فيما لم تأخذ اميركا بوجهة نظر اسرائيل بالنسبة الى الاتفاق النووي الذي ابرمته الدول 5+1 مع ايران ثمة من فهم رد الفعل الاسرائيلي العنيف حكومة ومعارضة انه لن يشكل نقطة خلاف بين الجانبين، بعدما انحسر دور العدو اقليميا جراء انشغال العرب ببعضهم البعض، لاسيما في سوريا والعراق واليمن وليبيا، من دون ان يعني ذلك ان دول الخليج العربي في احسن احوالها نظرا لانشغالاتها الاقليمية!
والذين يتخوفون من ان تتأثر الدول المشار اليها بالارباك الذي سيحدثه الاتفاق النووي مع ايران يجمع المراقبون على القول ان اميركا عرفت كيف تلجم السلطة الايرانية وتمنعها من ان تزيد من عوامل اعتداءاتها على دول عربية، فيما ستتكفل واشنطن بتغطية ما تحتاجه «الدول الصديقة» من مساعدات عسكرية واقتصادية وديبلوماسية عرف الاميركيون كيف يجيرونها لحسابهم، وهذا ينطبق تلقائيا على العلاقة الاميركية – الاسرائيلية حيث يعرف «العم سام» ان العويل الاسرائيلي يعالج من خلال دفق الاموال والسلاح المتطور عندما تدعو الحاجة!
السؤال المطروح: الى اي مدى يمكن للاميركيين والاوروبيين منع ايران من ان تزيد من عدوانها للدول العربية لا سيما في منطقة الخليج التي تحتاج الى رعاية دائمة فيما يبقى الوضع السوري – العراقي قيد التدخل الايراني لعدة اعتبارات في مقدمها ان البلدين مرشحان لاحداث تغيير جذري في انظمتهما الامر الذي يتطلب المزيد من الوقت، اضافة الى ان الاميركيين والاوروبيين يرغبون في انهاك مالية ايران قبل ان تستوعب طهران ما هي بصدده من وراء مشاركتها في حروب العراق وسوريا واليمن، لاسيما ان لا تأثير مباشرا على اي من الدول العربية الصديقة جراء الحروب المشار اليها (…)
ويرى المراقبون ان اسرائيل عندما تعلن رفضها الاتفاق النووي معنى ذلك انها تبالغ في رفع سعرها، لاسيما ان مؤيديها في الكونغرس يأخذون وجهة نظرها بجدية، كما يعرفون ان بامكان اسرائيل توجيه ضربات موجعة الى الايرانيين في اماكن انتشارهم في كل من سوريا والعراق واليمن، فيما ترفض واشنطن ذلك طالما بقيت قادرة على التحكم بمندرجات الاتفاق النووي مراقبة على مدار الساعة!
صحيح ان الايرانيين سرهم ان تعيد اميركا والغرب مليارات الدولارات الى خزائنهم، لكن ذلك ينطلق من وجهة نظر خاصة تمنع عليهم الاضطرار الى التفريط بتلك الاموال، نظرا لحاجاتهم الداخلية اليها، ويخطئ من يتصور ان طهران في وارد اغداق اموالها، على مشاريعها السياسية والعسكرية في المنطقة، بقدر ما ستتشدد في تحديد ما في وسعها تأمينه لحلفائها، اضافة الى ان تمويل العمليات العسكرية في سوريا والعراق تتخطى قدرات ايران التقليدية!
وما يقال عن ايران لا بد وان يفهم منه ان الاتفاق النووي جاء لمصلحة الاصلاحيين، على رغم ما أبدته القوى التقليدية من ارتياح سياسي يمكن ان يساعدهم على تجديد سلطتهم في مواجهة ما يوصف بانهم من مؤيدي الزعيم الروحي علي خامنئي الذي يقبض على زمام الامور ويمنع الاصلاحيين من تطوير قدراتهم ويزيد من مستوى وضع اليد على السلطة لاسيما ان القيادات الاصلاحية الشابة ستكون محرجة في حال تراجع دورها السياسي!
اين فلسطين من كل ما تحقق على هامش الاتفاق النووي؟ المراقبون يجمعون كما سبق القول ان الهدف من العويل الاسرائيلي يتطلع الى جني ارباح تؤهله الظروف الاميركية لان يحددها بمنأى عن المؤثرات التي تتحكم بالقرار في البيت الابيض، مع ما يعنيه ذلك من استمرار رد الفعل السلبي لاتهام اميركا والغرب ان اسرائيل متضررة من الاتفاق، فيما القصد من ذلك ابقاء ميزان المدفوعات كما يقول هو لمصلحة العدو من غير حاجة الى تدوير الزوايا في المنطقة العربية!
ومن الان الى حين معرفة ما اذا كانت طهران ستلتزم بمنطوق الاتفاق النووي، فان ذلك سيعرف فور تحديد خطوات مراقبة التخصيب النووي في المفاعل الايرانية المؤهلة لان تزيد من معدل انتاجها، بحسب ما يجمع عليه المراقبون الاجانب الذين يؤكدون ان كل شيء وارد في حال ارتكبت ايران خطأ يظهرها وكأنها هي من ربح جراء توقيع الاتفاق، فيما يرى المراقبون المشار اليهم ان الرئيس الاميركي باراك اوباما هو من استفاد معنويا قبل غيره، حتى وان كان بعض الدول الغربية قد سارع الى عرض خدماته الفنية والسياسية والاقتصادية على الايرانيين على امل الافادة من رد فعل ايران على استعادة اموالها من الخارج التي تقدر بزهاء 244 مليار دولار فيما تقول اوساط مطلعة ان حجم الاموال يقدر باكثر من 380 مليار دولار!