الوباء يقضي على قطاع “البغاء” عالمياً
باتت “الدعارة الالكترونية” آمنة في زمن “الكورونا”. يعتمدها “القواد الالكتروني” لعرض فتيات الهوى افتراضياً عبر مواقع التواصل الاجتماعي مقابل مردود مالي. تجارة ازدهر سوقها في لبنان مع انتشار الفيروس مقابل تراجع التوقيفات الامنية لشبكات الدعارة الحقيقية. فالسجون مكتظة، وضبط تجار “الجنس” ليس أولوية في هذه المرحلة. فما وضع “الدعارة” في لبنان والعالم في زمن “الكورونا”؟
الاسبوع الماضي، تمكنت مفرزة البحث والتدخل التابعة لوحدة الشرطة القضائية من توقيف “م.ع” في عمشيت، سوري الجنسية ويحمل عدة القاب منها: صدام، الشبح والشيخ صدام، وبحقه ثماني اسبقيات بجرم تسهيل الدعارة والاتجار بالبشر. على الأثر، تمت مداهمة شقتين الأولى في منطقة كفرياسين طبرجا والثانية في منطقة البوار الموضوعتين تحت المراقبة، حيث تم توقيف ست فتيات سوريات بمعظمهن، يعملن لديه في مجال الدعارة. الاجهزة الامنية في المنطقة، كانت على علم بعمل “الشبح” منذ فترة، الا أنّ همومها “الأساسية”، شغلتها عن ملاحقته، تاركةً الموضوع في يد الشرطة القضائية. فهل باتت ملاحقة شبكات الدعارة” مهامّ ثانوية؟
“part time” غير شرعية بالدعارة
بتهكّم، يجيب مصدر أمني متابع: “انخفض او ارتفع العمل بالدعارة، سؤال غير مهم! فالاهم هو من سيهتم بتوقيفهم حالياً؟ الاجدر القول، إنه تراجعت نسبة توقيف الشبكات في زمن “الكورونا” والاوضاع الصعبة التي تمر بها البلاد… فالسجون مكتظة، والنيابات العامة مقفلة، بالاضافة الى “لبكة” اخضاع الموقوف الى فحص “PCR”. ليس هذا فحسب، فالموضوع لا يقتصر على الشبكات التي تضم اللاجئين، فهل تساءلتم ماذا تفعل العاملات الأجنبيات اللواتي يعملن في النوادي الليلية المغلقة بسبب التعبئة العامة؟ الاجابة سهلة “part time” غير شرعية بالدعارة”!
واذا كان من النادر أن نرى من يتحرك لمكافحة “الدعارة”، فما هي اولويات الاجهزة الأمنية في هذه الفترة؟ يقول المصدر عينه إنّ “حماية المواطن ولقمة عيشه، شغلنا الشاغل، يوجد من يتعرض للسرقة والنصب والاحتيال. كذلك، تنتشر الدولارات المزورة بشكل هستيري في السوق، ونحن نصب كل جهودنا لضبطها ولمكافحة الجريمة. باختصار، هذه هي أولوياتنا، أمّا الدعارة، فنتركها على عاتق مكتب مكافحة الاتجار بالبشر وحماية الآداب، فليقم كلّ بدوره! مضيفاً: “بالكاد تتوافر الاماكن لسجن السارقين”.
دعارة “Online”
لا احصاءات رسمية عما اذا كان قد ارتفع العمل في الدعارة أو انخفض في زمن “الكورونا” في لبنان، الّا أنّ الأكيد أنّ هذه التجارة تغيرت وتأقلمت مع الوضع المستجدّ، وأصبحت متاحة “Online”، لكل من يرغب بالحصول على “المتعة”. فبيوت الدعارة لم تعد كما كانت عليه، وكذلك العاملون فيها. وحديثاً، لن يحتاج الباحثون عن المتعة إلى مغادرة منازلهم لشراء اللذة من بائعات هوى في أماكن مشبوهة، فالعملية سهلة، لا تتطلب أكثر من “نقرة” على اعلان “استمتع بخدماتنا مع فتاة ساخنة ومثيرة في بيروت”، أو “إختر فتاة لتخفيف التوترات اليوميّة عن جسدك”، لتظهر أمامكم لائحة يضعها في متناولكم “القواد الالكتروني” يسمح لكم من خلالها باختيار فتاة “عربية، لبنانية، سورية، شقراء سمراء، نحيفة، ممتلئة…” بعدها يختار “الزبون” إحدى الحسناوات، إمّا عبر الموقع الإلكتروني الخاص بالصفحة إن وجد، أو عبر الاتّصال برقم الهاتف المرفق، أو اختيار “الخدمة” عبر تطبيق “واتساب”. كذلك، يعرض الكثير من مواقع التعارف على الإنترنت عشرات الفتيات المراهقات تحت ستار راغبات في التعارف، وهن يعرضن على من يحاول التعرف إليهن عرض أجسادهن والتعرّي أمام كاميرات أجهزتهن مقابل تحويل بطاقات تشريج هاتفي إلى أرقامهن. في هذا السياق، يؤكد مصدر أمني رفيع أنّ “الدعارة الآمنة للحد من كورونا” أصبحت عن طريق الـ”online”، وهذا النوع ليس جديداً في لبنان، وقد تكون “الكورونا” السبب في زيادة وتيرته في الايام الأخيرة. أمّا بالنسبة لنا، فلا تختلف “الدعارة الحقيقية” عن “الافتراضية”، ونحن نهتم بملاحقة كل متورط بهذه الاعمال، ان كان من خلال مكتب مكافحة الاتجار بالبشر وحماية الآداب، أو من خلال مكتب مكافحة جرائم المعلوماتية في ما يخص الدعارة “الافتراضية” من خلال متابعة صور العري الموثقة لقاء مبلغ مالي، والتي نحصل عليها ان كان من خلال المواقع المنتشرة بيننا باللغة العربية أو من خلال التطبيقات المصممة لهذا الهدف، فنتابع المعطيات الى حين الوصول الى نتيجة والقاء القبض على المتورطين”.
“الكورونا” والدعارة العالمية
عالمياً، أثر وباء كورونا إيجاباً على أرقام مبيعات العديد من متاجر الألعاب الجنسية عبر الإنترنت، لكنه انعكس سلباً على العاملين في بيوت الدعارة فتراجع نشاط الدعارة المقوننة وغير المقوننة في دول الغرب أيضاً. وبجولة حول “بيوت الدعارة” العالمية، لوحظ تكبد العاملين في “قطاع” الدعارة في الدول الأوروبية والولايات المتحدة أضراراً بالغة بعد فرض إجراءات التباعد الاجتماعي والقيود المشددة وإغلاق نوادي التعري وبيوت الدعارة، ما دفع ببعض العاملات إلى تقديم خدماتهن على الانترنت. وفي بلجيكا، نشرت المجموعة البلجيكية للعاملين في مجال الدعارة” UTSOPI” على موقعها على الإنترنت، إقتراحاً لبروتوكول، تشدد فيه على ضرورة امتثال العاملين في مجال الدعارة وعملائهم لبعض تدابير النظافة الصارمة لممارسة مهنتهم، ولا سيما ارتداء قناع الفم إلزامياً. وأمام تراجع الزبائن والخسائر اللافتة، أغلقت الشرطة البلجيكية ثلاثة فنادق في المنطقة الحمراء في بروكسل المشهورة بالدعارة، بعدما تجاهل العاملون في مجال الجنس الإجراءات الحكومية التي تأمر الناس بالبقاء في المنزل، وبعد شكاوى متكررة من السكان المحليين. الى ذلك، ضرب الإغلاق العام للحد من انتشار فيروس كورونا المستجد في هولندا متاجر حي الدعارة الأشهر في العالم “Red Light”، متسبباً في معاناة مالية كبيرة للفتيات العاملات فيه. في فرنسا، ومع انخفاض عدد الزبائن، أجبر الفيروس فتيات الليل على النزول إلى الشوارع للبحث عن زبائنهن، في وقت تفرض فيه الشرطة على الناس البقاء في منازلهم. وعلى الرغم من أنّ الدعارة في فرنسا قانونية، إلا أنّ سيدات الليل اللواتي يعملن لحسابهن الخاص، لن يستطعن المطالبة بالمساعدات التي وعدت بها الحكومة الفرنسية للعمال المستقلين للتعويض عن انخفاض نشاطهم بسبب تفشي الفيروس.
ولم تختلف الصورة كثيراً في ألمانيا، حيث فرض انتشار فيروس كورونا تعديلات على العاملات في هذا المجال، فقد أغلقت بعض بيوت الدعارة الألمانية من دون سابق إنذار، ما دفع بعض العاملات الى البحث عن طرق بديلة لمواصلة عملهن، إن كان في المنازل أو الشوارع. وتجدر الاشارة، الى أنّ العمل الجنسي قانوني في المانيا، الا انّ كثيرين من اصحاب هذه “المصالح” تركوا العمل في هذا المجال خوفاً من انتشار “الكورونا”. كذلك، أعلنت مؤسسة “Pascha” التي تعتبر أحد أكبر بيوت الدعارة في أوروبا إفلاسها بعدما تضررت من الإجراءات الخاصة بمكافحة فيروس كورونا في المانيا. ويعدّ “Pascha” المؤلف من 10 طوابق معلماً رئيسياً في مدينة كولونيا الألمانية. وقال مدير الدار أرمين لوبشيد “وصلنا إلى النهاية”. وتعمل نحو 120 مومساً في ” Pascha”، إضافةً إلى نحو 60 موظفاً بمن فيهم الطهاة ومصففو الشعر والعاملون في قطاعي الأمن والنظافة. وبسبب انعدام مداخيل العاملات في القطاع الجنسي أصبح من الصعب على المؤسسة دفع أجور بقية العمال. أمّا في تايلاند، فيوجد ما يقارب 30 ألف عاطل عن العمل، في مجال الدعارة، في كلٍ من بانكوك ومنتجعات فوكيت وباتايا، والكثير منهم ليس لديهم ضمان اجتماعي ولا أي شكل آخر من أشكال الحماية ويجدون أنفسهم أكثر عرضة للوباء. وفي بنغلادش، هناك ما يقارب 1500 عاملة في مجال الجنس يعانين من الجوع الشديد في داولاتديا، شرق البلاد، حيث أغلق أحد أكبر بيوت الدعارة في العالم بسبب فيروس كورونا. في الولايات المتحدة الاميركية، توقف حوالى مليون عامل وعاملة في مجال الجنس عن العمل منذ شهر آذار الماضي مع وصول وباء كوفيد 19 الى أميركا. كذلك، يقول العديد من العاملات في الجنس في بوليفيا إنهنّ سيعدن إلى العمل باستخدام القفازات والمطهرات. وبحسبهن، إنّ هذه التوصيات التي اقترحتها منظمة العمال الليليين في بوليفيا ستساعد في الحفاظ على سلامة الجميع. وعلى الرغم من تخفيف القيود قليلاً في هذا البلد الاميركي الجنوبي، الا أنّ بعض المهن بما في ذلك العمل في مجال الجنس، لا يزال مقيداً.