IMLebanon

مفاوضات فيينا: ماتت لم تمت؟

 

 

تجمع المعطيات بمعظمها المعلن منها أو التي تتداول في الأروقة الدبلوماسية، بأن مفاوضات فيينا قد دخلت في موت سريري، وربما لن تقام لها مراسم دفن، على اعتبار أن لا احد من المفاوضين يرغب بالمشاركة بالمراسم على وقع الرصاص الاقليمي الذي سوف تجهد ايران في إطلاقه في مسارح العمليات البعيدة من الاراضي الايرانية، ومن الشواطئ الايرانية، والمقصود بهذه المسارح العراق ولبنان واليمن، وربما تستثني ايران سوريا من مسارحها، لأن سوريا باتت مسرحاً دائماً لهجمات جوية وصاروخية اسرائيلية لم تلق اي رد ايراني طوال سنوات وسنوات من الاستهداف.

 

يقول دبلوماسيون أوروبيون في بيروت ان مفاوضات فيينا تنازع قبل الرمق الأخير، هذا الكلام لم يكن ليصدر عن دول أوروبية عبّرت طوال المفاوضات مع ايران، عن أقصى درجات الحماس لاستعادة اتفاق 2015 ، ولعبت دور صلة الوصل بين طهران وواشنطن، وسهلت عملية التفاوض الى درجة باتت ايران تلعب دور الابن المدلل لمجموعة الـ 5 + 1، اي لكل دول هذه المجموعة دون استثناء، في طليعتها ادارة الرئيس الاميركي جو بايدن التي تعمل بمحركات ومستشاري ادارة اوباما، وتريد أن تتوصل الى اتفاق بأي ثمن مع ايران، حتى ولو كان هذا الاتفاق في حده الادنى غير المقبول عربياً واسرائيلياً، وحتى لو اضطرت ولو من حيث الشكل الى الخضوع للابتزاز الايراني، الذي بات يعتمد التفاوض من اجل التفاوض، سواء في فيينا أو الدوحة، او من ثم بعد العودة الى فيينا.

 

ويبقى السؤال: هل يمكن لمفاوضات الموت السريري أن تستعيد أنفاسها، في وقت قريب، وهل ان استعادة هذه الانفاس، مرتبطة بتوقيت يلائم مصالح واشنطن وطهران على السواء، وتحديداً في توقيت يعقب الانتخابات النصفية للكونغرس ومجلس الشيوخ الأميركيين؟ الجواب على هذا التحليل الذي يستند الى نظرية المؤامرة ليس واضحاً، لكن يمكن اختصار ما يمكن التثبت منه بالآتي:

 

أولاً: إن الإدارة الديموقراطية باتت متيقنة من أن توقيع اي اتفاق مع ايران قبل 8 تشرين الثاني موعد الانتخابات النصفية سيزيد في احتمالات خسارة الحزب الديموقراطي، ولذا باتت هذه الادارة تفضل بمعزل عن طبيعة الاتفاق مع ايران، أن تؤجله الى ما بعد إجراء هذه الانتخابات.

 

ثانياً: إن أي نية بتوقيع هذا الاتفاق في مرحلة وسطية بعد إجراء الانتخابات وقبل بداية صلاحية ولاية مجلس النواب الجديد وثلث مجلس الشيوخ الجديد، اي 4 كانون الثاني، سوف تكون محاطة بخطر قيام الكونغرس بالموافقة على قوانين تشدد العقوبات على ايران بأكثرية الثلثين وربما أكثر، وهذا إن حصل سيكبل الرئيس الأميركي وسيصعب عليه مهمة تأجيل تطبيق هذه القوانين.

 

ثالثاً: بين موعد الانتخابات النصفية وموعد الانتخابات الرئاسية، مؤشرات سوف تؤكدها نتائج انتخابات تشرين الثاني، من زاوية اعطاء مؤشر أولي الى طبيعة المعركة الرئاسية الثأرية التي ستدور بين الحزبين الجمهوري والديموقراطي، على خلفية سقوط دونالد ترامب، واستعداده للعودة على حصان أبيض.

 

على وقع تأجيل اتفاق فيينا أو احتمال موته، تستعد ايران بدورها، لإشعال الحرائق في فترة توقف المفاوضات، ومن ابرزها ما سيقرره «حزب الله» في ترسيم الحدود البحرية، وما سيستعد له «الحشد العراقي» في حال طلب «الحرس الثوري» استهداف المنطقة الخضراء، وهذا الاستعداد مرتبط بالمصير النهائي لاتفاق فيينا، الذي يرتبط هو الآخر بنتائج الانتخابات الاميركية.