الانقشاع السياسي يتحسّن شيئا فشيئا، الرئيس سعد الحريري، يستعد لزيارة باريس تلبية لدعوة الرئيس ماكرون، والرئيس ميشال عون، يتحدث لنقابتي الصحافة والمحررين عن النأي بالنفس، المشروط اعتماده في الأسباب الموجبة للاستقالة التي أعلنها الحريري من الرياض، والوزير الياس بوصعب، المستشار الرئاسي يدوّر زوايا المواقف الرئاسية الحادة أحيانا، لتبقى العبرة في التنفيذ.
المصادر المتابعة، لا ترى التنفيذ بعيدا، اليوم الجمعة أو غدا السبت يفترض انتقال الحريري من الرياض الى باريس، ليتابع من هناك مجريات الجلسة الصعبة لمجلس وزراء خارجية دول الجامعة العربية في القاهرة يوم الأحد، ومع ان السعودية هي الداعية للاجتماع، ولاتخاذ موقف من ايران وحزب الله على خلفية اطلاق الصاروخ الباليستي من اليمن، مباشرة على مطار – الرياض الذي يحمل اسم الملك خالد بن عبدالعزيز، فان سعد الحريري يحمّل الهمّ… همّ مستوى مشاركة الحكومة اللبنانية، بوزير الخارجية جبران باسيل، الذي حطّت طائرته في مطار موسكو امس، أو السفير في القاهرة علي الحلبي. وهمّ الموقف الذي على ممثل لبنان أن يعتمده، في حال طرح على التصويت قرار ادانة للعدوان على السعودية، هل يصادق على القرار مع الاجماع أو شبه الاجماع العربي، أم يتحفظ، أم ينأى بنفسه بالامتناع عن التصويت؟
وواضح انه وراء كل موقف من هذا مشكلة تنتظر، فالتصويت مع القرار مشكلة مع حزب الله، وبالتالي مع فريق الممانعة، والتحفظ عليه مشكلة مع الرئيس سعد الحريري وله… أما مع النأي بالنفس، فالمشكلة مزدوجة، لكن أضرارها موزعة وبالتالي أقلّ.
المصادر المتابعة تشير الى ان التحفظ على قرار الادانة، حال اعتماده، يعني ان عودة الرئيس الحريري الى بيروت، سيرة تطول… ومعناها الجلي والواضح ان الأسباب الموجبة للاستقالة، ما زالت خارج اعتبار شركاء السلطة، فما الفائدة من العودة الى البلد، وعن الاستقالة، أو اعطائها الطابع الدستوري، افساحا في المجال، للخروج من هذا المأزق، بتكليف جديد وتصريف سليم، للأعمال الحكومية؟
من هنا، فان عودة الحريري الى بيروت، لاعادة تنظيم اجراءات استقالة حكومته مرتقبة، بعد أحد الجامعة العربية لا قبله، وقبل عيد الاستقلال، الأربعاء المقبل لا بعده، فالمشاركة باحتفالات الاستقلال تعني يا دار ما دخلك شرّ، أما عدم المشاركة فيعني ان الشرّ حاضر ومقيم.
وفي حال عادت المياه الحكومية الى مجاريها، بالاستقالة واعادة التكليف بالتأليف ومن ثم بتصريف الأعمال، ثمة تفاهم ضمني أو مباشر على عدم استعجال التأليف، ليستمر تصريف الأعمال حتى الانتخابات النيابية المقررة في أيار، طالما ان جهابذة الفقه الدستوري أفتوا بأهلية حكومة تصريف الأعمال للاشراف على الانتخابات النيابية.
ومعنى ذلك ان تصريف الأعمال سيمتد مسافة ستة أشهر متواصلة، وفي هذه الحالة، طرح أحد أعضاء نقابة المحررين على الرئيس ميشال عون خلال استقباله أعضاء النقابتين أمس، سؤالا حول طبيعة التصرف، فيما لو طرأ طارئ، في هذا الزمن الاقليمي العاصف، واستدعت الحاجة قرارات حكومية تتجاوز حدود التصريف الاداري؟
وكان جواب الرئيس: هناك اجراءات تسمح بعقد جلسات استثنائيا، يمكن طلبها من مجلس النواب…
هنا طرح نواب من تيار المستقبل مخاطر تشريع عقد جلسات للحكومة المستقيلة، من حيث الدعوة لعقد مثل هذه الجلسات، بغياب رئيس حكومة تصريف الأعمال مثلا؟ فالأمين العام لمجلس الوزراء يوجه الدعوات عادة، لكن رئيس الحكومة حصرا، هو من يقرر ويطلب منه توجيهها، بعد اعداد جدول الأعمال بالتشاور مع رئيس الجمهورية…
في هذه الحالة، هل يرجع الطلب الى رئيس الجمهورية، أو يعطى لنائب رئيس الحكومة، وماذا في الحالين يبقى لرئاسة مجلس الوزراء؟
هذا السؤال طرح من قبل زوار دار الفتوى أمس…