العنف المقونن هو التمييز ضد المرأة في القوانين اللبنانية بما يجعل العنف الممارس ضدّها مباحاً و«مشروعاً». لا يتبدّى ذلك فحسب في تصدّر النساء لائحة ضحايا العنف الأسري بمختلف أشكاله في غياب قانون يحميهنّ، وإنما أيضاً، على سبيل المثال، عندما لا يساوي قانون الضمان الاجتماعي ــــ العمود الفقري لشبكة الأمان الاجتماعي ــــ المرأة بالرجل، رغم أنها تساهم بالنسبة نفسها التي يساهم فيها الموظف أو العامل. ويتبدّى، أيضاً وأيضاً، في كل جلسةٍ نيابية تناقش مشروع قانون يتعلق المرأة، فيغلب على الجلسة هذه ثقل الوصاية الطائفية المتأتّي من ثقل 15 قانوناً للأحوال الشخصية، تشترك جميعها في الذكورية وفي تكريس التمييز ضد النساء وفي ما بينهنّ تبعاً لطائفة كل منهنّ، وفي السماح بتزويج الطفلات وانتهاك أرحام الفتيات، وإن كانت في ذلك خطورة أثبتها الطبّ.
أما التقليب في صفحات قانون العقوبات اللبناني، فمضرٌّ بالصحة النفسية قبل الجسدية. إذ تبيح مواده «جرائم الشرف» و«الاغتصاب الزوجي» و«سفاح القربى»… أما أن تُجهِضَ امرأة جنيناً نتيجة فعل اغتصاب، فهنا الطامة الكبرى. وفي جردة القوانين الرثّة، لا يمكن إلا التوقف عند قانون الجنسية، الطاعن في مواطنية المرأة اللبنانية، بحرمانها من حقها الطبيعي في منح جنسيتها لأولادها من أبٍ أجنبي. هي جردة لا بد منها للقول إن حقوق المرأة تفترض أكثر من قصائد عن «نصف المجتمع» وعن «الأم والأخت والزوجة»، وأن تمكينها وتطورها يقتضيان على المشرّع اللبناني إلغاء كل الأحكام والقوانين والأنظمة التي تميّز قطعاً بينها وبين الرجل في أيّ من ميادين الحياة السياسية والإدارية والاجتماعية والوطنية. وفي ما يأتي عرض لأهم التعديلات المقترحة على أبرز المواد
قانون الضمان الاجتماعي
في العام 2017 تقدّمت وزارة شؤون المرأة بمشروع قانون لتعديل بعض مواد قانون الضمان الاجتماعي، وافقت عليه الحكومة وأحالته إلى مجلس النواب في العام نفسه وحمل المرسوم رقم 3357. وفي ما يلي المواد المقترح تعديلها:
– المادة 14: تتحدّث عن تحديد الأشخاص المضمونين، وفي الفقرة «ب» من البند الثاني منها تسمح للزوج المضمون بضمان زوجته من دون شروط، أما في الفقرة «ج» من البند نفسه فتشترط أن يكون زوج المرأة المضمونة قد تجاوز الستين عاماً أو مصاباً بعاهة كي يستفيد من خدمات الضمان. فوجب تعديل الفقرة «ج» لتصبح: «زوج المضمونة غير القادر على تأمين معيشته ولا يستفيد من تقديمات أي صندوق»، من دون اشتراط تجاوزه الستين عاماً.
– المادة 46 تحدد تقديمات الصندوق العائلية والتعليمية، وفي الفقرة «ج» من البند الثاني منها، تحصر وجوب التقديمات عن الأولاد والزوجة الشرعية المقيمة في المنزل، من دون الإتيان على ذكر الزوج الشرعي المقيم في المنزل.
النص المقترح: «عن الزوج أو الزوجة الشرعية المقيمين في البيت في حال عدم مزاولتهما أي عمل مأجور».
– المادة 47: في الفقرة «أ» من البند 1 فيها، تحصر إعطاء التقديمات التعليمية والعائلية بالوالد، إلا إذا كانت حضانة الأولاد في عهدة الوالدة وحدها، ويُراد تعديلها لتصبح «للوالد أو الوالدة…».
الأحوال الشخصية
تحتكر الطوائف اللبنانية الأحوال الشخصية لرعاياها مع وجود 15 قانوناً للأحوال الشخصية، وفي ظل نظام أبوي – بطريركي، تكرّس تلك القوانين التمييز ضد النساء، وبين امرأة وأخرى تبعاً للطائفة. ومن هنا أتت المطالبة بإقرار قانونٍ موحدٍ للأحوال الشخصية يضمن التالي:
– إلغاء الوصاية الأبوية على الأولاد وجعلها وصاية والدية (للأب والأم).
– الحضانة المشتركة بين الزوجين المنفصلين.
– تحديد سن الزواج بـ18 عاماً لدى كل الطوائف.
قانون العقوبات
تتعدد المواد التمييزية ضد النساء في قانون العقوبات، وتطال أكثر من جانب. اقتراحات قوانين عدة قدّمت من أجل:
– إلغاء المادة 252 التي تبيح ارتكاب الجريمة «بفعل سورة غضب» وعادة ما يتم اللجوء إليها، كنوعٍ من إعادة إحياء المادة 562 المتعلّقة بـ«جرائم الشرف» بطريقة غير مباشرة بهدف تخفيف الأحكام.
– في المواد 487 و488 489 يظهر التمييز في مدة العقوبة بالحبس من شهر إلى سنة للرجال ومن 3 أشهر إلى سنتين للنساء. وفي قواعد إثبات الزنا، الأكثر صرامة على النساء منها على الرجال. وعند تحقق شروط الزنا تعاقب المرأة إذا زنت داخل أو خارج المنزل الزوجي، بينما يكتفى بمعاقبة الرجل فقط إذا زنا في المنزل الزوجي. بعض اقتراحات القوانين طالبت بالمساواة بين الرجل والمرأة في نصوص المواد، والبعض الآخر طالب باعتبار الزواج عقداً، وفي حال أخلّ أحد أطراف العقد به يتم الطلاق أو رفع دعوى، وليس ارتكاب جريمة تحت جنح القانون.
– إلغاء المادة 490 (سفاح القربى) وإدراجها تحت بند (الاغتصاب داخل الأسرة).
– تغيير المادة 503 التي تحصر فعل الاغتصاب بغير الزوج. لتشمل «إكراه الزوج على الجماع» والاعتراف تالياً بما يسمى بـ«الاغتصاب الزوجي».
– المطالبة بمنح الفتيات الحق في الإجهاض، خصوصاً إذا تعرّضن للاغتصاب.
– تفسير فعل «الفحشاء والمنافي للحشمة» الوارد في المادة 507، لأنه فعل اجتماعي وليس قانونياً، ويختلف تفسيره باختلاف المجتمعات المحلية.
– تعديل المادة 505 بشكل لا يعفى من العقوبة من جامع قاصراً وعاد وقرر الزواج منها كما هو حاصل حالياً.
العنف الأسري
بعد 6 سنوات على صدور قانون العنف الأسري رقم 293/2014، أقرّ مجلس النواب تعديلات لنصف أحكامه تقريباً بقانون رقم 204 بتاريخ 30/12/2020، وذلك بناء لاقتراح صاغته منظمة «كفى» ووزارة العدل والهيئة الوطنية لشؤون المرأة، وتبنّاه لاحقاً ووقّعه عشرة نواب يمثّلون غالبية الكتل. إلا أن التعديل الأخير جاء منقوصاً. إذ إن مجلس النواب لم يأخذ باقتراحات تعديل المواد 3 و12 و14 كما وردت في الاقتراح، وهي لا تزال محّل متابعة ومطلب تغييري. ويمكن إيجازها كالآتي:
– تجريم الاغتصاب الزوجي ووضع عقوبة له.
– تخصيص أمر الحماية للنساء، منعاً للممارسات الكيدية من قبل بعض الرجال الذين تقدموا بطلب حماية مقابل الطلب المقدم من زوجاتهم.
– شمول الأطفال ضمن أمر الحماية لغاية عمر 18 عاماً وبغض النظر عن سنّ حضانتهم، وتكريس حق المرأة في إخراج أولادها معها حكماً. السن المعمول به حالياً 13 عاماً.
– إلزامية جلسات التأهيل للمعنِّف في قرار الحماية.
قانون الجنسية
بما أن قانون الجنسية اللبنانية الصادر بالقرار رقم 15 تاريخ 19/1/1925، تضمن نصوصاً تميّز بين الرجل والمرأة في مواده (1 و2 و4 و5 و6 و7 و10 و11) سيّما في منح حق الجنسية للأطفال، وبما أن تعديله بالقانون الصادر بتاريخ 11/1/1960 يحمل أيضاً تمييزاً في مادتيه (4 و5) المختصتين بالتابعية اللبنانية، وكذلك الحال في المادة الأولى من القانون رقم 572 في تاريخ 1/8/1996، فإن غبناً كبيراً يلحق بالمرأة اللبنانية المتزوجة من أجنبي في عدم الاعتراف بمواطنيتها وحرمان زوجها وأولادها من الجنسية اللبنانية بما يخرق مبدأ المساواة الدستوري، وبما يمنعها مع عائلتها وأسرتها من التمتع بحقوق المواطنية والقيام بواجباتها لجهة حقوق التملك والإقامة والعمل والاستشفاء والسكن والتعليم والمشاركة في الحياة السياسية والوطنية.
وعليه، تقدّمت جهات سياسية مختلفة باقتراحات عديدة لتعديل قانون الجنسية، بقيت جميعها ضمن إطار البازار الطائفي، أبرزها الاقتراح الذي يسمح بمنح المرأة جنسيتها لزوجها وأطفالها باستثناء المتزوجة من فلسطيني أو سوري والذي يتبناه التيار الوطني الحر. أما آخر اقتراحين فكانا بعد الانتخابات النيابية الأخيرة عام 2018، الأول من نائب «اللقاء الديموقراطي» هادي أبو الحسن، والثاني من نائبة «المستقبل» رولا الطبش ولم يُدرجا لغاية اليوم على جدول أعمال أي جلسة نيابية، علماً أنهما الأكثر توافقاً ومطالب جمعية «جنسيتي حق لي ولأسرتي» الناشطة في موضوع الجنسية. المواد المقترح تعديلها:
المادة 1، البند 1: تنص على أنه «يُعدّ لبنانياً كل شخص مولود من أب لبناني»، ويقترح التعديل أن تصبح «… من أب أو أم لبنانية».
المادة 2:
النص الحالي: «إن الولد غير الشرعي الذي تثبت بنوّته وهو قاصر يتخذ التابعية اللبنانية إذا كان أحد والديه الذي ثبتت البنوة أولاً بالنظر إليه، لبنانياً. وإذا كان برهان ثبوت البنوة بالنظر إلى الأب والأم ناتجاً عن عقد واحد أو حكم واحد اتخذ الابن تابعية الأب إذا كان هذا الأب لبنانياً»
اقتراح التعديل: «…إذا كان برهان ثبوت البنوة بالنظر إلى الأب والأم ناتجاً عن عقد واحد أو حكم واحد اتخذ الولد تابعية الأب أو الأم إذا كان هذا الأب أو الأم لبناني الجنسية».
المادة 4:
النص الحالي: «إن المقترنة بأجنبي اتخذ التابعية اللبنانية، والراشدين من أولاد الأجنبي المتخذ التابعية المذكورة، يمكنهم إذا طلبوا أن يحصلوا على التابعية اللبنانية بدون شرط الإقامة، سواء أكان ذلك بالقرار الذي يمنح هذه التابعية للزوج أو للأب أو للأم أو بقرار خاص. وكذلك الأولاد القاصرون لأب اتخذ التابعية اللبنانية أو لأم اتخذت هذه التابعية وبقيت حية بعد وفاة الأب فإنهم يصيرون لبنانيين إلا إذا كانوا في السنة التي تلي بلوغهم الرشد يرفضون هذه التابعية».
اقتراح التعديل: «إن المقترن أو المقترنة بأجنبي/ة… وكذلك الأولاد القاصرين لأب أو لأم اتخذ أي منهما التابعية اللبنانية فإنهم يصيرون لبنانيين إلا إذا كانوا في السنة التي تلي بلوغهم الرشد يرفضون هذه التابعية».
المادة 5:
النص الحالي: «إن المرأة الأجنبية التي تقترن بلبناني تصبح لبنانية بعد مرور سنة على تاريخ تسجيل الزواج في قلم النفوس بناء على طلبها».
اقتراح التعديل: «إن المرأة الأجنبية المقترنة من لبناني والرجل المقترن من لبنانية يصبحان لبنانيين…»
المادة 6:
النص الحالي: «إن المرأة اللبنانية التي تقترن بأجنبي تبقى لبنانية إلى أن تطلب شطب قيدها من سجلات الإحصاء لاكتسابها جنسية زوجها».
اقتراح التعديل: «إن اللبناني أو اللبنانية الذي يقترن بشخص من التابعية غير اللبنانية يبقى لبنانياً…».
المادة 7:
النص الحالي: «يجوز للمرأة التي فقدت جنسيتها اللبنانية اثر اقترانها بأجنبي أن تستعيد هذه الجنسية بعد انحلال الزواج بناء على طلبها. إن اللبنانيات اللواتي تزوجن قبل إحصاء سنة 1932 وخسرن جنسيتهن بالزواج ولم يكن لهن قيد في سجلات هذا الإحصاء يمكنهن بعد انحلال الزواج الحصول على حكم قضائي بقيدهن إذا ثبت وجودهن بتاريخ 30 آب سنة 1924 على الأراضي اللبنانية. أما من وجد منهن خارج الأراضي اللبنانية بالتاريخ المذكور فيمكنهن استعادة جنسيتهن اللبنانية بموجب المادة الثانية من قانون 31 كانون الثاني سنة 1946».
والمادة 4 المضافة بالقانون الصادر في 11/1/ 1960: «يمكن للمرأة اللبنانية التي فقدت جنسيتها باقترانها من أجنبي قبل صدور هذا القانون أن تستعيد هذه الجنسية بناء على طلبها».
اقتراح التعديل للنصين: «يجوز لأي من اللبناني أو اللبنانية الذي فقد جنسيته اللبنانية… إن اللبنانيات اللواتي تزوجن قبل إحصاء سنة 1932 وخسرن جنسيتهن بالزواج ولم يكن لهن قيد في سجلات هذا الإحصاء يمكنهن الحصول على حكم قضائي بقيدهن إذا ثبت وجودهن بتاريخ 30 آب 1924 على الأراضي اللبنانية…».
المادة 10:
النص الحالي: «مع الاحتفاظ بحقوق الاختيار المنصوص عليها في معاهدة الصلح الممضاة في لوزان سنة 1923، يعد لبنانياً كل شخص مولود في أراضي لبنان الكبير من أب ولد فيه أيضاً، وكان في 1 تشرين الثاني سنة 1914 حائزاً للتابعية العثمانية».
اقتراح التعديل: «…يعد لبنانياً كل شخص مولود في أراضي لبنان الكبير من أب أو أم ولدا فيه أيضاً…»
المادة 11:
النص الحالي: «إن الأولاد والنساء المتزوجات الذين يكونون قد اكتسبوا التابعية الأجنبية بمقتضى المادة 36 من معاهدة الصلح المعقودة في لوزان يجوز لهم أن يتخذوا التابعية اللبنانية بموجب قرار من رئيس الدولة بعد التحقيق وبشرط أن يكونوا مقيمين في أراضي لبنان وذلك بتقديمهم تصريحاً بهذا الشأن في السنة التي تلي بلوغ الرشد أو انحلال الزواج».
اقتراح التعديل: «…ودون شرط انحلال الزواج».