوم، فهو أمر غير مطروح في المرحلة الحالية على أقل تقدير.