Site icon IMLebanon

انتهاك الدستور في جزين ؟!

لم يحصل في تاريخ الحكومات والمجالس النيابية التي تعاقبت على الحكم منذ الاستقلال، ارتكابات بحق الدستور، وانتهاكات بشعة ووقحة، مثلما حصل في حكومات ومجالس ما بعد اتفاق الطائف، ويحصل هذه الايام في الحكومة الحالية ومجلس النواب الحالي، ولا يلزم لأي مواطن لبناني يجيد القراءة والكتابة، سوى مراجعة مواد الدستور، ليتأكد ان لبنان لا يدار من دون تطبيق القوانين فحسب، بل ايضاً دون تطبيق الدستور، كما ورد في النص، بل يطبّق وفق رغبة هذا المسؤول او هذا الحزب، او هذه الطائفة او هذا المذهب، او رغبة هؤلاء جميعاً بالتكافل والتضامن ومن دون تجزئة، لأنهم في نهاية الأمر «قابرين الشيخ زنكي سوا»، ولأن المرور على الانتهاكات جميعها يستدعي مجلدات لاعطائها حقها في الشرح. سأكتفي بهذا المقال المحدد المساحة، بإثارة مخالفة موصوفة لاحدى مواد الدستور التي تعكس في مضمونها حرص المشترع على الاستمرار في العمل الديموقراطي الذي يميّز النظام الديموقراطي المعمول به في لبنان منذ ايام الانتداب. لقد ثبت بالواقع والممارسة ان حكومة الرئيس تمام سلام، والمجلس النيابي الذي يرافق تفاهماتها العشائرية ويبصم عليها، لأنه جزء منها، ان هناك هروباً مشبوهاً من قبل الطرفين، من الالتزام بأي استحقاق يستدعي موافقة الشعب الذي هو «مصدر السلطات وصاحب السيادة…» واللجوء اما الى التمديد او التجديد او التجميد او التطنيش، او التعطيل، وتكون دائماً حجج المسؤولين واعذارهم، اقبح من ذنبهم بتجاهل ما يفرضه عليهم الدستور، من واجبات ملزمين بها، وهي ليست خياراً لهم او وجهة نظر، او حقاً من حقوقهم. اما ما يزيد من بشاعة مواقفهم، فهي التفسيرات الدستورية التي يلجأون اليها لتغطية عجزهم او غاياتهم او تواطئهم، وهي في نهاية الأمر تكشف نيّاتهم الحقيقية في اي تفسير يصدر عنهم.

***

المادة 41 من الدستور تنصّ على ما يأتي «اذا خلا مقعد في المجلس يجب الشروع في انتخاب الخلف في خلال شهرين…».

كلمة «يجب» يا سادة يا وزراء يا نواب، لا تعني «يمكن» ولا تعني «يستحسن» ولا تعني ان لكم الحق والخيار في الاستنساب، بل تعني ان الدستور، مثلما «أمر» بانتخاب رئيس للجمهورية وفق المواد 73 و74 و75 من الدستور، وهناك نواب يرفضون هذا الامر ولا يلتزمون به – «أمر» ايضاً المعنيين بالمادة 41 بتنفيذها «دون لفّ ودوران» والوقوف على خاطر هذا المسؤول، او الأخذ في الحسابات اوضاع هذا الحزب او ذاك، او من يستفيد من هذا الانتخاب ومن لا يستفيد. وانا ابن منطقة جزين الذي يدعوني الدستور الى انتخاب خلف للنائب المرحوم ميشال الحو، المس ان وراء تأجيل الانتخاب، عملية تقاطع مصالح، تبدأ «بتفهّم» وزير الداخلية نهاد المشنوق، عدم رغبة الرئيس نبيه بري اجراء الانتخابات، وعدم حماس حزب الله لها في اوضاعه الحالية، وعدم استعجال التيار الوطني لفتح معركة مع بري، ومراعاة لحزب الله، وكل ذلك على حساب الدستور والديموقراطية وحقوق ابناء جزين.